جديد أسامة العيسة: ظله على الأرض

-

جديد أسامة العيسة: ظله على الأرض
..من أحب القدس، ومن كرهها، ..من ارتكب المجازر في مساجدها وكنائسها وأزقتها، ..من أقام فيها ومن مر بها، عابرا، ..من هدم مبان، ومن وضع لبنة فيها، كل هؤلاء حاولوا نقش أسمائهم على صفحات هذه المدينة الغربية..المعشوقة والمكروهة.

وفي كتابه الجديد (ظله على الأرض: ألقاب حكام مسلمين في رقوم مقدسية) يرصد أسامة العيسة الألقاب التي نقشها الذين مروا في مدينة القدس، على جدرانها وتسمى تلك النقوش رقوما، في محاولة أرادها علمية، للوقوف على جذور الاستبداد في العالمين الإسلامي والعربي، من خلال ما يمكن تسميته توثيقا من قبل هؤلاء الحكام أنفسهم أو بطانتهم على رقوم ما زالت صامدة في المدينة المقدسة.

ويقع الكتاب الذي صدر عن دار قدمس في دمشق في 232 صفحة، من القطع المتوسط، إضافة إلى 40 صفحة تضم مصورات وخرائط.

ويمهد الكاتب لفصول كتابه بدراسة حول الإسراء والمعراج من منظور سياسي، ثم يرصد الألقاب ضمن منهج يجمع بين التحقيق الصحافي الميداني ومنهج بحثي يسميه الكاتب أنسنة التاريخ والجغرافيا.

ويقول الكاتب بان ما بقي "من تلك النقوش قليل، ولكنها كانت كافية لتحمل ثقل ألقاب وأوصاف أولئك الفاتحين والمغامرين والعاشقين والخائنين، الصادقين والكاذبين".

ومن بين تلك الرقوم: ظل الله في أرضه، ومالك رقاب الأمم ومستخدم أرباب السيف والقلم، وخصه الله بارقاب الملوك..، إضافة إلى عشرات ألألقاب وألاوصاف أوردها الكاتب مقارنا بينها وبين سلوك حامليها على ارض الواقع وضمن الشرط التاريخي لفترة حكمهم.

ويصنف الكاتب ألألقاب التي تركها الحكام على الرقوم في ثلاثة عناوين رئيسة: ألقاب كهنوتية وأخرى دنيوية (سياسية) وثالثة شعبية.

ويقول بان هذه الألقاب تتقاطع وتتناغم لخدمة أهدافها الوظيفية المحددة، وتهدف لتثبيت الصورة للحاكم كخليفة الله في الأرض، وتقوم بدور السند الأول والرئيس لتكريس الاستبداد باسم الدين، الذي يكون مبررا للاستبداد السياسي، وهو ما يجد تعبيرا له في النوع الثاني من الألقاب التي يمكن تسميتها ألقابا دنيوية.

وتقوم الألقاب هنا بدور وسائل الأعلام في دول العالم الثالث حيث يعتمد الحاكم على هذه الوسائل وعلى أجهزة المخابرات ليس فقط لتكريس صورته النمطية ولكن لسياسته أيضا.
ويقول الكاتب "لهذا حتى الألقاب التي يمكن أن نسميها ألقابا شعبية والتي يمكن أن يطلقها الناس أو بطانة الحاكم تكون تنويعا على ألقاب الاستبداد الديني والسياسي، مثل ألقاب: أبو الفتوحات أو أبو العزائم".

ويضيف "مع ذلك يمكن القول أن أصحاب هذه الألقاب ومخترعيها ومانحيها ومقترحيها من مثقفين سلطويين، لم ينجحوا في خداع الجماهير بها، فلم تخضع هذه الجماهير أبدا، ولم تتوقف عن التمرد المنظم وشبه المنظم والعفوي، من خلال ثورات وتمردات وغزوات واعتداءات، فلم تكن هذه المجتمعات راكدة كانت في حركة دائبة في مواجهة حكام متسلطين، ولكن تلك قصة أخرى…لم تسجلها مع الأسف الرقوم الأثرية".

التعليقات