"الواعظون"...

-

"مزعج ويبعث على المرارة مرأى العمال الفلسطينيين المتدافعين لدرجة الإختناق على حاجز إيرز لزيادة إحتمالاتهم بالدخول إلى إسرائيل والبحث عن يوم عمل لإعالة أبنائهم. وكما يبدو فإن إحتمال أن يطرأ تحسن في وضعهم هو ضئيل جداً بالنظر إلى الوضع السياسي – الإقتصادي الحالي. فإسرائيل لا تستطيع أن تتخلى عن إجراءاتها الأمنية طالما أن هنالك مجموعات فلسطينية لا تتوقف عن محاولاتها في ضرب المعابر، وحتى لو سمحت إسرائيل بدخول عدة آلاف آخرين من العمال، أو حتى إذا إنسحبت من محور فيلاديلفي، فإن الأمل في تغير وضع العمال يبقى ضئيلاً".

بهذه الكلمات إفتتح "زئيف شيف" مقالته في صحيفة هآرتس اليوم، تحت عنوان "الواعظون". وتابع أنه في حال عدم حصول تغيير في وضع سكان القطاع فإن ذلك سيزيد من ضائقتهم ويفقدهم الأمل. وأن إطلاق القذائف وصواريخ القسام من قطاع غزة إلى إسرائيل سيزيد الوضع سوءأً، ولذلك، برأي شيف، فإن الوضع الحالي هو سيء بالنسبة للفلسطينيين وإسرائيل وكارثة على إحتمالات السلام.

وأضاف إن هذه الصورة القاسية، والتي يعرض بعضها على شاشات التلفزيون، يراها جماهير غفيرة في الدول العربية.

وزعم شيف أن ضائقة الفلسطينيين في قطاع غزة يفهمها العالم العربي على أنها قضية تحتاج إلى حل إسرائيلي. وأنه في أثناء مباحثات جرت مع مسؤولين فلسطينيين عارضوا المساعدة في توطين آلاف الفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم في المعارك في المناطق التي سيتم إخلاؤها في غوش قطيف، وذلك خشية أن تكون نية إسرائيل هي القضاء على المطالبة بحق العودة للاجئين، ووافقوا على أن تكون المساعدة فقط في مخيمات اللاجئين نفسها بدون نقل السكان منها!
وتابع، إن مشكلة قطاع غزة يجب ألا ننظر إليها كقضية فلسطينية إسرائيلية فقط، وإنما كقضية تتصل مباشرة بالعالم العربي. والمفارقة أنه منذ العام 1993، عندما دخل الفلسطينيون وإسرائيل إلى مسيرة التسويات والإتفاقيات، ظلت الدول العربية تنظر إلى هذه الأحداث كأنها تمثيلية على المسرح!، برأي شيف.

كما تطرق شيف إلى المبادرة السعودية والجامعة العربية وقال أن الملك عبدالله حاول زيادة إحتمالات التسوية مع إسرائيل عن طريق إجراء تعديلات تجعل الإعتراف بإسرائيل يستبق تسوية النزاع مع الفلسطينيين. إلا أنه اصطدم بمعارضة شديدة من قبل الدول العربية فأسقط الإقتراح.

وبرأيه فإن الدول العربية الغنية، التي تواصل الوعظ، لو أرادت أن تفك من ضائقة قطاع غزة و"الأخوة" الفلسطينيين، فإنها قادرة على ذلك وبسهولة. فارتفاع أسعار النفط مؤخراً قد أدخلت إلى الحسابات المصرفية، بحسب تقديرات إقتصاديين، أكثر من 50 مليارد دولار. وعندها سيكون بمثابة نقطة تحول في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وزعم شيف، المصيبة هي أن الدول العربية لا تلتزم بأدنى تعهداتها لمساعدة السلطة الفلسطينية، وتريد أن تقوم دول أخرى بذلك مثل اليابان والولايات المتحدة وأوروبا.

كما زعم شيف أن تجاهل الدول العربية لضائقة الفلسطينيين يخلق فراغاً يحاول الإيرانيون ومتطرفو القاعدة التسلل إليه. وبرأيه فإنه يبدو أنهم على حق من يدعون أن هناك قادة عرباً معنيون بأن يستمر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من أجل حرف إنتباه الجماهير عن قضاياها الخطيرة في بلادها.

التعليقات