المستشار القضائي للحكومة يقرر عدم احالة شارون للتحقيق في قضية الاراضي

تقرير مراقب الدولة اشار الى ان تورط شارون بتعديل قرار يحقق له فوائد شخصية

المستشار القضائي للحكومة يقرر عدم احالة شارون للتحقيق في قضية الاراضي
قرر المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، إلياكيم روبينشتاين، اليوم، الخميس عدم احالة رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون الىالشرطة للتحقيق معه حول تورطه في تغيير القرار رقم 755، الخاص بتأجير الاراضي الزراعية، في سبيل الاستفادة الشخصية، رغم ان القانون يمنعه من ذلك.

يأتي قرار المستشار القضائي ، روبينشتاين بعد مرور ما يقرب من شهرين على طلبه من مكتب مراقب الدولة بتسليمه كل المواد المتعلقة بتورط رئيس الحكومة الاسرائيلية، أريئيل شارون في هذا الملف.


ونلخص فيما يلي أبرز ما كتبه مراقب الدولة، جولدبرغ، بهذا الشأن في تقريره.

تحت عنوان "الخطوات المتخذة لتغيير القرار رقم 755 الذي اتخذه مجلس أراضي إسرائيل – وتناقض المصالح الكامن في عمل رئيس الحكومة"، أشار جولدبرغ إلى المادة 7 (أ)، من القرار الذي اتخذته الحكومة الخاص بتحديد مبادئ منع الوزراء ونوابهم من اتخاذ قرارات تنطوي على تناقض للمصالح. وتنص هذه المادة على منع الوزراء من المشاركة "بأي شكل كان" في اتخاذ قرارات تنطوي على تحقيق مصالح شخصية، تقود الى تقديم رشوة أو امتيازات. وتحدد هذه المبادئ أن مسألة "المصلحة الشخصية" تطال الوزير وأقاربه وحتى احفاده. وبموجب هذه المادة يتولى مراقب الدولة فحص مدى التزام الوزراء بهذه الأوامر.

ويشير مراقب الدولة الى تولي شارون، خلال فترة زمنية معينة من ولاية حكومته السابقة، لمنصب وزير البنى التحتية، وبحك ذلك تولى، أيضاً، منصب رئيس دائرة أراضي اسرائيل. ويجري الحديث هنا عن تسلم شارون لحقيبة البنى التحتية بعد استقالة افيغدور ليبرمان من الحكومة السابقة.

وبحكم صلاحياته، طلب رئيس الحكومة شارون، المشاركة في بلورة السياسة المتعلقة بالأراضي. وعندها برزت مشكلة تناقض المصالح، اذ ان اتخاذ قرارات بهذا الشأن يحمل في طياته تحقيق مصلحة شخصية لرئيس الحكومة، كونه يمتلك مع أفراد اسرته امتيازات في أملاك معينة. ويقول مراقب الدولة، ان مكاتبات عديدة جرت بينه وبين رئيس الحكومة بهذا الشأن، وفي النهاية وجه المراقب، في 24.1.02 رسالة الى رئيس الحكومة، أبلغه فيها أنه توصل بعد فحص الموضوع الى الاقتناع بأن لرئيس الحكومة مصلحة شخصية في القرارات الحكومية المتعلقة بالاراضي الزراعية. وأشار المراقب في رسالته الى انه يتحتم على شارون تحويل معالجة الموضوع الى اللجنة التي شكلها مراقب الدولة، والتي تمتلك صلاحية النظر في طلب الاعفاء من تنفيذ أحد المبادئ المتعلقة بهذه المسألة.

ويؤكد مراقب الدولة أن شارون لم يتوجه اليه بطلب طرح الموضوع أمام اللجنة، الأمر الذي يعني أنه يسري عليه مبدأ الامتناع عن المشاركة في اتخاذ اي قرار يتعلق بمسألة الأراضي الزراعية. لكنه، وكما سيلي أدناه، عمل رئيس الحكومة، بشكل مباشر في سبيل اتخاذ قرار يتعلق بالأراضي الزراعية يصاحبه حصوله وأبناء أسرته، على رشوة.

ويفصل القاضي جولدبرغ، فيما يلي، الخطوات التي تم اتخاذها، بضغط من شارون، لتغيير القرار 755، الذي كان اتخذه مجلس ادارة أراضي اسرائيل:

1. قام الكثير من المزارعين الذين استأجروا أراضي أعدت لأغراض زراعية بتأجير هذه الأراضي لجهات سعت إلى استخدام هذه الاراضي لأغراض تجارية. وقد أشغلت هذه المسألة وزارة الزراعة ودائرة اراضي اسرائيل ومراقب الدولة، لفترة طويلة. وفي آذار 1996 اتخذت دائرة اراضي اسرائيل القرار رقم 755 الذي استهدف التخفيف على المستأجرين وتمكينهم، وفق شروط معينة، من اقامة مصانع او مصالح تجارية على القسيمة الخاصة باقامة مساكن او مخازن زراعية، في اطار قطعة الارض المؤجرة لهم. ويشترط القرار ان تعود ملكية بناية المصنع او المصلحة التجارية والارض القائمة عليها للمستأجر الأصلي فقط، بحيث يمنع من تحويلها بأي طريقة كانت ألى ملكية طرف ثالث او تأجيرها أو مشاركة أحد فيها.
وحسب التقرير، عملت وزارة الزراعة على تطبيق القانون بصرامة، وقدمت المخالفين الى القضاء.
2. وبعد تولي النائب شالوم سمحون لوزارة الزراعة، بدأ العمل لتعديل القرار بشكل يتيح للمستأجر تأجير المباني والمخازن التي اقامها على قطعة الارض المعدة لذلك، والمعرفة في القانون بـ"أملاك أ". وحسب أقوال الوزير سمحون، فان التعديل يخدم 3000 مزارع، قاموا بتأجير، أو رغبوا بتأجير املاك قائمة على "أملاك أ". والمقصود في بعض الحالات مزارعون استقالوا من العمل الزراعي او خرجوا الى التقاعد، ويرغبون بتأجير هذه الأملاك بهدف الاستفادة منها اقتصاديا. ويتضح من الفحص الذي اجراه مراقب الدولة أن دائرة أراضي اسرائيل ورئيسها لم يوافقا على تعديل القرار، بل عارضا اجراء التعديل، خاصة بسبب التخوف من ان يؤدي ذلك إلى سيطرة اصحاب المصالح التجارية على حقوق المزارعين المسنين، و"فرض وقائع على الأرض".
ويقول مراقب الدولة ان مسألة تعديل القرار طرحت مجددا خلال لقاءات جرت بين ممثلي دائرة اراضي اسرائيل ووزارات الزراعة والداخلية والقضاء. وفي 14 نيسان 2002، اكدت الأطراف مجدداً رفضها تعديل القرار.
وبعد عد أشهر، وتحديدا في 15 آب 2002، استدعى وزير الزراعة مدير دائرة أراضي اسرائيل ومديرة شعبة الزراعة في الدائرة اليه. وبعد مناقشة الموضوع تقرر قيام دائرة اراضي اسرائيل ووزارة الزراعة بفحص تقديم تسهيلات للمزارعين تتيح لهم تأجير مباني ومخازن لا تتجاوز مساحتها 500 متر مربع.
ويقول المراقب أنه لم يتم اشراك مدير دائرة أراضي اسرائيل، بشكل عملي في العمل لصياغة التعديل، بحيث كانت وزارة الزراعة هي التي قامت باعداد الاقتراح الخاص بتعديل القرار رقم 755.

وفي 20 آب 2002، التقى وزير الزراعة برئيس الحكومة وتم الاتفاق بينهما على طرح موضوع تأجير المباني الزراعية للنقاش والتصويت في مجلس دائرة أراضي اسرائيل. ويشير التلخيص الى كون رئيس الحكومة وافق على تعديل القرار. بل واتضح ايضا ان شارون اتصل بمدير دائرة اراضي اسرائيل وطلب منه دعم التعديل.

وبرأي مراقب الدولة، خرق شارون، بتدخله هذا، الاوامر التي تمنعه من المشاركة في اتخاذ قرار يتعلق بهذا الموضوع، كما خرق توجيهات مراقب الدولة بهذا الشأن. وأضاف: "لقد كانت لرئيس الحكومة علاقة شخصية في الموضوع، وتضارب مصالح، اذ انه من شأن التعديل الذي طلب دعمه واقراره تحسين امتيازاته وامتيازات افراد اسرته" في الاراضي الزراعية.

وفي التاسع من ايلول 2002 بعث وزير الزراعة الصيغة المقترحة لتعديل قرار رقم 755، الى رئيس الحكومة. وتلقى ردا من المدير العام لمكتب رئيس الحكومة يؤكد فيه تحويل الموضوع اليه شخصيا، لأنه يمنع على رئيس الحكومة الانشغال بهذا الموضوع. كما صرح رئيس الحكومة قي 17 تشرين الثاني 2002، امام مجلس دائرة أراضي اسرائيل، بصفته رئيسا للمجلس، بأنه يمنع من المشاركة في مناقشة بعض القضايا (ومن بينها التعديل المقترح للقرار 755).

ويؤكد المراقب ان هذه الحقائق تثبت ان شارون كان مدركا لحقيقة منعه من المشاركة في مناقشة الموضوع لانه ينطوي على تضارب للمصالح. لكنه وخلافا لتصريحاته العلينة، عمل من وراء الكواليس على اتخاذ قرارات تدعم تعديل القرار.

وفي التاسع من شباط 2003، كتبت المستشارة القضائية لمكتب رئيس الحكومة، الى المراقب بأن رئيس الحكومة قرر العمل بناء على رسالة مراقب الدولة اليه، وبروح المادة 7 (أ) الخاصة بمنع الوزراء ونوابهم من اتخاذ قرارت تنطوي على تضارب للمصالح. ويعني ذلك ادعاء المستشارة القضائية بأن شارون يمتنع عن المشاركة في اتخاذ اي قرار او القيام بأي خطوة تتعلق بقضية سياسة الاراضي.

لكن المستشارة تدعي، أيضا، ان شارون تجاوب مع طلب وزير الزراعة (خلال اللقاء بينهما في آب) لأعتقاده بأن ذلك لا يعتبر من المسائل التي يمنع من التدخل فيها. واعتبرت طلب شارون من مجلس ادارة اراضي اسرائيل مناقشة التعديل المقترح، مجرد مسألة تقنية.

ويعقب مراقب الدولة على ادعاء المستشارة القضائي هذا قائلا: "ان ملخص اللقاء الذي جرى بين شارون ووزير الزراعة في 20.8 وقيام شارون بالاتصال بمدير دائرة اراضي اسرئيل ومطالبته بدعم التعديل المقترح، تؤكد تورطه في تعديل القرار، وان المسألة بعيدة جداً عن أن تكون مجرد مسألة تقنية.

.

التعليقات