10/10/2023 - 10:48

الطلاب في ظل الحالة الطارئة: الاختصاصي النفسي أمجد موسى يطرح "معا نتخطى الأزمة"

"يجب مخاطبة كل جيل على حدة عند تفسير الحالة الطارئة التي نعيشها، فالتفسير للبالغين وطلاب الثانوية يكون من خلال الحوار عن اندلاع الحرب، وتفسير الحالة الطارئة المتدحرجة التي تحصل بها تطورات دائمة وسريعة من حيث المعلومات الجديدة بالأحداث".

الطلاب في ظل الحالة الطارئة: الاختصاصي النفسي أمجد موسى يطرح

آثار القصف الإسرائيلي في قطاع غزة في رابع أيام الحرب (Getty Images)

تواجه شريحة طلاب المدارس مسألة التعامل مع حالة الطوارئ على عدة مستويات منها، السلوكية والنفسية والعاطفية، ويتمثل دور الأهالي والمعلمين بمساعدتهم على التعامل مع الحالة الطارئة التي تجري في المنطقة، خاصة مع تغيبهم عن المدرسة منذ أيام، وانكشافهم على الأخبار المتتالية بما يتعلق بالأوضاع الأمنية والسياسية.

"عرب 48" حاور الاختصاصي النفسي والمختص بتشخيص وعلاج الصدمة، والباحث الأكاديمي، د. أمجد موسى، وسلط الضوء على الطلاب في ظل حالة الطوارئ بين النظرية والتعامل المهني، ولتفسير محاور عدة أبرزها: تعريف الحالة الطارئة الحالية، وكيفية التعامل مع الجوانب العاطفية والسلوكية عند الطلاب، والصورة التي تتناسب مع مرحلتهم العمرية.

"عرب 48": ما هو تفسير الحالة الطارئة التي تتعرض لها البلاد؟

أمجد موسى

موسى: علينا التمييز بين حالات الطوارئ المختلفة التي نشهدها، للتمكن من التعامل مع حيثيات كل حالة على حدة بخصائصها، فنحن نتحدث اليوم عن الحدث الطارئ الحالي الذي تشهده البلاد نتيجة حالة الحرب. ويطلق على هذه الحالة الطارئة، بلغة علم النفس "الحدث الطارئ المتدحرج"، بحيث يكون التأثير النفسي بطبيعة مركبة بالنسبة للفرد، والسبب أن الحدث الطارئ الذي تشهده البلاد غير عادي. ونعني بهذه الحالة (ورود معلومات وأخبار جديدة خلال فترة قصيرة من الزمن)، مما يضاعف التداعيات والتأثيرات النفسية على الفرد قياسا على حالة طوارئ عادية طرأت علينا وانتهت. وكمثال على ذلك، الشعور بالحاجة النفسية الماسة للاستماع للأخبار، الأمر الذي يسبب تشتتا فكريا متعلقا بالحدث المتدحرج، فتنتج عنه أفكار مركبة، وهذا هو السبب في التأثيرات السلبية لهذا الحدث.

"عرب 48": ما هي الأضرار النفسية الناجمة عن التركيز على الأخبار الواردة في الحالة الطارئة التي تشهدها البلاد؟

موسى: نجد في الفترة الأخيرة بأن الكثيرين يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي في تلقي ومتابعة الأخبار، ويمكن تفسير هذه الظاهرة بوجود حاجة نفسية داخلية، تمنح الشخص "شعورا كاذبا" بأنه كلما سمع الأخبار أكثر، كلما فهم الأحداث بشكل أفضل. إلا أن هذه الأمر غير صحيح. لهذا أوصي في المرحلة الأولى من هذه الحالة الطارئة بالسيطرة على الذات، وسماع الأخبار مرتين فقط خلال النهار، وذلك لتجنب الشعور الخادع بمعرفة حقيقة الحدث.

ما يحدث هو تعب وجهد عقلي صعب في هذه المرحلة، وعدم القدرة على المواجهة. كذلك ما يميز الحدث الطارئ المتدحرج الذي نعيشه هو الزخم الكبير من المعلومات والحقائق ولوجود ضرر بالجانبين فإنه ينتج لدى الفرد شعور بـ"التأنيب الداخلي" بأنه يجب أن يسمع الأخبار دائما، وبأنه لا يمكنه ممارسة روتين عادي لحياته بهذه المرحلة. هذا الشعور مواز لحدث طارئ متدحرج وما أوصي به هو الحفاظ على روتين معين قدر الإمكان، بالذات عند شريحة البالغين. مع عدم التقليل من أهمية الحدث الذي نشهده، فإنه على الفرد الإدراك بأن هذه المشاعر تنتج جراء الحدث غير الطبيعي الذي نشهده. وبناء روتين يومي تتوفر من خلاله الحماية للطلاب أو الأبناء دون تعرضهم للخطر، من خلال السيطرة على مشاعره.

"عرب 48": ما هي آليات تفسير الحالة الطارئة للطلاب والأبناء؟

موسى: يجب مخاطبة كل جيل على حدة عند تفسير الحالة الطارئة التي نعيشها، فالتفسير لشريحة البالغين وطلاب الثانوية يكون من خلال الحوار عن اندلاع الحرب، وتفسير الحالة الطارئة المتدحرجة التي تحصل بها تطورات دائمة وسريعة من حيث المعلومات الجديدة بالأحداث. مع إيجاد طرق للمساعدة في كيفية التعامل مع هذه المرحلة، وأبرز هذه الطرق هي الحوار، والتطلع للمستقبل، فمن المتغيرات المهمة التي كتبتها في أبحاثي السابقة والمتعلقة بجيل المراهقة في حالة الطوارئ هي دور الأهل والمساعدة في خلق تفكير للشباب بالتطلع للمستقبل، وإقناعهم بأن هذا الحدث سينتهي، ولديك مستقبلك الذي عليك التفكير به.

أما بالشرح لجيل الطفولة فيكون من خلال الحوار مع الطفل ومنحه أدوات للتعبير عن شعورها، مثلا أن يتطلع على خارطة للمنطقة وشرح وجود حرب بدون إيراد تفاصيل أكثر، لكن بطبيعة الحال الطفل يسمع كلمة حرب من خلال الأهل والجلسات والنقاشات التي تحدث في محيطه. والتعامل مع شعور الطفل من خلال اللعب، من خلال الرسم، من خلال طرق الحوار العديدة باستخدام أدوات قريبة من قلب الطفل كاللعب والرسم والقصة.

"عرب 48": كيف يمكن الحفاظ على الشعور بالإيجابية عند الطلاب في ظل الأوضاع السلبية؟

موسى: يتحول الشعور والتفكير عند الفرد بناءً على الوضع الذي يعيشه، في حين علينا مساعدة أبنائنا بتحويل الشعور والتفكير لديهم إلى فترة ما بعد اجتياز هذه المرحلة. وبحسب عدة أبحاث أجريتها، وخاصة بعد أحداث هبة الكرامة في أيار/ مايو 2021 أوصيت بأهمية تحويل تفكير أبنائنا إلى المستقبل والتطلع لمرحلة ما بعد الحدث، وعلينا كأهل الاضطلاع بدور ترجمة هذه الآليات بشكل عملي من حيث القدرة على النظرة الإيجابية المستقبلية، وتحضير الأبناء للمستقبل من خلال الحوار، وجعلهم قادرين على التخطيط لمستقبلهم على الرغم من الحالة الطارئة.

"عرب 48": ما هو شعار هذه الحالة الطارئة الذي توصي بتبنيه من قبل الأهل والمدرسة؟

موسى: "معا نتخطى الأزمة".. اقترح تنظيم فعاليات للطلاب بمشاركة الأهالي والحوار فيما بينهم ومنح أدوات للتعبير عن مشاعرهم بما يتعلق بالظرف الآني.

التعليقات