سوسيولوجيا الفنّ – طُرُقٌ للرّؤية

يتكوّن كتاب "سوسيولوجيا الفن، طرق للرؤية" من جزءين رئيسيين، الأول يتناول الأفكار النظرية التي تشكل سوسيولوجيا الفن، مثل دراسة وتحليل كيف ينتج أو يمارس أولئك الذين يطلق عليهم "فنانون" إبداعاتهم الفنية، وصولا إلى التحليلات الكبرى الواسعة النطاق، كالتفكير في مكانة الفن في البناء العام للمجتمعات الحديثة، أما الجزء الثاني فيناقش كيفية استخدام المواقف النظرية المتباينة في تحليل سياقات فنية معينة وفهمها.

سوسيولوجيا الفنّ – طُرُقٌ للرّؤية

 

يتكوّن كتاب "سوسيولوجيا الفن، طرق للرؤية" من جزءين رئيسيين، الأول يتناول الأفكار النظرية التي تشكل سوسيولوجيا الفن، مثل دراسة وتحليل كيف ينتج أو يمارس أولئك الذين يطلق عليهم "فنانون" إبداعاتهم الفنية، وصولا إلى التحليلات الكبرى الواسعة النطاق، كالتفكير في مكانة الفن في البناء العام للمجتمعات الحديثة، أما الجزء الثاني فيناقش كيفية استخدام المواقف النظرية المتباينة في تحليل سياقات فنية معينة وفهمها.

وضع الكتاب عدد من الباحثين في علم الاجتماع، ساعين في أبحاثهم ودراساتهم المقدمة إلى تحقيق هدفين، الأول تقديم الموضوعات الرئيسية من المسائل التي يطرحها أو يواججها علماء اجتماع الفن أو علماء الاختصاصات الأخرى القريبة من هذا العلم، أما الهدف الثاني فيأخذ في الاعتبار كلاً من موقع سوسيولوجيا الفن في يومنا هذا وإلى أين قد يتجه مستقبلاً.

علم اجتماع الفنَ من وجهةٍ تاريخيّة

يتصدى الكتاب لمعالجة العلاقة المثيرة بين علم الاجتماع وتخصص الدراسات الثقافية بطرق عديدة، فتمضي الباحثة جانيت وولف، إلى أن في وسع علم الاجتماع أن يتلقى عددًا من الدروس القيمة من حقل الدراسات الثقافية، إذ ظهر بعض الاهتمامات الجديدة في العلوم الإنسانية مثل: التاريخية الجديدة، تاريخ الفن الجديد، اتجاهات نظرية ما بعد الكولونيالية، والنظرية النسوية في دراسة الأدب والثقافة. وأتاح النجاح والانتشار الذي حققته الدراسات الثقافية في الولايات المتحدة في البرامج الأكاديمية والنشر فرصًا جديدة لمثل هذا التفاعل بين الأقسام العلمية، تقول وولف: "في اعتقادي أن الدراسات الثقافية، في أفضل حالاتها، ليست إلا دراسات سوسيولوجية، لكن الملاحظ غياب علم الاجتماع بشكل لافت عن الحوارالمستمر بين التخصصات وتميزت به الدراسات الثقافية في العقد الماضي أونحوه، مذ بدأ تطورها في الولايات المتحدة".



نقدُ الفنّ

إحدى الأفكار الرئيسية التي ساهم فيها علم الاجتماع لفهم الأمورالفنية، هي مفهوم أننا يجب ألا ننظرإلى لفظة "فن" نظرة سطحية، وألا نقبلها من دون نقد، ففي العالم الغربي المعاصر تشير لفظة "فن" إلى مجموعة من الأمور تحوي أنواعًا معينة من الرسم والنحت والأداء المسرحي والموسيقى وغيرها، وهي من الأمورالبديهية، لكن أغلب أشكال سوسيولوجيا الفن تختلف مع مثل هذه الفكر، ويذهب بعض علماء الاجتماع إلى أنه ليس لأي قطعة خصائص فنية ذاتية، بل هي صفة توسم بها من قبل بعض الجماعات المعنية بالشأن الفني. ويذهب ديفيد إنغلز إلى أن فكرة الفن ليست اختراعاً حديثاً بل هي اختراع غربي أيضاً، فالمجتمعات الغربية المعاصرة وحدها لديها "فن" لأن مثل هذه المجتمعات يستخدم فئة الفن نفسه. واليوم حين تعرض أشياء ثقافية من مجتمع غيرغربي، مثل رسوم أبناء القبائل الاستراليين الأصلية، أوغطاء الرأس للسكان الأصليين الأميركيين في المتاحف الغربية على أساس أنها فن، فإن هذه الأغراض مرت في عملية إعادة تفسيرمنظمة بالنسبة إلى قيمتها ووظيفتها بشكل مغاير لطريقة فهمها في سياقها الاجتماعي الأصلي، في حين أن هذه الأشياء كان ينظرإليها من قبل الشعب الذي صنعها واستخدمها كقطع ذات مغزى ديني أواحتفالي، أما حين يطلق عليها التصنيف الغربي "فن" في سياق متحفي فإنها تفقد بذلك معناها الثقافي الأصلي ويعاد تعريفها من وجهة النظرالغربية. يبين ذلك أن الفن المعروض في المتاحف لن يكون محايداً في صورته وطريقة عرضه الحديثة.

علمُ الجمال

ترى وجهة النظرالتقليدية لعلم الجمال أن التأثيرالجمالي أمر داخلي بالنسبة إلى النص، لكنه ذو خاصية عمومية من حيث الشكل. من هنا ينادي الباحث بول ويليس بإعادة صوغ المفاهيم الفكرية المستقرة في فهم "الجماليات" التي كرس لها كل من خطاب الحياة اليومية والأكاديمية. يحاول أن يثبت أن هناك فوارق واضحة في كيفية صوغ تاريخ الفن والفلسفة من ناحية وعلم الاجتماع من ناحية ثانية للمبادئ الجمالية، وإن تكن هذه التخصصات كلها مشاركة في تبني فروض معينة حول ما يتضمنه "الجمالي" وكيفية دراسة المجال الاجتماعي الذي يوجد فيه هذا الجمال.

تعي سوسيولوجيا الفن تماماً الآثار المترتبة على تحويل الفن إلى مؤسسة وعلى التقاليد الانتقائية التي تسعى لتعزيزها ومجالات الدعم الذاتي التي تحبذها. يوجه علم الاجتماع أصبع الاتهام إلى الفن وإلى المؤسسات ذات الصلة التي تشكل وتبلور وتضفي صلابة على أسطحه المتغيرة. ويرى ويليس أن علم الاجتماع ومعه التخصصات الأكاديمية الأكاديمية المنافسة فشلت جميعها في مسعى فهم "المسائل الفنية" معيداً ذلك إلى الإخفاق في إدراك أن الفن ليس كياناً معيناً ومحدوداً مرادفاً لمفهوم "عوالم الفن"، ذلك أن الجمال هو في الواقع متصل ومستمر مع السيرالعام لممارسات الحياة اليومية وليس مقتصراً على مجموعة من الاختصاصيين الذين نطلق عليهم مسمى فنانين، بل يشارك فيه جميع أفراد المجتمع في سياق من الحياة اليومية العادية.

سوسيولوجيا الموسيقى

يناقش الباحث آلان سوينغوود في الفصل العاشر، من الكتاب علاقة علم الاجتماع بفن الموسيقى ويرى أن إحدى المسلمات الرئيسة في التطورات الأخيرة في سوسيولوجيا الموسيقى هي أن المجتمع ليس شيئاً خارجياً بالنسبة إلى الموسيقى، بل يقع ضمن تنظيم الموسيقى نفسها وبنيتها. وفي حين تناولت الدراسات الأوبرالية بكثافة العلاقة بين السياق الاجتماعي والنص الموسيقي، فشلت في تطويركل من الأدوات النظرية اللازمة لبحث هذه العلاقة ولصوغ نظرية جوهرية للتطورالأوبرالي. رغم محاولة بعض المفكرين وضع نظرية جوهرية للتطورالأوبرالي فإن علم الاجتماع قيّد نفسه بتأسيس العلاقات بين العمل الموسيقي والسياق الاجتماعي الأعم. وتثير سوسيولوجيا الأوبرا أساساً مشكلة الطرائق التي يصبح فيها السياق الاجتماعي/الثقافي الخارجي عنصراً مؤسساً في البنية الشعرية والجمالية، مطبوعاً في العمل كعنصر ديناميكي في عملية الانتاج الشعرية والجمالية.

التعليقات