02/10/2022 - 19:24

دراسة: ثلاثون دقيقة يوميًّا بعيدًا عن منصات التواصل الاجتماعيّ تكفي لتغيّر حياتكم 

أظهرت نتائج التجربة بوضوح، أن تقليل الفترة الزمنية التي يقضيها الإنسان في تصفّح واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مع زيادة النشاط البدني، لديهما أثر إيجابي مضاعَف على حياته، إذ يساهم العاملان في رفع مستويات الرضا عن الذات والشعور بالسعادة، بل وتقليل

دراسة: ثلاثون دقيقة يوميًّا بعيدًا عن منصات التواصل الاجتماعيّ تكفي لتغيّر حياتكم 

(توضيحية - Getty Images)

لو قلّلتم الفترة الزمنية التي تقضونها عبر تصفّح منصات التواصل الاجتماعي، بثلاثين دقيقة فقط، واستبدلتموها بأي نشاط بدني، ستلاحظون فروقا كبيرة في صحتكم النفسية والعقلية، وذلك وفقا لتجربة أجراها فريق بحثي في مركز أبحاث الصحة العقلية وعلاجها في جامعة الرور في بوخوم بألمانيا، قبل عدة أشهر، برئاسة الأستاذة المساعدة، الدكتورة جوليا برايلوفسكايا.

وشعر المشاركون الذين اتبعوا هذه النصيحة لمدة أسبوعين، بأنهم أكثر سعادة ورضا، وأقل توترًا مما يثار حول الجائحة، وإجمالا أقلّ اكتئابا من المجموعة الضابطة التي لم تغيّر من سلوكها نهائيًا في التجربة. بل واستمر الأثر الإيجابي للتجربة لستة أشهر، بعد انتهاء فترة التجربة، وقد نشر الباحثون النتائج التي توصلوا إليها في مجلة الصحة العامة في أيلول/ سبتمبر الماضي.

شعر المشاركون الذين اتبعوا النصيحة، بأنهم أقلّ اكتئابا من المجموعة الضابطة التي لم تغيّر من سلوكها نهائيًا (Getty Images)

سلبيّات وسائل التواصل الاجتماعيّ

ساعدتنا وسائل التواصل الاجتماعي على غرار "إنستغرام" و"تيك توك" و"فيسبوك" و"تويتر"، على التواصل في الوقت الذي فُرضت الإجراءات الوقائية للجائحة، وصرفت انتباهنا عن مسببات الاضطرابات النفسية التي غزت عالمنا بفعل الجائحة، خاصة وأن الكثيرين شعروا بالقلق والخوف، بل وبالإحباط ممّا يجري من أحداث حول العالم؛ لكن للاستخدام المفرط لوسائط التواصل الاجتماعي عواقبه، على رأسها الإدمان الذي ينشأ من التعلق النفسي المفرط بوسائل التواصل الاجتماعي، بدون أن ننسى السلبيات الأخرى من نشر الأخبار الزائفة، ونظريات المؤامرة، وما يترتب على هذا من ظواهر الفزع والقلق الجماعييْن.

صرفت وسائل التواصل الاجتماعيّ انتباهنا عن مسببات الاضطرابات النفسية (Getty Images)

وتوضح الدكتورة جوليا برايلوفسكايا الأسباب التي دعتها لإجراء هذه التجربة بالقول: "لم نعرف عند إجراء التجربة، الفترة المتوقعة لاندحار جائحة كورونا، ولذلك أردنا التعامُل مع الواقع والبحث عن طرق لدعم نفسي وصحي للناس في خضم ذلك، عبر طرح أفكار لخدمات قليلة التكلفة وفي متناول الجميع"؛ وعليه أجرى الفريق البحثيّ تجربة حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيرها على الصحة العقلية لمستخدميها، وذلك كجزء من زمالة برايلوفسكايا في مركز دراسات الإنترنت المتقدمة (CAIS).

تجربة لمدة أسبوعين

واستقطبت برايلوفسكايا وفريقها، مجموعة من 642 متطوعًا ومتطوعة للتجربة، وقسّموهم عشوائيًا لأربع مجموعات متساوية في العدد تقريبًا، إذ خفضت المجموعة الأولى الوقت اليوميّ الذي يُعطى لوسائل التواصل الاجتماعيّ، بمقدار 30 دقيقة خلال فترة التجربة التي امتدت لأسبوعين. ولأن العديد من الدراسات السابقة أظهرت أن النشاط البدني يمكن أن يحسن من الصحة النفسية ويقلل من أعراض الاكتئاب، زادت المجموعة الثانية مدة نشاطها البدني بمقدار 30 دقيقة يوميًا خلال هذه الفترة، مع الاستمرار في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كالمعتاد. أما المجموعة الثالثة فجمعت بين الأمرين، أي تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بثلاثين دقيقة، واستبدالها بنشاط بدني. أما المجموعة الرابعة الضابطة، فلم تغيّر من سلوكها، لا بزيادة رياضية، ولا بتقليل في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

(Getty Images)

وتابع الفريق البحثي المتطوعين، طوال فترة التجربة، وحتى بعد ستة أشهر من انتهائها من خلال استطلاعات للرأي عبر الإنترنت، حول علاقتهم بوسائل التواصل الاجتماعي، وطبيعة نشاطهم البدني، ورضاهم عن الحياة عمومًا، وشعورهم الذاتي بالسعادة، وأية أعراض للاكتئاب، والضغوط النفسية حول الجائحة، واستهلاكهم للسجائر.

الصحّة والسعادة في العصر الرقميّ

أظهرت نتائج التجربة بوضوح، أن تقليل الفترة الزمنية التي يقضيها الإنسان في تصفّح واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مع زيادة النشاط البدني، لديهما أثر إيجابي مضاعَف على حياته، إذ يساهم العاملان في رفع مستويات الرضا عن الذات والشعور بالسعادة، بل وتقليل أعراض الاكتئاب إن وُجد. صحيح أن التجربة استمرت لأسبوعين فقط، لكن النتائج التي جمعها الباحثون تشير إلى أن الأثر الإيجابي يستمر لستة أشهر وأكثر، بعد تطبيق هذه النصيحة.

(Getty Images)

وقلَّل المشاركون في ثلاث مجموعات من أصل أربع، الفترة الزمنية بمقدار نصف ساعة، سواء بزيادة النشاط البدني بنصف ساعة أو بتقليل وقت الاستخدام بنصف ساعة أو بالجمع بين الأمرين. وأشارت المجوعة التي جمعت بين الأمرين (أي استبدال الفترة الزمنية بنشاط بدني) إلى أنها زادت من نشاطها البدني بمقدار ساعة و39 دقيقة أسبوعيًا بعد التجربة، أي أنها لم تتوقف عند حدود التجربة، بل سارت قدُمًا في تحسين صحتها العقلية والنفسية في تأثير فاق فترة المتابعة الأولية طوال الأسبوعين.

وتختتم برايلوفسكايا دراستها بالقول، إنّ "هذا دليل دامغ على ضرورة تقليل الوقت المخصص للإنترنت في حيانا، وأهمية الانخراط في نشاطات بدنية أكثر".

(Getty Images)

كما أشارت إلى أن هذه الخطوات لا تتطلب تكلفة مالية عالية كتلك التي نحتاجها عند اللجوء للرعاية النفسية المتخصصة، وهي متوفرة للجميع مجانًا، وكل ما يلزم هو الالتزام ولو لنصف ساعة في اليوم الواحد، لنكون أصحّاء وسعداء في العصر الرقميّ.

التعليقات