22/09/2010 - 12:29

لا يومٌ كيومك يا شاتيلا-2../ حنان برهون*

-

لا يومٌ كيومك يا شاتيلا-2../ حنان برهون*
بين كل كلمة وأخرى أسمع شهقة، زفرة... يتراءى لي وجه تلك العجوز الثمانينية، تحمل صخرتها السيزيفية، التي تدحرجت من مرجعيون، إلى جيوش، إلى النبطية، لتحملها إلى بيروت...

تساءلت عما كانت تفعله عند جانب الشارع، وهي التي تعلمت السكون بين جدران المنفى؟

فلأنتحر بالجواب أيها الحفيد، لقد علموها لغة المنافي... فسكتت وحين بلغ السكوت حده، أراد أن تصرخ، أن تعلن لاءها، عن شهقتها، عن زفرتها، فخرجت للبحث عن بقية من رائحة زيتونة قلعوها من دمائها... خرجت لأن السكون قد أعياها.

خرجت لتبرز بشاعتهم، حتى وإن ذبحت من الوريد إلى الوريد، كان هناك بقية من خطوات إلى الأمام، نظرة إلى ما وراء صبرا و شاتيلا، حزن الحسين المدفون في كربلاء.

خرجت أيها الحفيد، لتعلن لهم عن عدم رضائها عن منفاها، فلا الأرض أرضها، ولا الهواء هواؤها، ولا الجار جارها، جرجرت رجليها، خارج الجدران أيها الحفيد، فرسمت بدمائها حدودا أوسع لفلسطين القلب، خارطة أكبر لفلسطين الدم.
ذبحوها من الوريد إلى الوريد، فأعلنوا بذلك خلودها وبشاعتهم.

دماء فلسطين تناثرت هنا وهناك... بفلسطين.. بالأردن... بلبنان، لتنبت مكان قطرة دم قلعة للصمود، اغتصبوا الصبية فأنجبت صبايا أرضعتهن النقمة، قصفوا الذاكرة ونسو ا أن للذاكرة جذورا ممتدة فيكم، بتروا الأذرع والأرجل ونسوا أن يبتروا روح فلسطين في قلوبكم.

نحروا الجدة فبقي الأحفاد، وبخطوتها خارج الجدران سلمتك المفاتيح وأرشدتك لأول الخطو، كانت تسكن المكان القريب، لكن القريب هو أيضا غريب...ليس مكانها

الآه أيها الحفيد لم تنته... سكنت لياليهم لترسم لوحة أزلية تنطق بشاعة، لوحة معنونة بإسم صبرا شاتيلا...أرض كر وبلاء

أعزائي
إذا أنغرز خنجر الغدر
في بياض هذا الجسد
إذا احمر الأفق بعدي
لا تقولوا:
نفيت من أرضها فبكت
فأنا، شاهدة صبرا
شاهدة شاتيلا
نحرت
لكني لم أمت

لقد عقد فعلا القران بين الدم و الدم، بين الأخ وأخيه، بين قابيل وهابيل، ولكن قابيلهم لم يعلمه الغراب كرامة درء سوأة أخيه تحت التراب... تعفف حتى الغراب من الاقتراب منه لتظل صبرا شاتيلا... وجع ينزف لآه لم تنته، ستكبر وتكبر ليعيد صدى التاريخ وقعها على آذانهم، حينها لن تطالب أيها الحفيد بمحاكمة عادلة، ولن يقعد القاتل على مزبلة التاريخ، لكونه لن يلقى كرسيا حتى في المزابل، ستنقلب عليه... لتحل اللعنة، وويل لمن وشم الآه على ذراع صبرا و شاتيلا.

التعليقات