تحليلات إسرائيلية: نتنياهو سيفشل إنجازات إستراتيجية تحققها الولايات المتحدة

"مثل الأميركيين، كذلك في الجيش ووزارة الأمن يعتقدون أن ثمة أهمية للتفكير منذ الآن في اليوم التالي. وبشكل ينطوي على تناقض، وخلافا للأهداف المعلنة للحرب، فإن إبقاء قدرة معينة مدنية لحماس ستسهل على أداء القطاع في المستقبل"

تحليلات إسرائيلية: نتنياهو سيفشل إنجازات إستراتيجية تحققها الولايات المتحدة

بحث عن ناجين تحت الأنقاض بعد قصف إسرائيلي على رفح، أمس (أ.ب.)

تتفق القيادة الأمنية الإسرائيلية مع وجهة نظر الرئيس الأميركي، جو بايدن، حول ضرورة وضع تصورات لحلول في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الحالية، وهي الفترة التي باتت تعرف باسم "اليوم التالي". من الجهة الأخرى، لا يزال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يرفض إجراء أي مداولات حول "اليوم التالي". وسيؤدي موقف نتنياهو إلى أنه حتى في حال توصل الأميركيون إلى تحقيق تحولات إستراتيجية وتكون لصالح إسرائيل، فإن نتنياهو سيفشلها، بحسب محللين عسكريين في الصحف الصادرة اليوم، الجمعة.

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، إلى أن "الفجوات في تصورات القيادة الأمنية الإسرائيلية - من الجيش وحتى وزير الأمن، يوآف غالانت - ضيقة أكثر بكثير من الفجوات التي يبدو أن نتنياهو يسعى إلى تسويقها نحو الخارج، وتبدو أنها اعتبارات سياسية داخلية مقابل ناخبيه. وكان على نتنياهو أن يدرك أنه في حرب متعددة الجبهات، وعلى إسرائيل أن تلائم نفسها مع الولايات المتحدة وليس العكس".

وأوضح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، خلال مؤتمر صحافي في تل أبيب، اليوم، شكل الخطة الأميركية لاستمرار الحرب على غزة. وقال إن الحرب ستنتقل من مرحلة القصف الإسرائيلي المكثف والمناورة البرية الواسعة، إلى مرحلة أقل شدة، وستركز على استهداف قيادة حماس، وأنه في هذا السياق توافق الولايات المتحدة على أن الحرب ستستمر لأشهر طويلة. وأضاف أن "السيطرة في قطاع غزة يجب أن تنتقل إلى الفلسطينيين". وهذا مشروط بعملية سياسية في "اليوم التالي"، التي يعارضها نتنياهو.

نتنياهو وسوليفان في تل أبيب، أمس (مكتب الصحافة الحكومي)

واعتبر ليف رام أن "محاولة رئيس الحكومة لاتباع خط صارم مقابل الإدارة الأميركية من شأنه أن يلحق ضررا بالمصالح الإسرائيلية في إدارة الحرب". لكنه أشار إلى أنه حتى الآن، ومثلما كان الوضع في الماضي، العلاقات بين جهازي الأمن الإسرائيلي والأميركي "هي التي تسمح بتجاوز عراقيل عندما تنشأ في الميدان (السياسي)".

ولفت إلى أن الدعم الأميركي لإسرائيل في الحلبة الدولية وبتزويد كميات غير مسبوقة من الأسلحة، "ينطوي على أهمية حاسمة لقدرة إسرائيل على إدارة حرب طوال شهرين ونصف الشهر. وأزمة علاقات مع الأميركيين هو الأمر الأخير التي تحتاجه إسرائيل الآن، وأقوال وأداء نتنياهو، التي لم تُبقي الأميركيين غير مبالين، تعارضها الأغلبية الساحقة من وزراء كابينيت الحرب".

وحسب ليف رام، فإنه "مثل الأميركيين، كذلك في الجيش ووزارة الأمن يعتقدون أن ثمة أهمية للتفكير منذ الآن في اليوم التالي. وهذا لا يعني أنهم متفقون على كل شيء، لكنهم يبحثون عن حلول".

وأضاف أن الحلول التي يتحدثون عنها في جهاز الأمن الإسرائيلي هي أن يكون قطاع غزة منزوع السلاح، ومنع تزايد قوة فصائل المقاومة "والحفاظ على حرية عمل عسكري". وإلى جانب ذلك "يوجد إدراك أنه ينبغي بناء بديل سلطوي لحكم حماس في القطاع، وأن يكون بمقدوره على الأقل أن يدير احتياجات السكان هناك. وأرادوا في جهاز الأمن أن يجري هذه المجهود مقابل مصر، لكنهم يدركون أنه ستكون هناك حاجة إلى عمليات متنوعة مقابل بقايا السلك الوظيفي الذي لا ينتمي لحماس وعملت إسرائيل معه في الماضي".

مخيم للنازحين من شمال القطاع في خانيونس (Getty Images)

وتابع ليف رام أن جهاز الأمن الإسرائيلي يولي أهمية لمحاولات أميركية للتوصل إلى تسوية معينة في لبنان. "وإذا فشل ذلك، فإن الطريق إلى تصعيد (أي حرب) آخر ستكون قصيرة جدا. وتفضل القيادة الإسرائيلية الجهد الأميركي لإبعاد حزب الله عن الحدود ضمن محاولة لتسوية مواضيع أخرى (اتفاق ترسيم الحدود البرية والانسحاب من مزارع شبعا)، على حرب مقابل حزب الله".

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن "طاقم ’اليوم التالي’ الذي شكله نتنياهو لا يهدف إلى وضع حلول، وإنما للمماطلة. وعمليا، حتى لو مرّت العملية العسكرية بنجاح، فإن من شأن أداء نتنياهو السياسي أن يفشل الاستفادة من إنجازاتها لإنشاء واقع إستراتيجي أفضل".

جباليا (Getty Images)

وحسب هرئيل، فإن إسرائيل ومصر "تداولتا بشكل مكثف بتسويات اليوم التالي في القطاع. وبين الأمور التي جرى التداول حولها، تسويات جديدة في محور فيلادلفي ومعبر رفح، وجرت دراسة بناء حائط ردغة ضد الأنفاق، في عمق الأرض، كالذي جرى بناؤه عند الحدود بين إسرائيل ومصر. وهذا مفهوم انهار في 7 أكتوبر عندما نفذت حماس هجومها فوق الأرض وتجاهلت الحائط تحت الأرض".

وأضاف أن الجانب الإسرائيلي أجرى مداولات مع مصر حول الوضع داخل القطاع، "وجرى خلال ذلك البحث عن حلول مرحلية لا تصطدم مع الشروط الصارمة التي وضعها نتنياهو، أي بدون السلطة الفلسطينية".

وتابع أنه "توجد حاليا عمليات تنسيق ميدانية أولية، من أجل حل مشاكل محلية، مقابل رجال أعمال، حمائل محلية، منظمات دولية وأحيانا مع أفراد منظمات مدنية، مرتبطة بالسلطة الفلسطينية بشكل غير مباشر".

وبحسب هرئيل، فإن "جهاز الأمن يخشى من الدخول إلى مصيدتين في المدى البعيد: انهيار منظومات مدنية تستدرج إعادة تشكيل حكم عسكري إسرائيلي أو فوضى هائلة على غرار الصومال، ولا يكون فيها أي عنوان للتنسيق في القطاع".

ولفت هرئيل إلى أنه "بشكل ينطوي على تناقض، وخلافا للأهداف المعلنة للحرب، فإن إبقاء قدرة معينة مدنية لحماس ستسهل على أداء القطاع في المستقبل".

التعليقات