مرض السكري - أهم التجديدات

الدكتور عفيف نخلة

 

الدكتور عفيف نخلة، أخصائي أمراض باطنية، الغدد الصماء والسكري، الدكتور عفيف يعمل في مستشفى رامبام بحيفا، ويعمل مديرا لعيادة السكري في صندوق المرضى مكابي بحيفا.  

 

 

 

مرض السكري أصبح واسع الانتشار في كل العالم، ولكل الفئات العمرية المختلفة، في السابق كان مرضا معروفا لكبار السن وهم ينتمون للفئة المرضية من النوع 2، وأما السكري الذي تزايد كثيرا في العقود الأخيرة ليصل لليافعين والصغار في العمر والأطفال والمولودين الجدد، وهؤلاء يتبعون لفئة أخرى من مرض السكر وهي فئة 1. وقد أصبح المرض يهدد الجميع بدون تفرقة بين جيل أو جنس أو قومية، فالأساب لانتشاره كثيرة منها العصرية الناتجة عن اختلاف عادات التغذية وأنماط الحياة المختلفة، ومنها وراثية جينية، ولكن بالمقابل هنالك تطور ملموس بالوصول لعلاجات ولأجهزة متطورة من شأنها أن تحد من الضرر الذي يتسبب له المصابين بالمرض مع قيم مرتفعة لنسبة السكر بالدم، والخطر الذي يهدد حياتهم.

هذا وقد أعلنت واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار الذي أعلنت فيه يوم 14/11، تشرين الثاني من كل عام لاعتباره اليوم العالمي لمرضى السكري وإشارته:   

  عن هذا الموضوع تحدثنا مع الدكتور عفيف نخلة وطرحنا عليه الأسئلة التالية: 

ما هي أنواع مرض السكر المتعارف عليها علميا اليوم، وما الفرق بينها ؟

- معظم مرضى السكري هم عادة من الفئة الثانية، ويُعد السكري من النوع الثاني أكثر شيوعًا عن السكري من النوع الأول.
يحدث السكري من النوع الثاني بسبب مقاومة الأنسولين، غالبا يستطيع مرضى السكري من النوع الثاني إنتاج الأنسولين، لكنهم لا ينتجون ما يكفي منه لتلبية احتياجات الجسم.

- تشمل عوامل الخطر للإصابة بالسكري من النوع الثاني ما يلي:

عوامل وراثية، الوزن الزائد، قلة النشاط البدني (الخمول البدني)، تقدم السن، متلازمة "تكيّس المبايض" والإصابة بمرض السكري أثناء الحمل، (سكّر الحمل).
- أما السكري من النوع الأول فينجم عن تدمير مناعي ذاتي"لخلايا بيتا" المنتجة للإنسولين في البنكرياس.

- معظم صغار السن من المصابين يتبعون للنوع الأول، وهم المرتبطون بالإنسولين كعلاج، ولكن ممكن تشخيص السكري من النوع الأول لدى البالغين ايضا.
- "اللادا"  "LADA" أي "السكري الذاتي المناعة الخافي لدى البالغين"، هو مصطلح علمي لأناس فوق ال- ٣٠ عاما، تتطور لديهم أجسام مضادة تهاجم البنكرياس، الشيء الذي يميز أنواع السكري من فئة LADA، خلافا لمرض السكري الشائع من النوع 1، هو أن تدمير "خلايا بيتا" يتم بشكل تدريجي، أي على عكس عملية التدمير السريع والكامل التي تميز مرض السكري العادي من النوع 1 لدى الأطفال.


 

 

 

ما هي أسس العلاج؟
- نظام غذائي صحي منخفض السكريات، ومنخفض الدهون ومرتفع الألياف، الحفاظ على وزن صحي (التخلص من الوزن الزائد) وممارسة الأنشطة البدنية بانتظام، مثل 150 دقيقة في الأسبوع أو نحو 30 دقيقة معظم أيام الأسبوع.
- يحتاج أي شخص مصاب بمرض السكري من النوع 1 إلى علاج الإنسولين مدى الحياة.
كيف يُعالج مرض السكري من النوع الثاني؟
هنالك أنواع عديدة من الأقراص وحقن "GLP1a"، وأحيانا الإنسولين قد يكون ضروريًا عندما تكون الأدوية الأخرى غير كافية.
- إذا لم يتمّ التحكم في مرض السكري بشكلٍ مناسب، فقد يسبب مضاعفات خطيرة على المدى الطويل.

ماذا عن المنتج الشائع اليوم وهو الحقن المتعلقة بالسكر والتي تؤدي لإنقاص الوزن، ولأي أنواع من السكري تعطى؟
- هنالك عدة أنواع منه، هو مركب من مجموعة الببتيدات الشبيهة بالجلوكاجون 1 GLP1a تستعمل الحقن منه، ومؤخرا قد تم تطوير أقراص منه أيضا. الأنواع هي "أوزيمبيك" "تروليسيتي" "فيكتوزا"، هؤلاء يُستعملون لعلاج السكري من فئة 2، ولكن لوحظ أن استعمالهم يؤدي لنزول في الوزن أيضا. أما إبر "الساكسيندا" فهي النوع الوحيد المصادق عليه لعلاج الوزن الزائد من وزارة الصحة في البلاد، هذه الإبرة يمكن إعطاؤها بمصادقة طبية من الطبيب المعالِج للوزن الزائد، وهي تُحقن تحت الجلد بتراكيز تدريجية.
- الببتيدات الشبيهة بالجلوكاجون 1 GLP1a"  تؤثر على عدة أعضاء في الجسم، وبالنسبة للتأثير على السكر، فهي تؤثر على البنكرياس حيث تزيد من إفراز الإنسولين وتمنع إفراز هورمون الجلوكاجون الذي يزيد من إنتاج الكبد للسكر، كما وتنشط مناطق في الجهاز العصبي المركزي تتحكم في الشهية، مما يؤدي إلى تثبيط الشهية وانخفاض ملحوظ في الوزن.
- أظهرت الأبحاث التي أجريت على الأدوية في هذه الفئة أنها يمكن أن تقلل أيضًا من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الكلى المزمنة وتقليل خطر الموت القلبي الوعائي.

- مجموعة جديدة اخرى لعلاج السكر من النوع الثاني، هي مثبطات الناقل المشترك للجلوكوز والصوديوم 2 (SGLT2i) التي تمنع إعادة امتصاص السكر من الكلى إلى الدم، مما يزيد كمية السكر المطرودة من الجسم عبر البول، وبذلك ينخفض معدل سكر الدم.

ما هو أهم اكتشاف وهو أصبح ساري المفعول، كما نعلم اليوم، ألا وهو جهاز ومضخة الإنسولين المربوطة بجهاز لفحص السكر، ما رأيك؟ هل هي بشرى لمرضى السكر؟
- هي مضخة الإنسولين، جرى المصادقة عليها من قبل سلة الخدمات الطبية في البلاد للأطفال السكريين في جيل تحت ال 18عاما فئة 1، وغير متوازنين من ناحية السكر. 
-هذه المضخة المسماة " "  G 780 من شركة ميدترونيك، والمضخة بتواصل دائم مع مجس "سنسور جارديان"، ويجري ذلك بإحداث "حلقة مغلقة"، وهو ما يشبه "البنكرياس الاصطناعي" وفيه من خلال الجهاز نستطيع تخطيط نظام ضخ يومي أوتوماتيكي، إضافة الى الجرعات التي يعطيها المريض قبل الوجبات، كما وأن المجس يفحص السكر بشكل مكثف، ويعطي أوامر للمضخة لإعطاء إنسولين لتنزيل السكر إذا كان مرتفعا في الجسم، أو تقليل أو وقف الإنسولين في المضخة للجسم، في حالة أن المجس أعطى نتائج تشير لانخفاض السكر في الجسم، وهذا يتم بشكل موجه ومرَّكز ومنظم من قبل الطبيب، وهذا العلاج يؤدي لتوازن أفضل للسكر للمريض وأقل انخفاض حاد لمستوى السكر لديه.
هل ينفع الجهاز للفئة الثانية تايب ٢ ونستطيع إعطاؤه لهم؟
- نحن نعرف أن هؤلاء لديهم مقاومة للإنسولين في الجسم، فهنالك عدة أدوية يأخذونها ممكن أن تؤثر إيجابيا لديهم على الجسم والأعضاء، مثل الكبد والكلية والعضلات وغيرها، وبشكل جيد، وتصبح الحاجة للمضخة أقل بكثير.
ماذا تخبرنا عن التطورات بالنسبة لقياس السكر؟
بالإمكان استعمال مجسات لفحص مستويات الجلوكوز بشكل مستمر، بدون الحاجة لوخز الإصبع، وفي الآونة الاخيرة تمت المصادقة على مجسات معينة (فري ستايل ليبري) من سلة الصحة لفئة 1، ولفئة 2 أيضا وهم الذين يتلقون العلاج عدة حقن إنسولين يومية، والمجس يوضع على اليد ويتغير كل 14 يوما مرة، وأصبح بالإمكان الفحص به ومراقبة السكر عن طريق تطبيق في الهواتف الذكية.
أين وصل التقدم العلمي بالنسبة لزراعة البنكرياس في الجسم؟
- هنالك مرضى قلائل مع سكري من النوع الأول في البلاد الذين قاموا بزراعة كلية وبنكرياس والسكر لديهم متوازن بدون أدوية. المشكلة في زراعة الأعضاء بأن الجسم يقوم بإنتاج أجسام مضادة ضد البنكرياس  ومقاومته، الشيء الذي يؤدي لفشل في عملية الجسم المزروع، وهؤلاء يضطرون لأخذ أدوية تمنع المقاومة.

كيف نعرف نوع السكر إذا من فئة 1 أو من فئة 2؟
بفحص دم بسيط نفحص مستوى الأجسام المضادة الموجودة في الجسم التي تهاجم البنكرياس، حين تكون مرتفعة في الدم لدى المرضى من فئة 1.  وممكن أيضا بالعيادة بفحص جسدي، أو أن نراقب ونرى كيف يتجاوب المريض مع الأدوية التي نعطيها له، أغلب الأشخاص من فئة 2 هم يمرضون نتيجة السمنة الزائدة.
مقاومة الإنسولين لدى بعض من الفتيات يضعضع الهورمونات لديهن، ما رأيك؟
هذه الظاهرة تدعى "تكيُّس المبايض" وأساسه الأول هو مقاومة الإنسولين في الجسم، وهذا يُضعضع الهورمونات لديهن، وهذا التكيس يؤدي لإفراز زائد في الهورمونات الذكرية، "الإندروجين" هذا الافراز يؤدي لضعضعة وعدم توازن في العادة الشهرية، الشيء الذي يؤدي لعدم إباضة في الوقت الدوري الشهري لدى النساء، والأسباب لذلك:
- وراثية
- ارتفاع في الوزن 
- وهذا النوع من الفتيات لديهن الاحتمال أكثر للإصابة بالسكري مستقبلا وفي فترة الحمل أيضا، فهما مرتبطان ببعضهما، ومن الممكن ألاَّ يحدث ارتفاع بالوزن ولكن الظاهرة تظهر لديهن.
ما هي أسس العلاج؟
النزول بالوزن والرياضة هما الأساس للعلاج. في حالات معينة يتم استعمال أنواع من الأقراص لتنظيم الدورة الشهرية أو الإباضة.


هل ذلك يؤدي لمرض السكر مستقبلا لدى حاملات الظاهرة؟
- ليس بالضرورة دائما، ممكن أن يكون احتمال أكبر للسكر مستقبلا وفي فترة الحمل أيضا.
 بالنسبة للحمل أو سكري ناتج عن الحمل، ماذا يعني ذلك؟
في الحمل، بعد الأسبوع ال 20 للحمل هنالك هورمونات تُفرز وترتفع في الجسم "HPL" وغيرها، تفرز من المشيمة تؤدي لمقاومة الإنسولين، ولها علاقة مباشرة لارتفاع السكري لديهن في فترة الحمل، ونتيجة وجود عامل وراثي أو زيادة في الوزن، يظهر لديهن ارتفاع بالسكر في الجسم. يعتمد العلاج منذ لحظة التشخيص على تغذية خاصة بالحمل منخفضة السكريات، إذا لم يتم الوصول لدرجات السكر المرغوبة عندها يجب إضافة الإنسولين بمصادقة.

كلمة للأهل حين يكون الأطفال لديهم سكري ما الحل وما الأمل وماذا تقول؟ 
- هنالك اليوم أجهزه حديثة تسيطر على مستوى السكر مدة 24 ساعة في اليوم، وهنالك أدوية ومضخات مع أفضل علاج مريح ونمطه سهل، وهنالك طبعا أناس يفضلون الإبر، وأغلب المرضى اليوم مرتبطين بمجسات عديدة ومتنوعة نراقب من خلالها مستوى السكر، ممكن على التلفون مراقبة سكر الأولاد، وهذا يعد انقلابا جيدا.
ولكن....
يجب الانتباه بأن المشكلة الأصعب لدى الأولاد وصغار السن ليست بارتفاع نسبة الإصابة بالسكري من الفئة الأولى، المشكلة الأساسية اليوم عند الأطفال هي الوزن الزائد والسمنة، والتي تؤدي للإصابة بفئة 2 عند الأطفال، هذه ظاهرة مخيفة جدا، يافعون مع سمنة زائدة وسكري فئة 2، وهذا مقلق للغاية، وهذا  كله نتيجة التغيير في أنماط الحياة، بدون رياضة وأخذ الأكل السريع وغير الصحي، هذه مشكلة جديدة. 

أجرت اللقاء وحررته: سوسن غطاس موقع والدية برعاية موقع عرب 48