العقوبات على روسيا تطرح تحديات على الرياضة العالمية

وضع الاتحاد الروسي لكرة القدم الرياضة العالمية في مواجهة أمام تناقضاتها، بين الدفاع الصريح عن حقوق الإنسان ورفض التزامها بالحياد السياسي، بعد لجوئه إلى القضاء اعتراضا على إقصائه من المنافسات الدولية.

العقوبات على روسيا تطرح تحديات على الرياضة العالمية

من لقاء سابق بين روسيا وبلجيكا (أرشيف أ ب)

وضع الاتحاد الروسي لكرة القدم الرياضة العالمية في مواجهة أمام تناقضاتها، بين الدفاع الصريح عن حقوق الإنسان ورفض التزامها بالحياد السياسي، بعد لجوئه إلى القضاء اعتراضا على إقصائه من المنافسات الدولية.

والسؤال الذي يطرح، الآن، هل ستتمكن روسيا من الانخراط مجددا في الكرة الأوروبية والعودة للمنافسة في تصفيات كأس العالم 2022؟ إضافة إلى ذلك، هل ستعتمد مشاركة الرياضيين في الأحداث الرياضية على قرارات حكوماتهم؟

وكان الاتحاد الروسي لكرة القدم قد استأنف، أول من أمس الثلاثاء، أمام محكمة التحكيم الرياضي (كاس) عقوبات الاتحادين الدولي (فيفا) والأوروبي (ويفا) بإقصاء كافة فرقه ومنتخباته عن المسابقات الدولية على خلفية غزو روسيا لأوكرانيا.

وطلب الاتحاد الروسي من (كاس) تعليق تنفيذ هذه القرارات بانتظار البت بها، وبالتالي السماح للمنتخب الوطني بخوض الملحق الأوروبي المؤهل إلى مونديال 2022 في قطر، والمزمع إقامته في نهاية آذار/ مارس الحالي، والسماح لمنتخب السيدات بالمشاركة في كأس أوروبا 2022 الصيف المقبل في إنجلترا.

وصرح محامون ل وكالة "فرانس برس" أن التشويق سيكون موجودا، إذ يمكن أن يسلط الاتحاد الروسي لكرة القدم الضوء على "الضرر الذي لا يمكن إصلاحه"، والذي سيعاني منه منتخب بلاده الذي بلغ ربع نهائي كأس العالم 2018 على أرضه، إذا لم يتمكن من خوض فرصه للتأهل إلى العرس العالمي، لكن على محكمة التحكيم الرياضي أيضا "تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف"، وبالتالي مراعاة الوضع المعقّد الذي يجد "فيفا" نفسه فيه، وفق ما قاله المتخصص في قانون الرياضة الأوروبي في معهد "آسر" في لاهاي، أنطوان دوفال.

وشدد دوفال على أنه مع رفض بولندا والعديد من الاتحادات الأوروبية مواجهة روسيا، فإن "فيفا" يواجه "خطر المقاطعة" الذي سيُضعف المنافسة في بطولته الكبرى.

وكان الاتحاد الدولي أكد بعد ساعات من الاستئناف الذي تقدم به الاتحاد الروسي، الثلاثاء الماضي، تأهل منتخب بولندا رسميا إلى نهائي المسار الثاني من تصفيات الملحق الأوروبي باعتباره فائزا في نصف النهائي الذي كان مقررا ضد روسيا.

وإذا كانت السلطات قد امتنعت عن تبرير عقوباتها علنا، فقد أثار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، في رسالة إلى اتحاداته، "مخاوفه الجادة بشأن القدرة على ضمان سلامة الجميع"، بسبب عداء بعض الاتحادات والرأي العام تجاه روسيا وإغلاق المجال الجوي معها.

ويرى دوفال في هذا الصدد، أن "ويفا" يتجه نحو "حجة القوة القاهرة"، أي تعريض منافساته للخطر، ما يسمح له "بالحفاظ على فكرة أن عالم الرياضة لا يزال محايدا".

وبالنسبة أستاذ القانون الدولي في جامعة شيربروك في كندا، دافيد بافو، يمكن لـ"فيفا" و"ويفا" التذرع بشكل أكثر وضوحا بعدم شرعية الغزو الروسي لأوكرانيا باعتباره "خطا أحمر تم تجاوزه بوضوح"، وأن هناك "انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان" يدينه "عدد كبير من القرارات الدولية".

ومن العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين إلى اتهامات الإبادة الجماعية في إقليم شينغيانغ من قبل الحكومة الصينية، تواجه الهيئات الرياضية عددا من المواقف التي يمكن أن تُعاقِب فيها انتهاكات القوانين الدولية أو حقوق الإنسان من خلال الاتحادات الأعضاء.

وتساءل دوفال: "هل ينبغي أن ندخل في مسار معاكس لعولمة الرياضة التي عرفناها منذ عقود من خلال وضع شروط للسماح بالمشاركة في المسابقات؟".

وبالنسبة لبافو فإن "بروز مسألة حقوق الإنسان في الرياضة أمر مرحب به"، على الرغم من أن تنظيم الصين للألعاب الأولمبية والبارالمبية الشتوية 2022 يظهر بشكل واضح "السياسة المتغيرة للهيئات الرياضية" في هذا المجال.

هذا، وعلى المدى المتوسط، سيعتمد كل شيء على النطاق الممنوح للقضية الروسية - الأوكرانية. ويلخّص دوفال "إما أنها حالة استثنائية تنتهي قريبا"، أو أنها "نقطة تحول" من شأنها أن تفرض على الرياضيين في المستقبل "معارضة انتهاك حقوق الإنسان في الدول التي يمثلونها".

التعليقات