03/06/2021 - 18:26

أحداث فلسطين تتصدر الأخبار الزائفة لدى العرب في أيار 2021

تابع موقع مسبار في شهر أيار/ مايو 2021، جهوده في مكافحة الأخبار الزائفة في الفضاء الرقمي العربي، وفي تقويض انتشار المحتوى المضلّل في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. إذ نشر "مسبار" 308 مقال فحص حقائق، منها 142 مادة حملت

أحداث فلسطين تتصدر الأخبار الزائفة لدى العرب في أيار 2021

مظاهرة داعمة لفلسطين (أ. ب.)

تابع موقع مسبار في شهر أيار/ مايو 2021، جهوده في مكافحة الأخبار الزائفة في الفضاء الرقمي العربي، وفي تقويض انتشار المحتوى المضلّل في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. إذ نشر "مسبار" 308 مقال فحص حقائق، منها 142 مادة حملت تصنيف أخبار، و101 مقال تناول موضوعًا سياسيًا، وتراوحت بقية المقالات بين تصنيفات الصحة والثقافة والسفر والرياضة وغيرها.

ومن بين الـ 308 مقال فحص حقائق، كان هنالك 213 موضوعًا مضلّلًا، و83 زائفًا، فيما توزعت بقيّة الموضوعات على تصنيفات صحيح وإثارة وانتقائي وساخر.

وبالنسبة للبلدان، كان لفلسطين الحصة الأكبر من المقالات، إذ نشر "مسبار" 129 مقالًا يخص الأحداث التي شهدتها فلسطين خلال شهر مايو، و23 مقالًا عن أخبارٍ كاذبة ترتبط بمصر، وتناول ما تبقى من مقالات موضوعات من بلدان مختلفة، عربية وأجنبية، كما هو موضّح في الشكل(3).

كما نشر "مسبار" 37 مدوّنة، تناولت قضايا عديدة، حلّلت المحتوى الإعلامي الذي واكب الأحداث في فلسطين، وشرحت مسائل تكنولوجية مثل انحياز الخوارزميات وتقنية الزيف العميق، وغطّت الأخبار المرتبطة بالمساعي الدولية لمكافحة الأخبار الزائفة، إضافة إلى عدد من المدونات التي عالجت مسائل مرتبطة بمخاطر الأخبار الزائفة.

واستعرض "مسبار" أمثلة عن تحققاته من الأخبار الكاذبة التي انتشرت في الفضاء الرقمي العربي، وتمحورت حول أبرز القضايا والأحداث خلال هذا شهر أيار 2021.

المشهد الفلسطيني: هبّة القدس والعدوان على غزة

منذ محاولة المستوطنين الإسرائيليين تهجير أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وحتى إعلان وقف إطلاق النار بين قوات الاحتلال وفصائل فلسطينية يوم 21 مايو الفائت، تصدّر المشهد الفلسطيني قائمة اهتمام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية، ووسائل الإعلام العربية والعالمية التي غطّت مجريات الأحداث وتداعيات العدوان على غزة. في المقابل لاقت مئات الأخبار الزائفة المرتبطة بتداعيات ما جرى في فلسطين، رواجًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي. فيما يلي مجموعة نماذج للأخبار المضللة والكاذبة التي انتشرت تزامنًا مع تطورات الأحداث على الأرض، والتي رصدها "مسبار" وتحقق منها.

الاحتلال يُروّج أخبارًا مفبركة

رافقت محاولة المستوطنين الاستيلاء على منازل مقدسيين في حي الشيخ جراح، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حملة تضليل شنتها بعض منابر الاحتلال الإعلامية إضافة إلى سياسيين وعسكريين إسرائيليين، ساهمت بنقل المعركة بين الاحتلال والفلسطينيين إلى الفضاء الرقمي.

فعلى سبيل المثال نشر أوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مقطع فيديو في صفحته على "تويتر"، زاعمًا أنّه لإطلاق المقاومة الفلسطينية صورايخ من مناطق مأهولة بالسكان داخل قطاع غزة. تحقّق "مسبار" من المقطع ووجده مُضلّلًا، فهو قديم ومنشور على "يوتيوب" منذ يونيو/حزيران عام 2018، على أنّه لاستهداف صواريخ النظام السوري مواقع للمعارضة في محافظة درعا.

كما نشر مسؤولون إسرائيليون، من بينهم أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم جيش الاحتلال، مقطع فيديو زعم أنّه لاستهداف حركة حماس المسجد الأقصى بالصواريخ. ادعاء أدرعي مضلّل، إذ إنّ كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، لم تستهدف المسجد الأقصى إنّما استهدفت برشقات صاروخية مدينة القدس المحتلة، ردًّا على محاولة تهجير أهالي حي الشيخ جراح، واقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى.

وفي السياق ذاته، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صورة على أنها لإسماعيل هنيّة، وهو يُقبّل يد المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، إلّا أنّ "مسبار" وضّح أنّ الصورة مركبة من صورتين اثنتين. كذلك زعم نتنياهو أنّ البوسنة والهرسك عبّرت عن دعمها لإسرائيل، إلّا أنّ وزيرة خارجية البوسنة والهرسك نفت في تغريدةٍ على "تويتر" مزاعم نتنياهو، وأكّدت دعم بلادها التوصل إلى حلّ سلمي بين فلسطين وإسرائيل.

محتوى قديم يُعاد نشره على أنه من الأحداث الأخيرة

انتشرت مجموعة من الصور خلال هبّة القدس الأخيرة، تداولها مستخدمون على أنهّا التُقطت خلال الأحداث الأخيرة، إلّا أنّ "مسبار" تثبّت من أنّها قديمة. فعلى سبيل المثال هذه الصورة انتشرت تزامنًا مع الحراك الشعبي الرافض لمساعي قوات الاحتلال تهجير أهالي حي الشيخ جرّاح من منازلهم، وتظهر فيها شرطة الاحتلال وهي تعتدي على كاهنٍ في القدس المحتلة، لكنّ الصورة قديمة وتعود إلى عام 2018، عندما اعتدت شرطة الاحتلال على رهبان كنيسة الأقباط في القدس.

كما تداول مستخدمون صورة لمستوطنيين إسرائيليين يسخرون من سيدة مقدسيّة، الصورة لم تكن حديثة إنّما تعود إلى عام 2010، عندما اعتدى متسوطنون لفظيًّا على سيّدة من حي الشيخ جرّاح.

صورة أخرى تُظهر كيف رفع المتظاهرون في القدس علم الثورة السورية خلال الاحتجاجات، كشف "مسبار" أنّها قديمة وتعود إلى تموز/ يوليو عام 2017.

وفي سياق العداون الإسرائيلي على قطاع غزة انتشرت صورة ادعى ناشروها أنهّا لانتشال جثمان مقاومٍ من تحت الأنقاض، لكن "مسبار" تحقّق منها، ووجدها قديمة وتعود إلى مخيم جنين عام 2002. كما تداول مستخدمون صورة لطفلتين في حوض الاستحمام بين ركام منزلهما الذي تعرّض للقصف خلال العدوان الأخير على غزة. فنّد "مسبار" حقيقة الصورة، وتأكّد أنها من غزة، لكنها من عام 2014 وليست خلال الأحداث الأخيرة.

بين التضامن الحقيقي والمفبرك

وفي سياق حملات التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية، على خلفية الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وعلى أهالي القدس، وفلسطينيي الداخل، انتشرت عدّة أخبار على شكل صور، ادّعت أنّها لأوجه التضامن مع الشعب الفلسطيني. منها صورة انتشرت على أنها لإضاءة شارع الحبيب بورقيبة في تونس بعلم فلسطين، لكنّ الصورة مفبركة، وتمّ التعديل رقميًّا على الصورة الأصلية. كما انتشرت صورة لإضاءة أهرامات مصر بألوان العلم الفلسطيني، كذلك تحقق "مسبار" منها وتثبّت من أنّها مفبركة وتمّت إضافة علم فلسطين عليها.

وعلى الرغم من إعلان العديد من المشاهير دعمهم للقضية الفلسطينية، أمثال الممثلة الأميركية سوزان ساراندون والممثل الأميركي مارك روفالو (قبل التراجع عن موقفه) ولينا هيدي، وغيرهم، إلّا أنّ أخبارًا زائفة انتشرت حول تضامن بعض الممثلين والشخصيات العامة مع قضية المقدسيين. من أولئك الممثلة الأميركية كريستين ستيوارت، التي تداول مستخدمون صورة لها وهي ترتدي الوشاح الفلسطيني، إلّا أنّ الصورة مفبركة وتمّ التلاعب بها كما وضّح "مسبار" في تحققه.

وتفاعل عدد من نجوم الرياضة مع الحدث الفلسطيني، ومنهم من أعلن تضامنه حقًّا مع الفلسطينيين، أمثال رياض محرز ومحمد النني وبول بوغبا. في المقابل انتشرت أخبارٌ مُختلقة عن دعم رياضيين للقضية الفلسطينية، فمثلًا نُشرت صورة لليونيل ميسي وهو يرفع علم فلسطين، كما انتشرت صورة أخرى مفبركة لميسي وهو يرتدي قميصًا نُقشت عليه عبارات مساندة لإسرائيل. وطاولت تلك الفبركات اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، إذ نشرت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو ادّعت أنّه يظهر تجاهل رونالدو للرئيس الإسرائيلي، إلّا أنّ الادعاء زائف، فمن تجاهله رونالدو هو ميشيل بلاتيني وليس رئيس "إسرائيل".

فبركات طاولت سياسيين فاعلين في المشهد الفلسطيني

ومن الفبركات التي طاولت سياسيين فاعلين في المشهد السياسي الفلسطيني، مقطع فيديو ادعى ناشروه أنّه يُظهر إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، وهو يُقدّم التعازي بوفاة قاسم سليماني في الوقت الذي يقصف فيه الاحتلال قطاع غزة. تحقّق "مسبار" من المقطع وتثبّت من أنّه قديم ويعود إلى كانون الثاني/ يناير عام 2020.

كما انتشرت صورة للقيادي في حركة حماس، خالد مشعل، وهو يلعب كرة الطاولة في الدوحة، بينما قطاع غزة يتعرّض لقصف إسرائيلي عنيف. الصورة كما كشف "مسبار" لم تُلتقط خلال الأحداث الأخيرة، إنمّا تُظهر رئيس إقليم الخارج في حركة حماس، وهو يمارس الألعاب الرياضية عام 2013.

كما تداول مستخدمون صورة تجمع مشعل وهنيّة مع الشيخ يوسف القرضاوي، قالوا إنها خلال العدوان الأخير على غزة، إلا أنّ تحقق "مسبار" كشف أنّها قديمة ومتداولة منذ نوفمبر عام 2020.

وبعد إعلان وقف إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية وفصائل المقاومة الفلسطينية في 21 مايو الفائت، انتشر خبرٌ مفاده أنّ قاضي قضاة فلسطين، محمود الهباش، قال إنّ اتفاق الفصائل على وقف إطلاق النار دون الرجوع للرئيس محمود عبّاس هو خيانة عظمى. إلّا أنّ الخبر زائف ونفى مكتب الهبّاش صحّته. وفي السياق نفسه قال مستخدمون إنّ الرئيس محمود عبّاس أمهل نتنياهو ساعة واحدة لإيقاف العدوان على غزة وإلّا فسيعلن بدء حرب شاملة، ولكن تبيّن أن الخبر زائف ولم يصدر عن عبّاس مثل هذا الكلام.

الصاروخ الصيني

منذ أعلنت الصين عن فقدانها السيطرة على الصاروخ الفضائي "لونغ مارتش5 بي"، الذي أطلقته في 29 نيسان/ أبريل الفائت، بدأت الأخبار الزائفة تنتشر عن الموضوع، وراجت مقاطع الفيديو التي ادعى ناشروها أنّها لسقوط الصاروخ.

من تلك المزاعم، صور لحرائق في الهند، انتشرت على أنّها لآثار سقوط الصاروخ الصيني هناك، لكنّها في الحقيقة مجرّد صور لحرائق اندلعت في الهند ولا علاقة لها بالصاروخ الصيني. كذلك لاقى مقطع فيديو رواجًا، زعم ناشروه أنّه لسقوط الصاروخ في المحيط الهندي، إلّا أنّ "مسبار" كشف أنّ الفيديو مركّب من مقطعين، أحدهما لسقوط صاروخ روسي عام 2013، والثاني لانفجار صاروخ تابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا عام 2019. كذلك انتشر مقطعا فيديو على أنّهما لعبور الصاروخ الصيني الغلاف الجوي وسقوط حطامه، إلّا أنّ المقطعين قديمين، ومنشورين على "يوتيوب" منذ آذار/ مارس الفائت، ويُصوران سقوط صاروخ "فالكون9".

ومن الأمثلة على الشائعات التي رافقت قصة فقدان الصين السيطرة على الصاروخ، شائعة مفادها أنّ الصين سُتقدّم 35 مليون دولار لأصحاب المنزل الذي سيسقط عليه الصاروخ، "مسبار" كشف زيف الخبر، إذ لم تنشره أيّ وسائل إعلام عالمية أو صينية، وهو مجرّد شائعة مُختلقة لا أساس لها.

ولم تتوقف الفبركات عن الانتشار حول الصاروخ الصيني، حتى أعلنت السلطات الصينية سقوط حطامه في المحيط الهندي يوم الأحد 9 مايو الفائت.

أزمة سدّ النهضة والملء الثاني

مع تصاعد الخلاف بين السودان ومصر من جهة وإثيوبيا من جهة ثانية، حول آلية الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي، تستمر الفبركات بالانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظلّ ما بات يُعرف بـ "أزمة سد النهضة". ومن تلك الفبركات التي راجت خلال مايو الفائت، خبر مفاده أنّ بوتين حذّر الدول التي تدعم إثيوبيا، من الجيش المصري ومن غضب السيسي. تصريح بوتين مفبرك، ولم تنشره أي وسيلة إعلام رسمية أو ذات صدقية.

كما انتشر خبرٌ في أواخر مايو، مفاده وقوع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين الجيشين السوداني والإثيوبي في منطقة باسندة الحدودية، لكنّ القوات المسلحة السودانية نفت في بيانٍ لها صحة الخبر. كما تداول مستخدمون مقطع فيديو آخر قالوا إنّه للاشتبكات بين الجيشين الإثيوبي والسوداني في منطقة باسندة الحدودية في ولاية القضارف، لكّن "مسبار" كشف تضليل الفيديو، وتثبّت من أنّه لإطلاق الجيش الصومالي لصواريخ ردًا على اختراق القوات الكينية أجواء الصومال في كانون الأول/ ديسمبر عام 2020.

كما انتشرت في بداية مايو، صورة قال ناشروها إنّها لتجمّع أكثر من 25 ألف مسلّح إثيوبي قرب سدّ النهضة، أعلنوا تمرّدهم على الحكومة، إلّا أنّ تحقق "مسبار" توصل إلى أنّ الصورة تعود إلى شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2020، وهي لمعارضين غينيين احتشدوا احتجاجًا على نتائج الانتخابات.

كانت هذه أبرز محاور الأخبار الزائفة التي انصبّ جهد فريق مسبار، على رصدها وكشف حقيقتها خلال شهر أيار 2021. والتي ارتبطت بأهم الأحداث التي جرت خلال هذا الشهر، فكان أبرزها الحدث الفلسطيني والصاروخ الفضائي الذي فقدت الصين السيطرة عليه، وتداعيات استمرار أزمة سدّ النهضة.

التعليقات