19/04/2023 - 22:36

الأخبار المزيّفة: إلى أيّ درجة يمكن أن يصل تأثيرها على المجتمعات؟

من المخاطر الكبيرة للأخبار الكاذبة أيضًا، تشكيل الرأي العامّ والتأثير على النتائج السياسيّة، حيث خلصت الدراسة إلى أنّ الأخبار المزيّفة كانت سائدة خلال الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة لعام 2016، مع نشر معلومات كاذبة عبر قنوات مختلفة

الأخبار المزيّفة: إلى أيّ درجة يمكن أن يصل تأثيرها على المجتمعات؟

(Getty)

لا تزال التحذيرات تتزايد فيما يخصّ انتشار الأخبار الكاذبة والمضلّلة على الإنترنت، وخاصّة شبكات التواصل الاجتماعيّ، إذ أصبحت تشكّل مصدر قلق كبير للعديد من الأفراد والحكومات والمنظّمات حول العالم، في مختلف القضايا، مثل وباء كورونا الذي شهد تصاعدًا ملحوظًا في تناقل هذه الأخبار، مرورًا بالحرب الروسيّة الأوكرانيّة وغيرها من القضايا.

وتشير الأخبار الكاذبة إلى معلومات كاذبة يتمّ نشرها عبر قنوات مختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعيّ والمواقع الإلكترونيّة والمنافذ الإخباريّة، بقصد خداع الجمهور، حيث أدّى انتشار الأخبار المزيّفة إلى عواقب عديدة، بما في ذلك تآكل الثقة بوسائل الإعلام التقليديّة، وانتشار المعلومات المضلّلة، وتضخيم الآراء المتطرّفة، بحسب خبراء.

ويمكن أن يعزى ظهور الأخبار المزيّفة إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك زيادة إمكانيّة الوصول وشعبيّة منصّات التواصل الاجتماعيّ، فحسب دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث، فإنّ 68% من الأمريكيّين البالغين يستخدمون فيسبوك، مع 74% من هؤلاء المستخدمين يزورون الموقع مرّة واحدة على الأقلّ يوميًّا، كما شهدت منصّات الوسائط الاجتماعيّة الشهيرة الأخرى مثل تويتر و إنستغرام وتيك توك نموًّا كبيرًا على مرّ السنين، حيث يصل ملايين المستخدمين إلى هذه المواقع يوميًّا، إذ سهّل العدد الهائل للمستخدمين على هذه المنصّات انتشار الأخبار المزيّفة بسرعة، لتصل إلى ملايين الأشخاص في غضون فترة زمنيّة قصيرة.

ومن العوامل الأخرى التي سهّلت انتشار الأخبار المضلّلة، الاستخدام المتزايد للخوارزميّات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعيّ في توزيع الأخبار، حيث تمّ تصميم خوارزميّات الأخبار لعرض المقالات الإخباريّة للمستخدمين بناء على تفضيلاتهم وسجّل البحث، وهذا يعني أنّه من المرجّح أن يرى المستخدمون مقالات إخباريّة تتوافق مع معتقداتهم، ممّا قد يؤدّي إلى زيادة انتشار الأخبار المزيّفة، حيث وجدت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد أنّ خوارزميّات وسائل التواصل الاجتماعيّ غالبًا ما تروّج لمحتوى مثير للجدل ومتطرّف، ممّا يسهّل انتشار الأخبار المزيّفة.

وبحسب الدراسة، فإنّ تداعيات الأخبار الكاذبة كبيرة على المجتمع، بما في ذلك تآكل الثقة في وسائل الإعلام التقليديّة وانتشار المعلومات المضلّلة، وأفادت الدراسة أنّ 46% فقط من الأمريكيّين يثقون في وسائل الإعلام التقليديّة، مع اعتبار منصّات وسائل التواصل الاجتماعيّ أقلّ مصادر الأخبار موثوقيّة، حيث ساهم انتشار الأخبار المزيّفة في انعدام الثقة هذا، أصبح المستخدمون أكثر تشكّكًا في المعلومات الّتي يتلقّونها عبر القنوات المختلفة.

ومن المخاطر الكبيرة للأخبار الكاذبة أيضًا، تشكيل الرأي العامّ والتأثير على النتائج السياسيّة، حيث خلصت الدراسة إلى أنّ الأخبار المزيّفة كانت سائدة خلال الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة لعام 2016، مع نشر معلومات كاذبة عبر قنوات مختلفة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعيّ، حيث كان لهذه الأخبار الكاذبة تأثير كبير على الرأي العامّ، مع اعتقاد العديد من الناخبين أنّ المعلومات الكاذبة عن المرشّحين، والتي أثّرت بدورها على قرارات الناخبين بناء على المعلومات غير الدقيقة.

ويمكن أن يكون للأخبار المزيّفة عواقب وخيمة على الأفراد والمجتمعات، على سبيل المثال، ساهمت المعلومات الخاطئة حول وباء كورونا في التعاطي مع الأزمة، ووجدت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، ديفيس، أنّ الأشخاص الّذين تعرّضوا لأخبار كاذبة حول كورونا كانوا أقلّ عرضة للامتثال لإرشادات الصحّة العامّة وأكثر عرضة للانخراط في سلوك محفوف بالمخاطر، وكان لهذا تداعيات خطيرة على الصحّة العامّة، حيث استمرّ انتشار الفيروس في الارتفاع في أجزاء كثيرة من العالم.

وبحسب الدراسة، فإنّ هناك عدّة حلول يمكن تنفيذها لمعالجة مشكلة الأخبار المزيّفة، مثل تنفيذ برامج محو الأمّيّة الإعلاميّة لتثقيف الناس حول كيفيّة التعرّف على الأخبار المزيّفة، كما يمكن لمنصّات التواصل الاجتماعيّ تنفيذ خوارزميّات تعطي الأولويّة للمعلومات الدقيقة على المعلومات الخاطئة، على سبيل المثال، نفّذ موقع فيسبوك العديد من الإجراءات لمكافحة الأخبار المزيّفة، بما في ذلك الحدّ من ظهور المعلومات الخاطئة، ووصفها وإزالتها من نظامه الأساسيّ، وحقّقت هذه الإجراءات بعض النجاح في الحدّ من انتشار الأخبار المزيّفة على فيسبوك.

ويطالب خبراء الحكومات حول العالم بتنفيذ اللوائح الّتي تتطلّب من المنافذ الإخباريّة التحقّق من صحّة قصصها قبل نشرها، وهذا من شأنه أن يساعد على منع نشر معلومات كاذبة من خلال وسائل الإعلام التقليديّة. ومع ذلك، فإنّ هذا النهج يثير مخاوف بشأن حرّيّة التعبير وإمكانيّة الرقابة.

التعليقات