05/08/2017 - 22:22

ثقة الأسد تخرِّب مساعي بوتين مع ترامب في سورية

وبعد سنتين من إنقاذ الرئيس فلاديمير بوتين، الأسد، من الهزيمة، وقلب المعركة لصالحه عن طريق شن حملات جوية على قوات الثوار، فإنه بات يواجه معضلة في الضغط على الأسد، للقبول باتفاقية تشارك رمزي للسلطة.

ثقة الأسد تخرِّب مساعي بوتين مع ترامب في سورية

(أ ف ب)

(ترجمة خاصة: عرب 48)

يبدو أن الحملة العسكرية الروسية التي تهدف لإنقاذ رئيس النظام السوري بشار الأسد، من الثوار، قد سارت بشكل ناجح. لكن الكرملين بدأ يدرك أنه بات يخسر تأثيره على من يحميه، مع ازدياد ثقته بإمكانية النجاة.

وكسعي لاستعادة نفوذها، رفضت روسيا تقديم الدعم الجوي الذي يمكِّن الأسد من بدأ الهجوم على آخر معقل للثوار في إدلب، وذلك بحسب ما ورد عن مشرِّعين روس ومستشارين في الكرملين.

إن الموقف الروسي، والذي يهدف لتدعيم جهودها في تأسيس ما يعرف بمناطق وقف التصعيد، لتعزيز مسار وقف إطلاق النار في سورية، يعمل على خلق صدع متنامٍ مع الأسد، وذلك بحسب ما يقوله المسؤولون. وفي نفس الوقت، يقولون إن إستراتيجية تأمين هذه المناطق يمكن أن تفشل وسط تصاعد التوترات السياسية مع الولايات المتحدة، والتي دعمت حتى الآن مساعي السلام الروسية كجزء من التركيز الدولي على هزيمة تنظيم 'الدولة الإسلامية' (داعش) في سورية.

وبعد سنتين من إنقاذ الرئيس فلاديمير بوتين، الأسد، من الهزيمة، وقلب المعركة لصالحه عن طريق شن حملات جوية على قوات الثوار، فإنه بات يواجه معضلة في الضغط على الأسد، للقبول باتفاقية تشارك رمزي للسلطة لإنهاء الأزمة التي دامت ست سنوات، ولشرعنة الوجود العسكري الروسي. ومع ازدياد قبضة الأسد على السلطة، ازدادت معها مقاومته لتقديم أي تنازلات للجماعات المعارضة في مباحثات السلام التي تتزعمها الأمم المتحدة والتي سُتستأنف في جنيف الشهر المقبل.

علاقات 'متوترة'

أصبحت علاقات روسيا مع الأسد 'متوترةً الآن' بسبب نشوء الشُبَهات حوله بتعمده لحجب المفاوضات المعلقة في جنيف، وذلك بحسب ما يقوله رئيس لجنة الشؤون الدولية الروسي، المجموعة البحثية ضمن الكرملين في موسكو، أندري كورتونوف. ويقول أيضاً: 'إن روسيا غير مستعدة للسماح للأسد بشن حرب حتى النصر'.

تدفع قوات الأسد الآن نحو مدينة دير الزور الشرقية الإستراتيجية، والتي كانت محاصرةً من قِبَل داعش منذ عام 2015. توفر المدينة سيطرة على الحدود مع العراق بالإضافة للنفط والأراضي الغنية زراعيا. وإذا نجح هذا الهجوم، فإنها ستفتح المجال لجيش النظام السوري ليوجه تركيزه نحو إدلب في الشمال الغربي، ولكن لن يكون مثل هذا الهجوم ممكنًا إلا بمساعدة القوات الجوية الروسية.

يقول مدير تقييم المخاطر للشرق الأوسط، فراس أبو علي: 'يريد الروسيون أن يظهروا أنهم هم المسيطرين على وكلائهم'. ويضيف قائلاً: 'ولكن لن يخضع الأسد من دون أن تتم مهاجمته، فلن يقوم بذلك بينما يتوسع عسكريًا'.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان في المملكة المتحدة، رامي عبد الرحمن، إن الجيش السوري يركز حتى هذه اللحظة 'على قتال تنظيم الدولة الإسلامية'. وأضاف قائلاً: 'حتى لو أرادوا السيطرة على إدلب، فإنهم لا يمتلكون القدرة على ذلك، لأن كل التركيز ينصب الآن على داعش'.

'السيطرة على إدلب'

مع اكتساب جناح القاعدة السابق قوة في إدلب، أثناء الهجمات التي نفذتها القوات المدعومة أميركيًا وجنود النظام السوري ضد داعش على مختلف الجبهات، فسيكون بمقدور الأسد أن يكسب القضية ليدعو إلى ضرورة السيطرة على المدينة لتنقيتها من الإرهابيين، وذلك بحسب ما يقوله أبو علي.

ويقول أيضًا: 'تكمن الإستراتيجية الروسية في عدم تمكين الأسد من استرداد إدلب الآن. بينما تقوم إستراتيجية الأسد على انتظار إدلب إلى حين استيلاء الجهاديين عليها بشكل كامل'.

تُعد إدلب المدينة الأخيرة التي تحتوي على تواجد كبير للثوار منذ نجاح الحملة الروسية والقوات العسكرية المدعومة إيرانيًا في انتزاع السيطرة الكاملة على حلب، العاصمة التجارية السابقة، وذلك في نهاية العام الماضي.

لن ينجح أيُّ هجومٍ جديد من قوات النظام السوري دون الدعم الجوي الروسي، وذلك بحسب ما تقوله الخبيرة في الشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية، المعني بتقديم الاستشارات للكرملين، إلينا سوبونينا.

وأضافت عبر الهاتف: 'لقد أخطأت قيادة النظام السوري التقدير فيما يتعلق برغبة روسيا بتقديم الدعم لهم للسيطرة على إدلب، كما حدث مع حلب. ولكن قررت موسكو أن تكبح المتهورين في دمشق لأن الأولوية الآن ليست في السيطرة على إدلب.

برنامج وكالة الاستخبارات المركزية

أعلن رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، في 24 تموز/ يوليو، نهاية برنامج وكالة الاستخبارات المركزية في تقديم ما دعاها بالمساعدات العسكرية 'الضخمة والخطيرة والمسرفة' للثوار السوريين الذين يقاتلون الأسد. وخلال أول اجتماع لهم في قمة مجموعة العشرين في الشهر الماضي، وصل ترامب وبوتين إلى اتفاق يقوم على دعم الولايات المتحدة وروسيا لوقف إطلاق النار بالتعاون مع الأردن في جنوب غربي سورية.

تلقَّت سياسة ترامب، في التعاون مع روسيا، معارضة حادة من قِبَل المشرِّعين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذين قاموا، في الأسبوع الماضي، بتمرير قانون يزيد العقوبات ضد روسيا ويمنح الكونغرس سلطة لمواجهة مساعي ترامب في إقتلاعهم. وكرد على ذلك طالبت روسيا الولايات المتحدة بسحب 755 موظفًا، أو حوالي الثلثين، من بعثتها الدبلوماسية، مما يهدد بسلسلة من التدابير المضادة.

أشاد بوتين، الأحد الماضي، باتفاقية وقف إطلاق النار السورية مع الولايات المتحدة، قائلاً في مقابلة له مع التلفزيون الرسمي إن القوتين المتنافستين 'تعملان وتحققان نتائج حتى في هذه اللحظة، وخلال هذه الأوضاع الصعبة'.

وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليروسن، الثلاثاء الماضي، إن إدارة ترامب تسعى لتدعيم جهود وقف إطلاق النار من أجل 'خلق ظروف لإنجاح المسار السياسي في جنيف'.

كما قال ثلاثة دبلوماسيين غربيين في موسكو، والذين تحدثوا بأسماء مستعارة، إن روسيا تبدو صادقةً فيما يتعلق بوقف تصاعد القتال، والتي ستهدد جهود تأسيس مناطق 'وقف التصعيد'. ولكن عبَّر مسؤول في الولايات المتحدة عن شكِّه في قدرة بوتين على كبح الأسد.

وتحت آمال التأثير، تعمل روسيا على حث الأسد للامتناع عن القيام بـ'خطوات متسرعة'، وذلك بحسب ما قاله نائب مدير لجنة الدفاع في البرلمان الروسي، فرانتز كلينتسيفيتش.

التعليقات