الأسد يشيد بمواقف الإمارات "الموضوعية والصائبة"

استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، اليوم الثلاثاء، وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد آل نهيان، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي لنظام الأسد، في أول زيارة رسمية بهذا المستوى منذ قطع العلاقاتها الدبلوماسية بين الجانبين إثر اندلاع الثورة السورية.

الأسد يشيد بمواقف الإمارات

(تصوير: رئاسة النظام السوري)

استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، اليوم الثلاثاء، وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد آل نهيان، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي لنظام الأسد، في أول زيارة رسمية بهذا المستوى منذ قطع العلاقاتها الدبلوماسية بين الجانبين إثر اندلاع الثورة السورية.

وعلى غرار دول غربية وخليجية عدة، قطعت الإمارات في شباط/ فبراير 2012 علاقتها الدبلوماسية مع نظام الأسد، بعد نحو عام من الثورة الشعبية السلمية التي واجهتها قوات الأمن بالقمع، وسرعان ما تحولت نزاعًا مسلحًا. وفي نهاية العام 2018، استأنفت الإمارات العمل في سفارتها لدى دمشق مع بدء مؤشرات على محاولة لإعادة شرعنة نظام الأسد.

وأوردت وكالة الأنباء الرسمية التابعة للنظام في دمشق ("سانا")، أن الأسد استقبل آل نهيان على رأس وفد رفيع. وجرى خلال اللقاء "بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وتطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وتكثيف الجهود لاستكشاف آفاق جديدة لهذا التعاون خصوصًا في القطاعات الحيوية من أجل تعزيز الشراكات الاستثمارية في هذه القطاعات".

ونقلت "سانا" عن الأسد تأكيده على "العلاقات الأخوية الوثيقة" بين البلدين؛ ونوّه إلى ما وصفه "بالمواقف الموضوعية والصائبة التي تتخذها الإمارات" التي "وقفت دائمًا إلى جانب الشعب السوري"، على حد ادعاءاته.

ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، علّقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق، كما قطعت دول عربية عدة علاقاتها مع دمشق بينها الإمارات، فيما أبقت أخرى بينها الأردن على اتصالات محدودة بين الطرفين. وشكلت سلطنة عُمان استثناء بين الدول الخليجية.

وقدمت دول خليجية، أبرزها السعودية، دعمًا ماليًا وعسكريًا لفصائل المعارضة السورية، قبل أن يتراجع الدعم تدريجيًا خلال السنوات الماضية مع تقدم قوات النظام بدعم عسكري روسي وإيراني على الأرض.

وبعد القطيعة العربية، برزت خلال السنوات القليلة الماضية مؤشرات عدّة على انفتاح عربي تجاه دمشق في محاولة لإعادة شرعنة نظام الأسد عربيا ودوليا، وإن كان بطيئًا، بدأ مع إعادة فتح الإمارات سفارتها في دمشق في 2018، بعد سبع سنوات من القطيعة الدبلوماسية، ثم تأكيد وزير خارجيتها، قبل أشهر، أن "عودة سورية إلى جامعة الدول العربية في مصلحتها ومصلحة البلدان الأخرى في المنطقة".

ووفقًا للبيان الصادر عن ديوان الأسد، شدّد الشيخ عبد الله بن زايد على "دعم الإمارات لجهود الاستقرار في سورية"، واعتبر أن "ما حصل في سورية أثر على كل الدول العربية"، كما "أعرب عن ثقته في أن سورية وبقيادة الرئيس الأسد، وجهود شعبها، قادرة على تجاوز التحديات التي فرضتها الحرب، وأن الإمارات مستعدة دائمًا لمساندة الشعب السوري".

واشنطن تبدي "قلقها" إزاء زيارة وزير خارجية الإمارات لسورية

من جانبها، انتقدت واشنطن الزيارة التي أجراها بن زايد إلى دمشق، مندّدة بجهود تبذل لتبييض "دكتاتور وحشي"، معتبرة أن "هذا الموضوع غالبا ما تتاح الفرصة للبحث فيه مع شركائنا المقربين في المنطقة، بمن فيهم الإماراتيون، ونحن أبلغنا موقفنا للإمارات بكل وضوح".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، في مؤتمر صحافي: "نحن قلقون لورود تقارير عن هذا الاجتماع والإشارة التي يبعث بها"، وتابع "هذه الإدارة لن تبدي أي دعم لجهود تبذل من أجل تطبيع العلاقة مع بشار الأسد أو تعويمه"، واصفا الرئيس السوري بأنه "دكتاتور وحشي".

وقال برايس "ندعو كل دول المنطقة إلى أن تأخذ في الاعتبار كل الفظائع التي ارتكبها هذا النظام وبشار الأسد شخصيا بحق الشعب السوري خلال العقد الأخير، كما والجهود التي لا يزال يبذلها النظام من أجل حرمان القسم الأكبر من البلاد من المساعدات الإنسانية ومن الأمن".

وشدد المتحدث على أنه "لم يطرأ أي تغيير على موقفنا" وقال إن "الأسد لم يقل ما من شأنه تعويم صورته أو ما يوحي بأنه هو أو نظامه غيّر أساليبه". لكنّه أكد أن اللقاء لم يكن "مفاجئا" لواشنطن، في إشارة إلى أن الإمارات قد تكون أبلغت الولايات المتحدة مسبقا بخطوتها.

ومنذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات ونظام الأسد، جرى اتصالان هاتفيان بين الأسد وولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان. وأرسلت الإمارات طائرات عدّة محمّلة بمساعدات طبية إلى دمشق منذ تفشي وباء كورونا.

وفي بداية الشهر الماضي، بحث وزير اقتصاد النظام السوري مع نظيره الإماراتي، خلال لقاء على هامش معرض "إكسبو دبي"، العلاقات الاقتصادية، وضمنها الاتفاق على إعادة تشكيل وتفعيل مجلس رجال الأعمال السوري - الإماراتي بهدف تشجيع التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.

وأعلن وزير الاقتصاد الإماراتي، عبد الله بن طوق، حينها، إن 14 في المئة هي حصة الإمارات من تجارة سورية الخارجية. وحدّد حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بمليار درهم (أكثر من 272 مليون دولار) خلال النصف الأول من العام 2021.

وفي خطوة لم تكن لتحصل لولا تبدل في الموقف السعودي، شارك وزير سياحة النظام السوري، محمّد مارتيني، في وقت سابق العام الحالي، بدعوة من السعودية في اجتماع للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط في الرياض.

وتأتي زيارة المسؤول الإماراتي إلى دمشق بعد أكثر من شهر على اتصال هاتفي أجراه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بالعاهل الأردني، عبد الله الثاني، لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية، في مؤشر على ما يراه محللون بداية لانتهاء عزلة دمشق الدبلوماسية مع محيطها العربي.

وأعادت السلطات الأردنية، مؤخرًا، فتح مركز جابر/ نصيب الحدودي مع سورية، أمام المسافرين وحركة الشحن بعد حوالي شهرين من إغلاقه، من جراء تصعيد عسكري محدود في محافظة درعا جنوبًا.

وقبل الانتخابات الرئاسية في أيار/ مايو، والتي أعيد فيها انتخاب الأسد لولاية رابعة من سبع سنوات، تعمّد مسؤولون سوريون تسريب معلومات عن "تغيير كبير" مرتقب في العلاقات مع الخليج وعن قنوات اتصال مفتوحة خصوصاً مع السعودية.

ويكرر الأسد في خطاباته على أن إعادة الإعمار تشكل أولويته في المرحلة المقبلة. ويقول مراقبون إنه يعوّل على استثمارات خليجية لتمويل هذه العملية، في وقت يربط المجتمع الدولي أي دعم مالي بالتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات عدّة على سورية أبرزها قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ العام الماضي، ويفرض عقوبات على كل شركة تتعامل مع نظام الأسد الذي يسعى إلى إعادة إعمار بلاده.

التعليقات