ألعمل على فراش الموت /درور نيسان

ألسفينة تغرق فعلا، أما ربانها فهو، على طريقته، ما فتئ يحلل ويجري العمليات والحسابات التي نشك أن هناك من يفهمها.

ألعمل على فراش الموت /درور نيسان
يبدو أن انسحاب عامي أيلون من حزب العمل، هذا الذي نافس في الماضي القريب على رئاسة الحزب، لم يفاجئ أحدا. كذلك لم يزعج أحدا هروب اليساريين منه. ألسفينة تغرق فعلا، أما ربانها فهو، على طريقته، ما فتئ يحلل ويجري العمليات والحسابات التي نشك أن هناك من يفهمها.
لقد استطاع حزب العمل ان يتجنب الإبادة في اللحظة الأخيرة للإنتخابات الماضية. ففي الانتخابات التمهيدية تمكن عمير بيرتس من تحقيق الريادة بشكل دراماتيكي وفاجأ الذي زرعه "كاديما" شمعون بيرس. ولقد قاد بيرتس حالا إلى الإنتخابات، وبلور هوية اشتراكية ديمقراطية خالصة للحزب الذي يعاني سكرات الموت وميّزه عن كاديما، وكم بالحري عن ليكود، إذ أجرى عدة صفقات (برافرمان وحايموفيتش) وخلق بذلك بديلا مبدئيا.

بدأ الإنهيار مباشرة بعد انتهاء الانتخابات وظهور نتائجها، حيث ضرب بيرتس نفسيا من الإنسحابات الكثيرة إلى كاديما والى حزب المتقاعدين.

لم يفهم بيرتس لماذا يهجره هؤلاء، وبدأ في هرائه وسخافاته. وهكذا بدأ الإنهيار. ولقد بذل بيرتس مجهودا في كيفية حل مشكلة العنصرية. حيث بحث عن اقصر واسرع الطرق إلى ذلك ووجدها في ملف"الأمن".

لو كان لبيرتس وهو رجل المهمات والمبادئ، نفس طويل وبعد نظر لكان توجه إلى المعارضة، أو لكان بعث آخرين إلى الحكومة. لو أنه تركّز في رئاسة الحزب كقائد أيديولوجي لكان من الممكن أن يجرف خزينة الأصوات كلها.

لقد اعتبر الإسرائيليون حرب لبنان الثانية، وبحق، كهزيمة لإسرائيل. ولقد دفع بيرتس ثمن ذلك نقدا وحالا. وذلك برغم أن إدارته لتلك الحرب كانت معقولة، لكنه دفع ثمن عدم جاهزية الجيش. وهكذا فإن العمل الأمني وحرب لبنان قضيا على بيرتس.

على خلفية الرعب الذي سببته حزب لبنان ، عاد إلى قيادة الحزب من قضى معظم أيامه في الأمن: إيهود براك. لكنه لم يفهم أن عودته هي محض صدفة هيأتها الظروف. لم يفقه أنه غير محبوب، وأن عودته جاءت على خلفية هول ما حدث في لبنان ولأجل الأمن فقط.

راح بيرتس، وجاء براك. ولقد هدأ الرعب من لبنان فهمد حزب العمل وركنته الناس إلى الظل والى نسيان. ما هذا الحزب؟ أهدافه؟ هويته؟ لكل واحد فيه أجندته وطريقه وأهدافه. وهكذا، فقد حظي حزب كاديما بموقع المركز البراغماتي. فيما يمسك ليكود جيدا بناصية وخانة اليمين، بزعيم له شهرته في إنعاش الإقتصاد وتليه جماعة ممتازة من الشخصيات العملية.

فماذا يمكن لحزب العمل أن يبيعنا في هذه الظروف السياسية؟ انتهى الأمر، فقد أفلس وشحب وبات على وشك الغياب. هنالك ما زالت فيالق من العجزة لا يعرفون سوى أوراق الحزب "أ م ت". كيف يصوت شخص حرّ لحزب العمل؟.. من فضلكم أعطوني سببا واحدا.

ليس من غير الوارد أن يكون قد قضي الأمر، وأننا نرى أمام ناظرينا تاريخا: إنقراض الحزب الأم، وأمام الشعب.

عن "واينت" بتصرف

التعليقات