22/04/2012 - 01:03

أنا أريد / خليل ناصف

القفص الفارغ على قارعة الطريق فكرة جميلة، تعني أن هناك عصفورًا طليقًا في السماء و أكثر!

أنا أريد / خليل ناصف

القفص الفارغ على قارعة الطريق فكرة جميلة، تعني أن هناك عصفورًا طليقًا في السماء

و
أكثر!


(1)
منذ طفولتها لم تفهم جدلية العصفور والقفص، حتى قبل أن تتعلم شيئًا عن فلسفة الحرية كرهت مشهد العصفور داخل القفص بوصفه مشهدًا بشعًا بالنسبة  لإدراكها الطفولي، عندما كبرت كانت تخصص كل شهر مبلغًا صغيرًا تبتاع فيه بعض عصافير الزينة وتطلق سراحها. 

- «سوف تموت العصافير بسرعة؛ فهي اعتادت الحياة في الأسر»، عبارة كان يرددها بائع العصافير باستمرار.

- «فليكن، ستموت وهي حرة إذن».. هكذا كانت تجيبه باستمرار.

 

 (2)
لم تتردد بالمشاركة في المظاهرات المنادية بالحرية، لأنها رأت فيها فرصة لتحطيم قفص كبير وإطلاق سراح عصافير كبيرة وكثيرة، وبالطبع فرصة للسخرية من صانع أقفاص آخر.

عندما كانت تعود منهكة للبيت بعد يوم حافل بهتافات الحرية، كانت تكتشف أنها مثلها مثل الكثيرين من المشاركين في تلك المظاهرات؛ تحاول تحطيم قفص كبير في حين يطوقها هي شخصيًّا قفص صغير.. كانت تكتشف كل يوم أن تحطيم القفص الكبير أسهل من تحطيم القفص الصغير.

من السهل النزول إلى الشارع والمناداة بالحرية، من السهل رفع شعار كبير اسمه «الشعب يريد»، ولكن من يجرؤ على رفع لافتة مكتوب عليها (أنا أريد)؟!


(3)
في كل مرة كانت تنظر فيها لساعتها كبقية البنات للعودة قبل حلول الظلام؛ كانت تغادر الساحة، وعندما تنظر إليها من بعيد، كانت تشاهد جمهورًا كبيرًا من الناس يرفعون شعارات جميلة، وبينهم عدد كبير كان يجلس في أقفاص صغيرة، عدد كبير لن يشعر بالحرية حتى لو زالت القضبان الكبيرة، وحتى لو تحققت عبارة (الشعب يريد)، ففي نهاية المطاف سوف يتفرق الجميع وينفرد كل واحد بنفسه ومع قفصه الخاص.

أفكار كثيرة يمكن استخراجها من قفص فارغ على قارعة الطريق، وأقفاص كثيرة يمكن استخراجها من أفكارنا.. أما هي فسوف تستيقظ غدًا في الصباح الباكر، وتتأكد أن الفتاة التي تنظر إليها من المرآة تشبهها تمامًا بكل تفاصيلها، سوف تترك ساعتها على الوسادة، ثم تنزل للشارع وترفع لافتة مكتوب عليها: (أنا أريد).



* كاتب من رام الله.

التعليقات