"صناعة الإبادة الدقيقة": تعداد جثث الغزيين كمؤشر مركزي إسرائيلي بغياب إنجازات أخرى

باحث إسرائيلي: "تقررت غاية عددية لقتل عناصر حماس، ومن أجل تحقيقها سُمح بقتل عدد غير تناسبي من المواطنين الذي تواجدوا قربهم، ليصبح مؤشرا مركزيا لتقييم إنجازات الجيش، بسبب صعوبة رصد إنجازات تضمن مستقبلا أمنيا أفضل"

(Getty Images)

وضعت إسرائيلية غاية مركزية في الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ نصف سنة، وهي القضاء على قوات حماس بموجب مبدأ "صناعة الإبادة الدقيقة"، وفقا للباحث في العلاقات بين الجيش والمجتمع في إسرائيل، بروفيسور ياغيل ليفي، بمقال في صحيفة "هآرتس" اليوم، الأحد.

وأفاد ليفي بأن المهندس الإسرائيلي لهذه "الصناعة" هو رئيس أركان الجيش السابق، أفيف كوخافي، الذي "تباهى بأن ابتكار الجيش يعبر عن مبدأ ’صناعة الإبادة الدقيقة’". وأضاف أن "هذه غاية غير مألوفة في مصطلحات الجيوش الغربية في عهد ما بعد الحرب العالمية الثانية".

وأشار إلى أنه "تم التعبير عن هذه الصناعة بواسطة تطوير نظام الذكاء الاصطناعي ’لافيندر’، الذي جرّم 37 ألف رجل كمشتبهين في نشاط حماس والجهاد الإسلامي، وبمساعدة نظام ذكاء اصطناعي آخر، ’البشارة’، هاجمت المباني التي تواجدوا فيها".

(Getty Images)

وأضاف أنه "هكذا تقررت غاية عددية لقتل عناصر حماس، ومن أجل تحقيقها سُمح بقتل عدد غير تناسبي من المواطنين الذي تواجدوا قربهم، الأمر الذي أدى حتى الآن إلى قتل أكثر من 30 ألف غزي، معظمهم مدنيون. وبإقرار غاية عددية أصبح تعداد الجثث مؤشرا مركزيا لتقييم إنجازات الجيش، خاصة بسبب الصعوبة في هذه الحرب رصد إنجازات تضمن مستقبلا أمنيا أفضل"، أي أن قتل المدنيين أيضا في قطاع غزة هو هدف الحرب.

وتابع ليفي أنه "عندما تحول تعداد الجثث إلى مؤشر، فيما قوات الجيش الإسرائيلي تتوحل في غزة من دون هدف وتحولت إلى هدف متحرك لقوات حماس، بات طبيعيا وحسب أن يتطور هوس القتل. وشاهدنا هذا جيدا في العملية العسكرية التي استهدفت بشدة مستشفى الشفاء. والتأثيرات طويلة المدى لاستهداف المستشفى لم تُدْرس جيدا مقابل ’كمية كبيرة كهذه من المخربين القتلى’، مثلما تباهى رئيس أركان الجيش".

ولفت إلى أن "صناعة الإبادة الدقيقة عملت بشكل جيد في الواقعة التي استهدفت فيها قافلة الإغاثة لمنظمة المطبخ المركزي العالمي، برصد مسلحين وبعد ذلك ’إغلاق دائرة قصير’ من النيران القاتلة، مثلما تباهى الجيش في مرات أخرى. والهوس بالقتل برز هنا"، من خلال قصف سيارات الإغاثة الثلاث بصواريخ الواحدة تلو الأخرى.

وأضاف ليفي أنه "ماذا يوجد هنا إن لم يكون هوس بالقتل، إذ يدور الحديث بحسب الجيش، عن مسلح أو اثنين؟ ولم تكن القوات معرضة للخطر. وقد عملت القوات من خلال الثقافة التنظيمية التي تضع القتل في مركز العمل العسكري، وبمعزل عن السؤال حول الغاية التي يخدمها هذا القتل والأضرار المرافقة له. وهذه المرة شملت الأضرار استهداف مسار مساعدات إنسانية".

وشدد ليفي على أن "الاعتبارات الأخلاقية تم نسيانها، لأنه ’لا يوجد في غزة أشخاص غير ضالعين في القتال’. وكما هو متوقع في حالات كهذه، نفذ الجيش ’مراسم تطهير’ وعقاب ضد المسؤولين المباشرين عن الواقعة. وهذه المراسم تشير إلى غير المألوف، لكنها تشرعن النموذج الذي صممه الذين يقدسون ’صناعة القتل’ والذين نفذوها في الحرب الحالية. وعليهم تقع المسؤولية".

التعليقات