غلاء الأدوية وندرتها يدفع اللبنانيين للتداوي بالأعشاب

عاد اللبنانيون إلى محلات بيع الأعشاب الطبية أو ما يُعرف بالعطارة، بحثا عن علاج مفقود نتيجة شح الأدوية وغلاء أسعارها، بعدما هجروها لسنوات.

غلاء الأدوية وندرتها يدفع اللبنانيين للتداوي بالأعشاب

أحد محلات بيع الأعشاب في لبنان

عاد اللبنانيون إلى محلات بيع الأعشاب الطبية أو ما يُعرف بالعطارة، بحثا عن علاج مفقود نتيجة شح الأدوية وغلاء أسعارها، بعدما هجروها لسنوات.

وفضلا عن أن الأعشاب متوافرة في الأسواق وسعرها أدنى من أسعار الادوية، يُنظر إليها أيضا على أنها صحية ولا آثار جانبية لها على جسم الإنسان كونها طبيعية.

هذا الواقع مدفوع بتراجع القدرة الشرائية للبنانيين على إثر الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة في بلدهم، تخللها تقليص الحكومة دعمها لاستيراد السلع الأساسية كالوقود والأدوية قبل أشهر.

وكان الدعم يهدف إلى المحافظة على أسعار منخفضة لتلك السلع عقب تدهور قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي بنسبة نحو 92 بالمئة على مدى عامين، إلا أن تقليص الدعم أدى إلى ارتفاع أسعار الأدوية بنحو 12 ضعفا.

ومنذ أواخر 2019 تعصف بلبنان أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تراجع احتياطي العملات الأجنبية في البنك المركزي، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، إضافة إلى تفشي الفقر والبطالة.

زيادة الإقبال بنسبة 80% على الأعشاب

في المقابل، فإن نسبة الإقبال على الأعشاب الطبية سجلت زيادة بنسبة نحو 80 بالمئة، بحسب ما قال محمود زهير المغربي صاحب أحد محال لبيع العطارة في العاصمة بيروت.

وقال المغربي إنه لاحظ تزايد الاقبال على شراء الأعشاب الطبية خلال الأشهر الماضية، مشيرا إلى أن سوق الأعشاب في لبنان موجود منذ زمن لكنه يشهد ازدهارا مؤخرا.

وفي السنوات الماضية كان استهلاك الأعشاب محدودا ومحصورا بكبار السن، إلا أن غلاء الأدوية وفقدان قسم كبير منها جعلها خيار الباحثين عن علاج لبعض الأمراض والحالات الصحية، في ظل صعوبة الحصول على دواء.

رواج الأعشاب في زمن جائحة كورونا

وأضاف المغربي: "سبحان الله، ربّ ضارة نافعة، لأن الكثير من الناس بدأت تكتشف المنافع العديدة للأعشاب الطبية، بعدما كان قسم كبير منهم يجهلونها سابقا".

ومن بين تلك الأعشاب منها ما يساعد على التخلص من السعال، مثل عشبة البيلسان والزعتر والبابونج والزوفا، بحسب المتحدث.

ولفت إلى أن "هذه الأنواع من الأعشاب رواجا كبيرا هذه الفترة خصوصا في ظل جائحة كورونا وما يرافقها من عوارض صحية على الجهاز التنفسي".

أعشاب مهدئة للأعصاب

وفي ظل الظروف الصعبة التي يرزح تحتها المواطنون، فإن الإقبال يتركز أيضا على الأعشاب التي تستخدم كمهدئ للأعصاب مثل عشبة المليسة واللويزة واليانسون والخزامى، بحسب المغربي.

وأضاف أن "البعض يطلب كذلك أعشابا تساعد على التنحيف".

ويستورد لبنان نحو 70 بالمئة من الأعشاب الطبية من السعودية وسورية وتركيا وإيران والهند، فيما 30 بالمئة تنبت في لبنان حيث يتم قطفها وتجفيفها ومن ثم بيعها في محلات مخصصة تسمى "العطارة".

تخفيف الآلام

الإقبال المتزايد على الأعشاب يؤكده أيضا أحمد عبد الرحمن الصوص وهو أحد أصحاب محال العطارة في بيروت، حيث قال إن تزايد الإقبال سببه غلاء الأدوية.

وبحسب الصوص، فإن معظم الزبائن تشتري أعشابا لعلاج الأمراض الصدرية وآلام المعدة والرأس وللتخفيف من التوتر العصبي.

"إذا لم تنفع فإنها لن تضر"

ومن بين الأعشاب التي تلقى إقبالا البابونج والقصعين والبنفسج، مشيرا إلى أن أنواعا أخرى من الأعشاب تساعد على توسعة الشرايين ومنع التجلطات الدموية، وفق المتحدث ذاته.

ولفت إلى أن العديد من الناس يعتمدون على معلومات متوافرة عبر الإنترنت بحثا عن نوع العشبة التي تناسب وضعهم الصحي، لافتا إلى انه بجميع الأحوال فإن الاعشاب اذا لم تنفع فإنها لن تضر".

أفضل من لا شيء

"لو كانت الفائدة 10 بالمئة أفضل من لاشيء"، هذا ما قاله المواطن الستيني أبو صبحي الذي يلجأ إلى الأعشاب الطبية في كثير من الأحيان.

وأضاف: "أشتري أعشاب ثم أقوم بغليها في الماء الساخن، ثم أشربها كعلاج لعدة ووقاية من العديد من الأمراض".

وتابع: "ليس لدي القدرة على شراء الأدوية من الصيدليات لذلك نتبع هذا الأسلوب"، مضيفا: "ليس باليد حيلة (..) في هذا البلد الفقير انتهى".

لا مفرّ من الدواء أحيانا

أما أبو حمد الذي يعاني من مرض ضغط الدم والسكر، يشكو من ارتفاع أسعار الأدوية ويقول إنه يفضل اللجوء إلى الاعشاب قدر الإمكان. لكن لا مفر من تناول الدواء لحالته، بحسب قوله.

وقال: "نفضل العودة إلى الأعشاب خصوصا أنها تربطنا بتراثنا القديم، حيث كان آباؤنا وأجدادنا يلجأون إليها لعلاج كثير من الأمراض".

ولفت إلى أنه استبدل دواء مخصص للحساسية بعشبة طبيعية، بعدما ارتفع سعر الدواء عدة أضعاف.

من جهته، قال رجب الحاج إن دواء آلام الرأس كان سعره 4 آلاف ليرة أصبح 100 ألف ليرة، وعليه فإن كثيرا من الناس محرومون من تناول الأدوية، ولذلك فإن قسما كبيرا منهم لجأ إلى الأعشاب بسبب هذا الواقع.

التعليقات