05/08/2013 - 18:25

قف: ابتسامة من فضلك / امتياز دياب

علا صوت جار عيسى من نافذته قائلا: "وصل عدد المصلين في المسجد الأقصى أكثر من 150 ألف مصل." قبل ذلك بأيام طل علينا الجنرال الكبير في الجيش الإسرائيلي وذكّر المسلمين أن شهر رمضان هو شهر التسامح والمحبة والسلام، وبأن هذا الشهر هو الذكرى السابعة على حرب لبنان وتمنى أن تكون الحدود الشمالية مع سوريا آمنة كي يحتفلوا بشهر رمضان المبارك القادم.

قف: ابتسامة من فضلك / امتياز دياب

علا صوت جار عيسى من نافذته قائلا: "وصل عدد المصلين في المسجد الأقصى أكثر من 150 ألف مصل."

قبل ذلك بأيام طل علينا الجنرال الكبير في الجيش الإسرائيلي وذكّر المسلمين أن شهر رمضان هو شهر التسامح والمحبة والسلام، وبأن هذا الشهر هو الذكرى السابعة على حرب لبنان وتمنى أن تكون الحدود الشمالية مع سوريا آمنة كي يحتفلوا بشهر رمضان المبارك القادم.

أمر الضابط الكبير جنوده بالابتسام للمواطنين الفلسطينيين وعدم تناول الطعام وتدخين السجائر أمامهم على الـ 550 حاجزا، احتراما لمشاعرهم ولتشجيعهم على استعمال تصاريحهم، بمناسبة شهر رمضان، لفتح شهيتهم الاستهلاكية على حساب التجار المحليين.

خرجت مع عيسى من بيته في (حي النصارى) في البلدة القديمة، هذا الاسم منحه إياه الانتداب البريطاني عندما قسم القدس إلى أحياء حسب الديانات، وتحولت بقدرة قادر حارة الشرف إلى حارة اليهود.

على مفترق طريق الواد وطريق خان الزيت، (انحشرنا) بين أجساد عشرات الألوف الخارجة من المسجد الأقصى، نختنق تارة أو يتبلل شيء منا من عرق الآخرين تارة أخرى.

افترقنا عند درج باب العامود، عيسى ذهب ليبحث عن أولاده لكي يرافقهم إلى بحر يافا الذي يبعد 45 دقيقة عن القدس، أما أنا توجهت إلى فندق القدس، حيث تنتظرني سيارة أجرة، رفض سائقها الاقتراب من بوابة البلدة القديمة التي تحولت إلى بوابة (الحشر) بسبب آلاف الباصات الزاحفة نحو صور المدينة، لالتقاط المصلين الفلسطينيين الذين قدموا من الجليل والمثلث أو "داخل الداخل" كما كان يُعَرفهم محمد ميعاري.

وجدت السيارة (محشورة) بين الباصات الهادرة، ألقيت نفسي في المقعد الخلفي ورجوت السائق الفرار في الحال، لكنه قال: "علينا انتظار الباصات التي أمامنا أن تحمل ركابها واحدا بعد الآخر."

اتصلت بعيسى لكي أطمئن عليه، فقال بفرح إن جسده ملقى على الرمل، أمام بحر يافا، وإن طريق تل أبيب يافا لا تعاني الازدحام.

اضطر أبو سميح السائق السير على الرصيف ودار ليصل إلى آخر شارع صلاح الدين ثم إلى حي الشيخ جراح، فوجدنا أن الباصات المنتظرة دورها لتحميل ركابها تصل حتى التلة الفرنسية، أي على طول ثلاثة كيلو مترات.

تفادينا حاجز (قلنديا) البغيض واخترنا حاجز (حِزْما)، التقينا بجهنم الانتظار والغبار والضجيج والدخان، سمعت أبا سميح يقول: "لقمة العيش صعبة".

وقفت سيارتنا بين صفين من سيارات الفورد الصفراء بانتظار عودة المصلين من القدس الذين حصلوا على تصريح دخول بمناسبة شهر رمضان، شمخ برج المراقبة بلونه الإسمنتي الأسود بسبب الدواليب المحروقة وزجاجات المولوتوف التي احترقت في مناسبات الغضب الفلسطيني.

أطل من نافذة البرج جنديان غير مبتسمين، يبدو أنهما لم يشاهدا فيديو جنرالهم ولم يسمعا نصيحته بعدم تناول الطعام أمام الصائمين، إذ كانا ينهشان ساندويشات (باجيت) ذهبية اللون.

ذكرتني الابتسامة الغائبة بالطفل ابن الخامسة الذي اختبأ في الخزانة عندما داهم أفراد من الجيش المبتسم ـ بيته ليأخذوه ووالده في سيارتهم العسكرية إلى أقرب نقطة جيش، حيث ربطوا والده من يديه وقدميه، لدى اعتراضه على تكبيل طفله بالحديد.

عندما وصلت البيت في رام الله بعد أربع ساعات، كان عيسى قد عاد إلى القدس وأول خبر قرأته أن شركة الكهرباء أطلقت حملة رمضانية لتوعية الجمهور حول مضار "سرقة الكهرباء" وعدم تسديد الفواتير، حيث صرح كامل الحسيني، مدير شركة يُكتب اسمها بالإنجليزية (إيلام تام)، أي إعلام تام باللغة العربية، يقول فيه: "من السهل بث رسائل تشجع على الالتزام بالأخلاق في شهر رمضان، كاستغلال الشهر المبارك لحث الناس على عدم سرقة الكهرباء كوسيلة خفية لحث ضمائرهم".. عجبي...! بين الاحتلال (المبتسم) وشركات الدعاية الفلسطينية الطماعة!

التعليقات