31/10/2010 - 11:02

رأيتُ الشامَ في حُلُمي / شعر: سعود الأسدي

-

رأيتُ الشامَ في حُلُمي / شعر: سعود الأسدي
.

هتفتُ بالشام ِ ما أحْلاكِ يا شامُ ! والشامُ تشهدُ أنّ اللهَ رَسّامُ
بريشة ِالحُسْن ِربُّ الكون ِزَخرَفَها كالشعرِ زَخْرَفهُ مَعْنىً وأنغامُ
يا شامُ يا شامة َالدّنيا وبسمتها لولاكِ ما قلْتُ : ثغرُ الدهرِ بسّامُ
ولم اُعيّدْ فأعيادي رَحَلنَوما تفتّحَتْ في رياض الرّوح ِأكمامُ
ولا عَزَفتُ على قيثارتي نغما عَذباً لتدْمُرَ قد نَدّاهُ إحكامُ
ولا شدَوْتُ بأشعارٍ مُعَتقَةٍ غَنّى بها بَعْدَ عشتاروتَ آرامُ
من جاسمٍ، وأبو تمّامٍ اتّسقتْ أشعارُه ، وهو للأشعار تمّامُ
وهوَ الذي اعتامَ من شعر الحماسةِ ما يَعْتامُهُ الذوقُ ، والأشعارُ تُعْتامُ
ألسيفُ أصدقُ لمّا هَلَّ مطلعُها قالتْ لهُ : قلتَ كلَّ الصدق ِ أقلامُ
والكُتْبُ في الدُّرْج ِ قالتْ في سرائرها لايعرفُ الصدقَ في التنجيم ِنَجّامُ
وَمنبج ٍ ، ووليدُ الشعْر أرْسَله كالغيم يَهْمي لهُ في الحِسّ إرْهامُ
حتى غَدَا كلّ قوس ٍفوقهُ قزَحاً مُضَمَّخا تستقي رَياهُأنسامُ
رَعْياً لحِمْص ٍو «ديكِ الجنِّ » شاعرِها فكمْ لهُ في بديع الشعر إسهامُ
قد رقصَ الجنَّ حتى غابَ فانتحبوا والجنُّ مُذ ْ غابَ ديكُ الجن ِ أيتامُ
أفديهِ من شاعر ٍ والمُجْنُ غَرّمَهُ غرْماً ثقيلاً ، وأهلُ المُجن ِ غرّامُ
يا شعرُعَرِّجْ على الشهباءِ شامخة ً بما ابتناهُ زكيّ العِرْق ِمقدامُ
قد كانَ سيفاً وَصَمْصَاماً لدولتِهِ ما كلُّ سيفٍ بيومِ الرّوْع ِصَمْصَامُ
وَسَلْ رُباها ورَبَّ الشعرِ ملحمة ً تعيدُ مجدَ الألى في مجدها هاموا
للهِ دَرّكَ يا كِنديُّ كمْ دُرَرٍ لكَ اشتهَى نظمَها في السِلكِ نَظّامُ
أقمْتَ بالشعر مُلكاً لا حُدود َ له بمثلهِ أبداً ما همّ هَمّامُ
ونلتَ خُلداً وذي الأحقابُ شاهدةٌ وسائرُ الناس ِأيام ٌوأعوامُ
وفي المَعَرّةِ عِمْلاقٌ به طلعتْ شمسٌ فزالَ عن الأفكار إظلامُ
عَرّى الحقائقَ حتى بانَ غامضها كالصبح ِ وانزاحَ تضليلٌ وإيهامُ
قد شادَ للعقلِ لمّا أن أشادَ بهِ صَرحًا ، ولكنْ قليلُ العقل ِهَدّامُ
من لي بعقل ِ«رهين ِالعقل ِ«أعبُدُه رَبّاً ، فما تعبدُ الجُهّالُ أصْنامُ
يا شعرُ عُدْ بي إلى الفيحاء أسألها رشفاً لروحيَ مِمّا تسكبُ الجَامُ
فإن سَكِرْتُ فإنّ الوَجْدَ أسْكرَني شوقاً إليها وبعضُ الوَجْدِ إكرامُ
وإن شَقَقتُ ثيابي فاعْذروا رجلاً صلّى وصامَ لمنْ صَلَّوا ومنْ صاموا
كأنّ أنفاسَ »مُحي الدين«ِ في جسدي » بباب توما« وقد أعياهُ تهْيامُ
إنّي لأسجدُ في الفيحاءِ مستلماً رُكناً لتاريخِها والعدلُ قوّامُ
على ضفافٍ لنهرٍ جَالَ في خَلدي منذ ُ الطفولةِ ، فيه الطيرُ عَوّامُ
كأنّما الطيرُ خيلٌ فيه سابحة لها من الرّيح إسراجٌ وإلجامُ
والزهرُ في ضِفتيه نرجسٌ عَبقٌ أنفاسهُ ، لاغَضَىً يُؤذي وقلاّمُ
وظبية ُالأنس تشدو في رفارفِه » يا ليل« والليلُ رَغْمَ السِّتر نَمّامُ
والراقصاتُ حواري النبع ِ قد أنِسَتْ والوارداتُ ضفافَ النهرِ آرامُ
والحاملاتُ بَخُورًا مِسْنَ من طرَبٍ مَيْساً ، وَرَفتْ مناديلٌ وأكمامُ
سُمْرٌ وشقرٌ بناتُ الشام ِ قد وُصفتْ بشعرِمن شِعْرُهُمْ تهْواه أفهامُ
فذا نِزارٌ وقد أصْغى الوجودُ لهُ مُذ جادهُ من إلهِ الشعر إلهامُ
أعادَ سحر َالهَوَى يا حسنَه غزَلاً فذ ّاً ، همومٌ بهِ تُجْلَى وأسقامُ
وذاكَ« شبلي« الذي غنّت قصايدُهُ ببأس ِقوم ٍعلى الأتراك ِ قد قامُوا
وإنّ « سلطانَ باشا« قائد ٌعلمٌ بالنصر ِ يخفقُ ما وارَتهُ أعلامُ
قد ثارَ والناسُ قد ثاروا لثورثهِ ورامَ فوزاً وقد فازوا بما رامُوا
و« ميسلونَ » ثوَى ليثٌ بساحتها هُوَ« ابنُ عَظمَة َ«قد وَافاهُ إعظامُ
أولاءِ أقطابُ مََجْد ٍ تمَّ عِقدُهُمُ لمّا أتى الشيخُ عزُّالدين ِ قسّامُ
كم صالَ في ساحةِ الهيجا وجالَ بها كأنّهُ في رَحَى الميدان ِ ضِرْغَامُ
وهو الشهيدُ قضَى في » يَعْبَدٍ » ولقد قامَتْ تظلّلهُ في الأرض آجامُ
أولاءِ قومي وقد اُرضِعْتُ مجدَهُمُ وقد كَبرْتُ ولمّا يَأن ِ إفطامُ
من صغر سنّي حلمتُ ا لشامَ أقدُمُها وهي التي صاغَها عَزمٌ وإقدامُ
قد كنتُ طفلاً بأحلامي ويسعدُني بأنْ أظلَّ ، وهلْ في الحُلم اُلتامُ
واليومَ حينَ رأيْت ُ الشامَ في حُلمي وقد سَعِدْتُ، فهلْ لي بعدُ أحلامُ
حقّقتُ حُلْميَ في حُلْمي فوافـرَحي فللحزين ِمن الأفراح أيّـامُ
آلامُ روحيَ قد زالتْ برُؤيتِها فعَنْ فلسطينَ هلْ تنزاحُ آلامُ
فالقدسُ في جُرْحها والجُرْحُ يُؤلمُها والشامُ ينتابُها للجرح إيلامُ
والقدسُ ما أغمضَتْ في ليل ِغُرْبتها والشامُ قد سَهرَتْ ليلاً لمن ناموا
ناموا! أجلْ نومَ أهل ِالكهف ِ ما فتِئوا وقدْ تقومُ لداعي الفجر ِ أغنامُ
طوباكِ يا شامُ كمْ عِبء ٍ نهضت ِ بهِ ففيكِ للمجدِ أخوالٌ وأعمامُ
في الشام أهلي وقلبي فيه موضعُهمْ فلنْ يَضُرَّ بحبِّي الشامَ لوّامُ
إنّ العروبة َإنْ ضاقتْ بها سُبُلٌ نادَتكِ فانفرجتْ ، لبّيكِ ياشامُ!



هوامش : 1) تدمر: مدينة سورية تاريخية ازدهرت حضارتها . من أشهرملوكها أذينة وزوجته زنوبيا . 2) عشتاروت إلهة الحب والحرب عند البابليين . عشتار عند الفينيقيين . 3) آرام : أبو الشعوب الآراميية / السورية . 4) جاسم : مدينة في حوران ولد فيها أبو تمّام حبيب بن أوس الطائي الشاعر الحكيم صاحب ديوان الحماسة .5) ألسيف أصدق : مطلع قصيدة أبي تماميوم فتح عمّورية أيام الخليفة المعتصم العبّاسي . 6) منبـِج : مدينة في شمال سوريا ولد فيهاالوليد بن عبادة وهو الشاعر البحتري . 7) ديك الجنّ : لقب الشاعر عبد السلام بن رغبان . ولد وعاش في مدينة حمص وكان ماجناً بديع الشعر . 8) الكِنـْديّ : هو أبو الطيّب المتنبي شاعر العرب الأكبر، نسبة إلى كندة وهي محلّة قرب الكوفة . 9) رهين العقل : هو رهين المحبسين الشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعرّيّ نسبة إلى معّرة النعمان بين حماة وحلب الشهباء/ البيضاء مدينة سيف الدولة الحمداني . 10) الفيحاء : هي دمشق ويسمّيها الفلسطينيون الشام . لقّبت بالفيحاء لاتساعها.11)محي الدين: هو الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي الأندلسي شاعر صوفي كبير قدم إلى دمشق وتوفي فيها، له نحو اربعمائة كتاب .12)باب توما: هو أحد أبواب سور دمشق في الجهة الشمالية الشرقية منها.13) النهر : نهر بردى. 14) نزار : هو نزار قبّاني شاعر الغزل والحب والسياسة . 15) شبلي : هو شبلي الأطرش : أمير شعراء العامة في سورية.له ديوان ضخم يحوي قصائد ملحمية مطوّلة تحكي عن أمجاد ثورة جبل حوران علىالأتراك ، وفيه تصوير لمعاناة جبل حوران من بطش الأتراك ، وشدة بأس بني معروففي قراعمدحت باشا وعسكره ، وما لاقاه شبلي الأطرش من نفي وتشريد عن الأهل والوطن في الأناضول وجزيرة رودس ومالطة وسواها ، ولكن ديوان شبلي للأسف غير مخدوم بالشرح والتعليق ناهيك عن طباعته السيئة . 16) سلطان : هو سلطان باشا الأطرش قائد عام الثورة السورية ضد المستعمرين الفرنسيين حتى نالت سوريا استقلالها .17) ميسلون: موقعة قرب دمشق استشهد فيها القائد يوسف العظمة فيمعركة ضد الفرنسيين . 18) الشيخ عز الدين القسّام : ثائرمن جبلة في سورية قدم إلى فلسطين ، وقاد ثورة 36 على الإنجليز ، استشهد في أحراش يعبد قرب جنين.

التعليقات