سوريا: دماء الأبرياء تطاول السماء بأكثر أيام الحرب وحشية

هزّت سلسلة تفجيرات الأحد، حمص، وسط سوريا، ومنطقة السّيّدة زينب بريف دمشق، والتي تبنّاها تنظيم الدّولة الإسلاميّة موقعة 142 قتيلًا على الأقلّ، فيما تتواصل القمم والمؤتمرات التي تهدف لوقف الاقتتال الطّاحن منذ قرابة الخمس سنوات.

سوريا: دماء الأبرياء تطاول السماء بأكثر أيام الحرب وحشية

هزّت سلسلة تفجيرات الأحد، حمص، وسط سوريا، ومنطقة السّيّدة زينب بريف دمشق، والتي تبنّاها تنظيم الدّولة الإسلاميّة موقعة 142 قتيلًا على الأقلّ، فيما تتواصل القمم والمؤتمرات التي تهدف لوقف الاقتتال الطّاحن منذ قرابة الخمس سنوات.

وشهدت حمص، ثالث مدن البلاد، الاعتداء الأكثر دمويّة منذ العام 2011، مع سقوط 59 قتيلًا في التّفجيرات، بحسب 'المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان'، فيما قتل 83 شخصًا في تفجيرات بمنطقة السّيّدة زينب بريف دمشق، لاحقًا.

وفي هذه الأجواء، ورغم فشل محاولات سابقة لإعلان وقف لإطلاق النّار في سوريا، أعلن وزير الخارجيّة الأميركيّ، جون كيري، من عمّان عن 'اتّفاق مؤقّت مبدئيًّا'، مع روسيا على بنود هدنة يمكن أن 'تبدأ في الأيّام المقبلة'.

وتسعى القوى الكبرى إلى وقف للقتال، كان يفترض أن يدخل حيّز التّنفيذ يوم الجمعة الماضي، لكن الخلاف استمرّ حول كيفيّة تطبيقه.

وفي منطقة السّيدة زينب، الواقعة على بعد خمسة كيلومترات جنوبيّ دمشق، والتي تضمّ مقامًا دينيًّا للشيعة، قتل 83 شخصًا وأصيب 178 بجروح بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السّوريّة الرّسميّة 'سانا'.

وكانت الحصيلة السّابقة التي أوردها 'المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان'، أشارت إلى سقوط 68 قتيلًا.

ونقلت 'سانا' عن مصدر في قيادة شرطة ريف دمشق قوله 'ارتقى 83 شهيدًا وأصيب 178 بجروح إصابات بعضهم خطيرة جدًا، جرّاء ثلاثة تفجيرات إرهابيّة متتالية في شارع المدارس ببلدة السّيّدة زينب'.

وأوضح المصدر أنّ 'إرهابيّين فجّروا بعد ظهر اليوم (الأحد) سيّارة مفخّخة بكميّة كبيرة من المتفجّرات تبعها تفجيران انتحاريّان بحزامين ناسفين بعد تجمّع المواطنين لإسعاف الجرحى'.

ولفت إلى 'تعاقب التّفجيرات الإرهابيّة بفارق زمنيّ قليل بينها' مضيفًا أنّه تمّ نقل الجرحى إلى عدد من المشافي العامّة والخاصّة بدمشق.

وتبنّى تنظيم الدّولة الإسلاميّة الهجوم قائلًا إنّ اثنين من انتحاريّيه فجّرا نفسيهما هناك، مهدّدًا بشنّ هجمات جديدة. ولم يشر التّنظيم إلى تفجير ثالث كان أشار إليه المرصد والتّلفزيون السّوريّ.

وشوهد في المكان ركام سيّارات محترقة، وحطام زجاج في منطقة الانفجار. ووقعت الاعتداءات على بعد 400 متر من ضريح السّيّدة زينب.

وقال إنّ 60 متجرًا على الأقلّ، تضرّرت جرّاء التّفجيرات.

وجاءت تفجيرات منطقة السّيدّة زينب بعد ساعات على تفجيرين بسيارتين مفخّختين في مدينة حمص، أوقعا 59 قتيلًا بحسب حصيلة جديدة لـ'المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان'.

وتبنّى تنظيم الدّولة الإسلاميّة أيضًا تفجيري حمص.

ويسيطر النّظام السّوريّ على مدينة حمص بشكل شبه كامل منذ أيّار/مايو 2014، بعد خروج مقاتلي المعارضة من أحياء المدينة القديمة إثر حصار خانق تسبّب بمجاعة ووفيّات.

'رسالة تحدّ'

واعتبر 'مدير المرصد السّوريّ لحقوق الإنسان'، رامي عبد الرّحمن، أنّ تنظيم الدّولة الإسلاميّة الذي يتعرّض لضربات من التّحالف الدّوليّ بقيادة الولايات المتّحدة لكن أيضًا لغارات جويّة روسيّة، يريد توجيه رسالة مزدوجة.

وقال 'إنّها رسالة أوّلًا إلى المجتمع الدّوليّ لكي يثبت أنّه لا يزال قويًّا رغم الضربات'.

وأضاف أنّ تنظيم الدّولة الإسلاميّة استفاد من ضعف فصائل المعارضة في شمال سوريا أمام الجيش السّوريّ 'لكي يثبت أنّه الوحيد القادر على ضرب النّظام في معاقله وكذلك الشّيعة والعلويّين'.

وشهدت منطقة السّيّدة زينب في 31 كانون الثّاني/يناير الماضي ثلاثة تفجيرات متزامنة، نفّذ انتحاريّان اثنين منها، أسفرت عن مقتل 70 شخصًا وتبنّاها تنظيم الدّولة الإسلاميّة.

وتضمّ البلدة مقام السّيّدة زينب، الذي يعدّ مقصدًا للسياحة الدّينيّة في سوريا. ويقصده زوّار، تحديدًا من إيران والعراق ولبنان رغم استهداف المنطقة بتفجيرات عدّة في السّابق.

وفي أماكن أخرى في البلاد، تواصلت المعارك بين قوّات النّظام وفصائل المعارضة. وسجّلت مواجهات أخرى بين قوّات كردية وجهاديّة أو حتى فصائل معارضة وجهاديّين.

وفي محافظة حلب الإستراتيجيّة، شماليّ البلاد، تمكّنت قوّات النّظام من التّقدّم بفضل هجوم بدأ في 1 شباط/فبراير بدعم من الطّيران الرّوسيّ.

وأفاد 'المرصد السّوريّ' الأحد، عن مقتل خمسين جهاديًّا من التّنظيم المتطرّف على الأقلّ، خلال المعارك مع الجيش السّوريّ الذي يحرز تقدّمًا منذ بدء معركته في ريف حلب، فجر السّبت.

بنود وقف النار تعرض على أوباما وبوتين

تأتي التّفجيرات الأخيرة، فيما تواصل القوى الكبرى مساعيها لتطبيق اتّفاق وقف الأعمال العدائيّة الذي كان يفترض أن يدخل حيّز التّنفيذ، الجمعة.

لكن الوضع المعقّد جدًا على الأرض جعل من الصّعب تطبيق هذا الاتّفاق رغم جهود الأمم المتّحدة وخصوصًا الولايات المتّحدة.

وأعلن كيري من عمّان، الأحد عن اتّفاق 'مؤقّت من حيث المبدأ على شروط وقف الأعمال العدائيّة من الممكن أن يبدأ خلال الأيّام المقبلة' وذلك بعد حديثه هاتفيًّا مع نظيره الرّوسيّ، سيرغي لافروف.

وأضاف كيري أنّ الاتّفاق 'لم ينجز بعد وأتوقّع من رئيسينا الرّئيس أوباما والرّئيس الروسيّ فلاديمير بوتين أن يتحادثا في الأيّام المقبلة في محاولة لإنجاز هذا الاتّفاق'.

وأعلنت وزارة الخارجيّة الرّوسيّة في بيان أنّ لافروف وكيري تشاورا هاتفيًّا مرّتين مجدّدًا، مساء الأحد وأنّ بنود اتّفاق وقف إطلاق النّار ستعرض قريبًا على الرّئيسين الأميركيّ، باراك أوباما والرّوسيّ، فلاديمير بوتين.

وكيري ولافروف هما المهندسان الرّئيسيّان في المجموعة الدّوليّة لدعم سوريا، التي تضمّ 17 دولة، واتّفقت في ختام اجتماعها في ميونيخ في 12 شباط/فبراير على 'وقف الأعمال العدائيّة' في سوريا بهدف أحياء مفاوضات السّلام ووقف نزوح المدنيّين.

وكان من المفترض أن يدخل هذا الاتّفاق حيّز التّنفيذ في 19 شباط/فبراير لكن المعارك تواصلت في سوريا بعد انقضاء تلك الفترة.

وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة، السّبت، موافقتها على هدنة شرط الحصول على ضمانات دوليّة بوقف العمليّات العسكريّة من حلفاء النّظام السّوريّ، خصوصا إيران وروسيا.

من جهته، قال الرّئيس السّوريّ، بشّار الأسد، في مقابلة نشرها السّبت موقع صحيفة 'البايس' الإسبانية إنّه مستعدّ للقبول بوقف إطلاق النّار لكن على ألّا يسمح ذلك باستغلاله من قبل 'الإرهابيّين'.

ويبدو أنّ أيّ إشارة لم تصدر من موسكو حتى الآن فيما يتعلّق بضرباتها الجويّة في سوريا دعمًا لنظام الأسد.

وتعهّدت روسيا السّبت مواصلة تقديم الدّعم للنظام السّوريّ لمحاربة المجموعات 'الإرهابيّة'.

وكان النّزاع في سوريا قد دخل مرحلة جديدة مع بدء القوّات التّركيّة قبل أسبوع قصف مواقع للمقاتلين الأكراد السّوريّين في شمال سوريا الذين تعتبرهم 'إرهابييّن'.

اقرأ أيضًا| سورية: 46 قتيلًا وعشرات الجرحى بتفجيرين في حمص

التعليقات