17/10/2020 - 21:05

"تسريبات كلينتون": هياج إعلام الثورة المضادة

أثارت تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، حول رسائل هيلاري كلينتون التي نُشر آخرها عام 2019، عاصفة من ردود الأفعال "الغريبة" في الإعلام والصحافة العربية بينما لم تنبِس الصحافة الأميركية ببنت شفاه واكتفت بالسخرية.

قطيش (تصوير شاشة)

تداولت وسائل إعلام عربيّة ودولية ناطقة بالعربيّة (مثل "روسيا اليوم") خلال الأسبوع أخبارًا عنونتها بـ"تسريبات كلينتون" في إشارة إلى وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، قالت وسائل الإعلام هذه إن وزير الخارجيّة الأميركي، مايك بومبيو، أفرج عنها مؤخّرًا بطلب من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

فأين الخطأ في ذلك؟

الخطأ الأوّل في أن هذه الرسائل ليست "تسريبات"، إنما منشورة علنًا على موقع وزارة الخارجيّة الأميركيّة الرسمي، بدءًا من العام 2014 وحتى العام 2019، بموجب قانون حريّة تداول المعلومات، وخضعت لمراجعة أمنيّة مشدّدة.

الخطأ الثاني أن هذه الرسائل ليست جديدة ولم يفرج عنها مؤخرًا، بل إن أحدث رسالة رُفعت السريّة عنها كانت في العام الماضي.

تجييش إعلامي في معسكرات المنطقة

ومن أبرز القنوات التي تناولت هذه الرسائل هي "سكاي نيوز عربيّة"، التي أفردت لها تغطية خاصّة على قناتها، رغم أن الشركة الأم "سكاي نيوز" البريطانية لم تتداول الوثائق أبدًا، وبالتأكيد لم تطلق عليها حين فعلت قبل أعوام توصيف "تسريبات".

وجيشّت "سكاي نيوز عربيّة" الرسائل في إطار سياسة القناة، بدءًا من الأزمة الخليجيّة وصولا إلى حكم الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، لمصر. فعنونت إحدى نقاشاتها بـ"إدارة أوباما والدوحة... وملفات ’الربيع العربي’"، وقالت المذيعة في تقديمها للفقرة إنها تكشف عن "علاقة مريبة"، وخاضت في النقاش لمدّة 22 دقيقة دون الإشارة إلى أنها ليست جديدة وليست تسريبات.

نديم قطيش: أراد أن يتحاذق.. فوقع

أمّا الأطرف، فكان في برنامج "الليلة مع نديم" الذي يقدّمه نديم قطيش ويفترض أنه يقدّم قراءة نقدية لتعاطي الإعلام مع قضايا المنطقة. فانتقد البرنامج "تجاهل الإعلام القطري لتسريبات كلينتون" ولم يكلّف نفسه عناء انتقاد القناة التي يعمل فيها، وأنها ليست تسريبات أصلا وليست جديدة!

كما تداولت قنوات مثل "العربية" و"روسيا اليوم" و"الغد" وقنوات مصرية أخرى هذه الرسائل وكرّرت الأخطاء السابقة.

وكان لافتًا أن القنوات المصرية، سواءً المعارضة مثل "مكملين" أو المؤيّدة مثل "إم بي سي مصر" أو "أون تي في" قدّمت قراءة مغايرة لنفس الرسائل، فبينما وصفتها مكمّلين بأنها "تكشف أطماع المجلس العسكري في حكم مصر"، قالت قناة "أون تي في" إنها تثبت علاقة الإخوان بالخارج".

البياري: هياج إعلامي.. بالغ الغباء

وفي تعليقٍ على ما حدث كتب رئيس قسم الرأي في "العربي الجديد"، معن البياري، عبر صفحته في فيسبوك: "'روسيا اليوم'، 'العربية نت'، موقع 'اليوم السابع'، 'العين الإخبارية'، 'سكاي نيوز العربية'، ... غريب وعجيب جدا أن ’تنفرد’ (الأسبوع الماضي) هذه المنصّات الإخبارية، وأمثالها، (ومعها 'الميادين نت' التي نشرت مقالا)، بنشر مضامين رسائل ’سرية’ لرسائل إلكترونية (إيميلات) لهيلاري كلينتون، إبّان كانت وزيرة الخارجية الأميركية، عن دعم الولايات المتحدة، وإدارة باراك أوباما، الإخوان المسلمين، لإيصالهم إلى الحكم في مصر (وغيرها)، وتأمين دعم إعلامي لهم .. غريب جدا أن تنفرد هذه المنصّات وحدها بنشر تلك الرسائل "السرية"، فيما لا تذكر 'واشنطن بوست' أو 'نيويورك تايمز' أو 'سي إن إن' شيئا عن هذا كله. غريبٌ حدا كل ذلك التفوّق المهني للمنصات تلك، مع الإخفاق الإعلامي لأهم صحفيتين في العالم، وهما أميركيتان وتصدران في الولايات المتحدة.. كيف أمكن ل "العين الإخبارية" أن تعرف مضامين تلك الرسائل، ويفوت هذا 'واشنطن بوست' مثلا؟".

وتابع "الجواب، ببساطة، لأنه لا رسائل لهيلاري تسرّبت مضامينها أخيرا، ولم تنشر وزارة الخارجية الأميركية، أخيرا (الأسبوع الماضي) شيئا من هذا ...".

وخلص إلى "اخترع أحدهم، أو جهة ما، (لا أعرف) القصة كلها، ثم تم اجتزاء أقاويل ونتف ومواجيز من رسائل لهيلاري تم الكشف عنها سابقا، في العام 2015 مثلا، مع إضافات وتأليفات، في هياج إعلامي يسوق عليك الذكاء، فيما هو بالغ الغباء".

التعليقات