تقرير: خلاف بين واشنطن وتل أبيب حول مدة الحرب على غزة

في اجتماع وزير الخارجية الأميركي مع "كابينيت الحرب" الإسرائيلي، برزت خلافات حول المدة التي قد تستغرقها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في ظل التوقعات بامتداد الحرب البرية على القطاع لتشمل مناطقه الشمالية حيث يتواجد مئات الآلاف من النازحين.

تقرير: خلاف بين واشنطن وتل أبيب حول مدة الحرب على غزة

(Getty Images)

برزت "خلافات" بين الجانبين الأميركي والإسرائيلي بشأن مواصلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، وتوسيع العمليات البرية في غزة لتشمل المناطق الجنوبية للقطاع، وذلك خلال اجتماع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع "كابينيت الحرب" الإسرائيلي، اليوم الخميس.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في تلغرام

ونقل موقع "واللا" الإسرائيلي عن مصدرين وصفهما بـ"المطلعين على مجريات الاجتماع" أن التقديرات التي عرضها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، على وزير الخارجية الأميركي، تفيد بأن عمليات الجيش الإسرائيلي في شمال وجنوب قطاع غزة، قد تستمر لمدة "تزيد عن بضعة أسابيع أخرى".

في حين ذكرت هيئة البث الإسرائيلية ("كان 11") أن أعضاء كابينيت الحرب الإسرائيلي شددوا خلال الاجتماع مع بلينكن على أن "الحرب على قطاع غزة غير مقيدة بعنصر الوقت"، فيما ذكر القناة 12 أن بلينكن قال للمسؤولين الإسرائيليين إنه "لن يكون بمقدوركم الاستمرار بالعملية العسكرية لأشهر".

ووصف المسؤول الذي تحدث لموقع "واللا" الخلافات التي ظهرت في المناقشات حول استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، بأنها "تبادل صادق لوجهات النظر"، علما بأن الرئيس الأميركي، جو بايدن، كان قد طلب من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، "إجراء مشاورات" بشأن الخطط العملياتية للجيش الإسرائيلي، قبل الشروع بالهجوم على جنوبي قطاع غزة.

وبحسب "واللا"، فإن بلينكن هو من أثار هذه المسألة بمبادرة منه، وتساءل عن المدة التي من المتوقع أن تستمر فيها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في نطاقها الحالي، بما في ذلك تواجد قوات برية كبيرة جدًا في القطاع المحاصر.

وأوضح بلينكن أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، خاصة بالحجم والكثافة التي تجري بها حاليًا، "سيزيد بشكل كبير من الضغوط الدولية على إسرائيل والولايات المتحدة".

ووفقا للتقرير، طلب وزير الخارجية الأميركي من "كابينيت الحرب"، "اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان ألا تؤدي العملية في جنوب قطاع غزة إلى أضرار جسيمة بالمدنيين"، وأفاد "واللا" بأن نتنياهو وهليفي ووزير الأمن، يوآف غالانت، قالوا لبلينكن إن "العملية البرية في جنوب قطاع غزة ستتسبب في أضرار أقل للمدنيين من الهجمات الجوية".

هذا وأشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى "مواجهة حادة" بين أعضاء كابينيت الحرب الإسرائيلي وبلينكن بعد أن عبّر الأخير عن قلقه وانتقاداته الحادة إزاء التحركات الإسرائيلية العسكرية والسياسية، إثر استعراض رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أمام وزير الخارجية الأميركي "الأسس التفصيلية للخطط العملياتية المعدة لجنوب قطاع غزة".

واشنطن قلقة من تكرار إسرائيل ما فعلته شمالي غزة في الجنوب

وبحسب القناة، فإن المشادة بين بلينكن والمسؤولين الإسرائيليين تمحورت حول "استمرار القتال واليوم التالي للحرب"، وذكرت أن الخلافات التي طفت على السطح كانت في معظمها تتعلق بـ"الخطط الإسرائيلية لمواصلة الهجوم على قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة المؤقتة".

وشدد بلينكن على أنه "سيتعين على إسرائيل تغيير طريقة الهجوم وعدم تكرار ما فعلته في شمال قطاع غزة"، وطالب إسرائيل "بتجنب العمل حيث يتركز السكان والنازحين وإجلاء عدد أقل من السكان وتنفيذ هجمات أكثر دقة لتجنب الإضرار بالمدنيين وعدم الإضرار بمنشآت الأمم المتحدة".

وفي هذه المرحلة، بحسب القناة 12، انضم غالانت إلى النقاش، وقال إن "المجتمع الإسرائيلي بأكمله متحد حول هدف تفكيك حماس، حتى لو استغرق الأمر أشهرًا". فأجاب وزير الخارجية الأميركي أنه "لا أعتقد أنه سيكون لديكم رصيد (دولي) لذلك".

النقاش حول "اليوم التالي للحرب"

كما أفادت القناة بأن بلينكن عبّر كذلك عن مخاوف إدارة بايدن من "ألا يكون لدى إسرائيل خطة واضحة لغزة والفلسطينيين في اليوم التالي للحرب"، وقال: "أنتم لا تريدون أن تكون السلطة الفلسطينية هناك في اليوم التالي. أفضل طريقة لقتل فكرة هي تقديم فكرة أفضل"، وبعد أن ساد الصمت في الغرفة، أضاف بلينكن أن "الدول الأخرى في المنطقة بحاجة أيضًا إلى معرفة ما هي خطة إسرائيل للمستقبل".

وأوضحت القناة أنه رغم النقاش الحاد في كابينيت الحرب، فإن "الإدارة الأميركية تقف بثبات دعما لإسرائيل بشرط أن تراعي إسرائيل إدخال مساعدات إنسانية للقطاع والقتال وفق القانون الدولي، لكنها أوضحت في المقابل، للحكومة الإسرائيلية أن الوقت بدأ ينفد، وأنها تتوقع رؤية خطط واضحة لـ"اليوم التالي للحرب".

"تدابير لمنع إلحاق أذى بالمدنيين"

وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، جاء أن بلينكن دعا إسرائيل إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع إلحاق أذى بالمدنيين في حربها على قطاع غزة "قبل أي عملية عسكرية في جنوب غزة"، وذلك خلال لقائه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، وكابينيت الحرب الإسرائيلي.

وبحسب البيان، جدد بلينكن دعم الولايات المتحدة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقا للقانون الدولي". وشدد على أنه "قبل أي عملية عسكرية في جنوب غزة، يجب حماية المدنيين هناك ومراعاة احتياجاتهم". كما تم خلال اللقاء بحث قضايا تبادل الأسرى وتسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وأعرب وزير الخارجية الأميركي عن أمله في تمديد الهدنة مع حركة حماس التي أتاحت إطلاق سراح رهائن وأسرى وتكثيف توصيل المساعدات إلى قطاع غزة، فيما حذر الإسرائيليين في حال استئناف القتال، في ظل المخاوف الأميركية من امتداده إلى جنوب قطاع غزة، ما قد يؤدي إلى تضرر مئات الآلاف من المدنيين الذين نزحوا عن المناطق الشمالية.

ولا يخفي الدبلوماسيون الأميركيون، في محادثاتهم الخاصة، حقيقة أن زيارات بلينكن المتعاقبة إلى إسرائيل تهدف جزئيًا إلى مواصلة الضغط على الحليف الإسرائيلي، دون إملاء سلوك معين في الحرب.

وصرّح بلينكن أثناء لقائه الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، بأنه "لقد عاد رهائن إلى ديارهم، والتأم شملهم مع عائلاتهم"، كما أتاحت الهدنة "وصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الأبرياء في غزة، الذين هم في أمس الحاجة إليها".

وأضاف "هذه العملية تؤتي ثمارها ونأمل أن تستمر". وخلال لقائه مع هرتسوغ، أشار بلينكن إلى أن "هذه زيارتي الرابعة إلى إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر" الماضي، وأضاف بلينكن أنه "ركزنا منذ اليوم الأول على محاولة ضمان تحرير المخطوفين من غزة، من حماس. ورأينا خلال الأسبوع الأخير التطورات الإيجابية جدا لمخطوفين يصلون إلى ديارهم".

وتابع أن "هذه العملية تؤدي تثمر عن نتائج. وهذا أمر هام ونأمل أن يستمر. وإلى جانب ذلك أتوقع محادثات معمقة مع الحكومة الإسرائيلية حول مواصلة الطريق في غزة. والولايات المتحدة تدعم إسرائيل بقوة وبحقها في الدفاع عن نفسها، ومحاولة منع أحداث مشابهة لذلك الذي حدث في 7 أكتوبر".

التعليقات