تغييرات في معايير قبول المعلمين وإحكام القبضة

باشرت وزارة التعليم بإجراء تغييرات في معايير قبول المعلمين لسلك التعليم من خلال إجراء فحوصات شخصية لوظيفة المعلم لديها على أن لا تكون المؤهلات مرتبطة فقط بشهاداتهم وتحصيلهم العلمي وإنما بالملاءمة الشخصية للمتقدم لهذه الوظيفة،

تغييرات في معايير قبول المعلمين وإحكام القبضة

باشرت وزارة التعليم بإجراء تغييرات في معايير قبول المعلمين لسلك التعليم من خلال إجراء فحوصات شخصية لوظيفة المعلم لديها على أن لا تكون المؤهلات مرتبطة فقط بشهاداتهم وتحصيلهم العلمي وإنما بالملاءمة الشخصية للمتقدم لهذه الوظيفة، ومن بينها الملكة القيادية، والقدرة على اتخاذ القرارات، والقدرة على التعامل في أجواء مأزومة وضاغطة وغيرها.

دراسة وبحث

اعتبر رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي في البلاد، الأستاذ محمد حيادري، أن 'الأمر يحتاج إلى دراسة وبحث مستفيضين، ولكنه عموما وبنظرة أولية خطوة إيجابية'.

وقال لـ'عرب 48' إنني 'أعتقد استنادا إلى تجربة طويلة في سلك التعليم أن ما عمل به قبل إعلان هذه الخطوة لم يكن كافيا، بمعنى لا يكفي اعتماد الشهادات والنقاط، بل يجب أن يكون المعلم مؤهلا وصاحب شخصية وثقافة تربوية لأنه بالإضافة إلى كونه معلم فهو مرب أيضا. أرى أن ما طرح الآن نظريا هو المناسب لاختيار المعلم الأفضل للتعليم والتربية بشكل مهني، وليس كهواة ويجب على المعلم أن يكون مربيا وقدوة، وهذا الاختبار ضروري وبموجبه تمنح الوظيفة لمن يستحقها. يجب أن تكون المعايير والاعتبارات موضوعية'.

وردا على سؤال حول ما إذا نوقشت هذه القضية داخل اللجنة التي يرأسها، أجاب: 'حقيقة نحن باللجنة لم نناقش الأمر بعد، ولكن هذه رؤية ورأي أولي'.

مطلوب وصحي

المربي 'أ' اعتذر عن نشر اسمه بسبب أن تصريحه يحتاج إلى موافقة الوزارة، واعتبر أن 'تغيير معايير القبول للمعلم في سلك التعليم هو أمر مطلوب وصحي لأن ذلك يعني اعتماد المهنية'.

وقال لـ'عرب 48' إن 'مهنة التعليم على أهميتها البالغة يجب أن تشترط وتعتمد المؤهلات المهنية التعليمية والتربوية وعدم الاكتفاء بالشهادات خصوصا أنه بات معروفا أن الكليات كثيرة في البلاد منها وبعضها يتفشى به الفساد والمحسوبيات والاعتبارات غير المهنية، كما أنه هناك الكثير من المعلمات والمعلمين الذين يمارسون المهنة ولا يملكون كل المؤهلات المطلوبة، يكفي أنهم حملة شهادات!'.

وأضاف أننا 'في ظل تراجع العملية التربوية، إلى حد كبير، يجب إعادة النظر في مكونات سلك التعليم من مناهج وتوظيفات، ومعلمين ومديرين ومستشارين واختصاصيين، في مسعى لاستعادة الاعتبار للعملية التربوية، بصرف النظر عما يقف خلف هذه الخطوة الجديدة'.

إحكام القبضة

واعتبر المحاضر واختصاصي السياسات التربوية، د. أيمن إغبارية، أن 'فرض اختبارات فحص الشخصية والملاءمة لمهنة التعليم هو جزء من طغيان الخطاب النيوليبرالي الذي يقوم ليس فقط على منطق السوق والمنافسة، بل أيضا على تسييد الخطاب العلاجي والإكلينيكي على التربية والتعليم'.

وقال لـ'عرب 48': 'أنظر على سبيل المثال إلى توسع عمل دائرة الخدمات النفسية (شفي) في المدارس في السنوات الأخيرة، ودخولها إلى مواضيع جديدة لم تكن من صلب عملها مثل مهارات الحياة، دروس التربية، إلخ. الخطاب العلاجي يتجلى أيضا بمفردات العلاج التي صارت طاغية على لغة التربية حيث صارت العناية بالمشاكل والفروقات الفردية أكثر منها بالقضايا البنيوية والعامة'.

وأضاف: 'لننظر أيضا إلى شيوع أبحاث الدماغ وطرق التعليم في التربية والتعليم على حساب أبحاث علم اجتماع التعليم وسياساته، على سبيل المثال. هذه الاختبارات تعكس إيمانا ساذجا بالاختبارات كأداة علمية وموضوعية بالإمكان تطبيقها والمقارنة حسبها بدون الأخذ بالاعتبار الفروقات والسياقات الثقافية، إيمان ساذج بقدرة الاختبارات على التنبؤ'.

وشدد بالقول إنه 'طبعا في ذلك إشكاليات منهجية كثيرة تتعلق بصدقية وثبوتية هذه الاختبارات. الأهم في كل هذا أن فرض الاختبارات هو جزء من عملية إحكام القبضة على التربية والتعليم من قبل الوزارة، في حين تتحكم الوزارة وبمركزية عالية بمخرجات التعليم من خلال الامتحانات والتقييمات المختلفة للطلبة والمعلمين، فإنها الآن تحاول التحكم بمزيد من مدخلات التعليم'.

اقرأ/ي أيضًا | الثلاثاء: إضراب في المدارس الثانوية

وأوضح أن 'الوزارة بهذه الخطوة تقرر للمدارس ليس فقط المناهج والميزانيات والبنى التحتية، بل أيضا شخصية المعلم الملائم وطبيعته. شخصيا أستغرب صمت الكليات إزاء هذه الخطوة وذلك لأنه من المبكر إجراء الفحوصات قبل الالتحاق بالتعليم فعليا، الطلبة يتغيرون ويتطورون خلال تعليمهم وليس من المنصف الحكم عليهم مسبقا. ثانيا، بالإمكان تشخيص الحالات المتطرفة من حيث عدم الملاءمة للتعليم بوسائل أكثر فاعلية مثل المقابلات والمجموعات البؤرية دون الحاجة لإخضاع الجميع لهذه الاختبارات'.

التعليقات