06/03/2023 - 15:00

مستقبل عمالقة التواصل الاجتماعيّ: المال مقابل الأمان

تحدّى إيلون ماسك عرف مجّانيّة منصّات التواصل الاجتماعيّ بعدما أعلن جعل ميزة علامة التحقّق الزرقاء مدفوعة في تويتر، والّتي كانت تشير سابقًا التحقّق الفعليّ من هويّة الشخص/الشركة

مستقبل عمالقة التواصل الاجتماعيّ: المال مقابل الأمان

(Getty)

درج خلال العقد الماضي أن تكون منصّات التواصل الاجتماعيّ مجّانيّة لكي تحقّق النجاح المطلوب والوصول إلى المستخدمين، وكان هذا الأمر لسببين، أولاهما أنّه يتوجّب على هذه المنصّات أن تجمع أكبر قاعدة ممكنة من المستخدمين لتكون ذات قيمة من بين منافسيها، وثانيها، أنّ وجود هذه القاعدة، كلّما كانت كبيرة، يعتبر جاذبًا للمعلنين. وجود أيّ نوع من حظر القراءة إلى بعد الدفع يعيق انتشار المواقع وتحقيق الإيرادات الضخمة، مثل الّتي يحقّقها فيسبوك.

تحدّى إيلون ماسك عرف مجّانيّة منصّات التواصل الاجتماعيّ بعدما أعلن جعل ميزة علامة التحقّق الزرقاء مدفوعة في تويتر، والّتي كانت تشير سابقًا التحقّق الفعليّ من هويّة الشخص/الشركة، وهو ما يزيد من موثوقيّة الموقع بين المستخدمين لحدّ ما، إلّا أنّ هذه العلامة صارت الآن رمزًا للقيمة عند بعض أسوأ مستخدمي الإنترنت، وصارت العلامة تباع مقابل 8$ في الشهر.

هذا التحوّل في قيمة العلامة من وكونها إشارة ودليلًا موثوقًا على هويّة الأشخاص والشركات إلى سلعة تباع أدّى إلى موجة ساحقة، حسبما كانت متوقّعًا، من عمليّات الانتحال وتوريط العلامات التجاريّة والعديد من المخالفات الأخرى.

ولكنّ الأمر وصل مفترقًا جديدًا حين أعلن ماسك في نهاية فبراير أنّ ميزة المصادقة الثنائيّة (2FA) عبر خدمة الرسائل القصيرة SMS، وهي ميزة أمنيّة أساسيّة يستخدمها الصحفيّون والمشاهير والشخصيّات الحكوميّة لتجنّب الاختراق، ستكون متاحة فقط لمشتركي خدمة تويتر بلو (اسم خدمة اشتراك العلّامة الزرقاء في تويتر). حاولت الشركة تبرير قرارها على أنّه نابع من قلق أمنيّ: «لقد شهدنا جهات فاعلة سيّئة تستخدم وتسيء استغلال ميزة المصادقة الثنائيّة»، ولكن يبدو أنّ التهديد سيطال المستخدمين الّذين لا يدفعون، حيث سيواصل المستخدمون المشتركين في تويتر تمتّعهم بهذه الميزة. توجد طرق أخرى لاستخدام المصادقة الثنائيّة لتويتر، إلّا أنّها غير متوفّرة في جميع أنحاء العالم، ولا تخلو من المخاطر.

لا يعتبر رهن الخدمات الأمنيّة مقابل الدفع قرارًا جيّدًا، وعندما رأينا فيسبوك يتّجه الاتّجاه ذاته، كان الأمر مفاجئًا:

تختبر شركة ميّتًا حاليّة خدمة التحقّق المدفوع على موقعي فيسبوك وإنستغرام مقابل 11.99$ شهريًّا على الويب و14.99 على الهاتف. أعلن الرئيس التنفيذيّ لشركة ميّتًا في منشور على الإنستغرام أنّ مشتركي «خدمة التحقّق من ميتا» سيتمتّعون بعلامة التحقّق في حساباتهم، وبظهور أكبر على المنصّات، وعلى الأولويّة في خدمات الدعم الفنّيّ، وغيرها. بدأ تفعيل الخدمة في أستراليا ونيوزيلندا خلال هذا الأسبوع، وستصل إلى باقي الدول «قريبًا».

كتب زوكربيرغ في حسابه: «سنبدأ هذا الأسبوع بتفعيل خدمة التحقّق من ميّتًا، وهي خدمة مدفوعة تتيح للمستخدمين المصادقة على حساباتهم عبر توفير مستندات حكوميّة تؤكّد هويّتهم، والاستفادة من علامة التحق الزرقاء، والتمتّع بطبقة حماية إضافيّة ضدّ الانتحال، والوصول السريع إلى خدمات الدعم الفنّيّ»، وأضاف «نهدف من هذه الخدمة إلى زيادة الأصالة والأمان لمستخدمي خدماتنا».

انخرط زوكربيرغ، على الفيسبوك، في نقاش محدود مع المستخدمين حول التغيير الجديد. وقال أحد المعلّقين: «اعتبروني مجنونًا، لكنّي لا أعتقد أنّه يجب عليّ أن أدفع لكم لإلغاء الحسابات الّتي تنتحل صوري وتخدع متابعيّ.» وعلّق آخر «يجب أن يكون هذا حقًّا جزءًا من المنتج الأساسيّ، فلا يجب على المستخدم الدفع من أجل هذا. من الواضح أنّه من المعروف لدى ميّتًا أنّ هذه الميزات تلبّي حاجات المستخدمين، فلماذا يربحون منها إضافيًّا؟».

حاجّ أحد المستخدمين بأنّ «الوصول المباشر إلى الدعم الفنّيّ هو القيمة الحقيقيّة، أكثر بكثير من علامة التحقّق الزرقاء»، فردّ عليه زوكربيرغ: «أوافقك الرأي على أنّه جزء كبير من القيمة يتركّز هنا». وبالفعل، من المحتمل أن يكون الخطّ الساخن لخدمة عملاء فيسبوك هو الجزء الأكثر قيمة من الخدمة، ولكن ليس من الجيّد رؤية ميّزات مثل التحقّق من الهويّة، أي الخدمات الأساسيّة لتشغيل منصّة جديرة بالثقة، تصير فقط تحت طائلة الاشتراك المدفوع.

بالنسبة إلى تويتر، ثمّة إحساس جنونيّ معيّن بهذه الخطوة، إذ تسبّب إيلون ماسك في قلب الشركة رأسًا على عقب، وهو في أمسّ الحاجة إلى كلّ عائدات المستخدمين الّتي يمكنه تحقيقها، حيث وبعد أن تخلّى عنه 63% من أفضل المعلنين في السوق، صار لزامًا عليه أن يجد أسهل الطرق لتوفير السيولة النقديّة.

وما يزال الفيسبوك في الوقت ذاته يجني أكثر من 30 مليار دولار في ربعيّا من عائدات الإعلانات، لكنّ الرياح المعاكسة غير المواتية، سواء كانت اقتصاديّة أو مدفوعة من وادي السيليكون، تتطلّب "عامًا من الكفاءة"، والّذي يتضمّن أخذ الأموال من المستخدمين أيضًا.

وبتغيّر العرف الأوّل لمجّانيّة الشبكات الاجتماعيّة، تطوّر العرف الآن، وأضيف إليه أنّه، وفي حين انعدام مقدرتك على جعل الجميع يدفعون، يمكنك أن تجعل البعض يدفعون، وقد ينزعج البعض من المنتجات الّتي تتطلّب اشتراكًا للحصول على ميزات إضافيّة مثل التصفّح بدون إعلانات أو الوصول إلى رموز مخصّصة مثل تلك الموجودة في تويتر بلو، إلّا أنّه من المؤسف تحوّل ميزات الأمان الأساسيّة إلى ميزات مدفوعة.

التعليقات