"تدمير التربية، تحطيم المجتمع"..

-

..[[تخلق الصعوبات التي يواجهها رئيس الحكومة المنتظر لتشكيل ائتلاف ثابت اقتراحات لتركيبات وتعيينات لا يقبلها المنطق، بل إن بعضها يثير القلق. إحدى هذه الإقتراحات هي تعيين مشولام نهاري من حزب شاس”” وزيرا خاصا في وزارة التربية، بحيث يكون مسؤولا عن التربية لدى المتدينين الحريديم””. وإذا ما تم هذا فعلا فإن نتنياهو سيكون مضطرا لأن يعين أيضا ممثل حزب يهدوت هتوراةi نائب وزير في وزارة التربية.

إنه اقتراح هوسي، إذا تحقق فسيأتي على التعليم الرسمي، الضعيف أصلا. يستطيع نتنياهو أن يدعي أن نهاري ونائبه سيعملان فقط في المؤسسات التعليمية لمجتمعهما، وأن التعليم الرسمي سيحظى بوزير مناسب من ليكود، لكن الواقع أقوى من أية محاولة لإنكاره.

ليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها حزب "شاس"، مستغلا ضعف السلطة، أن يخلق لنفسه وزارة تربية منفصلة. فهذا، برأي زعامتها، استمرار طبيعي لنشاط الحركة منذ تأسيسها. حيث أن شبكة "نبع التربية التوراتية" (معيان هحينوخ هتوراني)، والتي اقيمت كإطار بديل للأولاد الشرقيين الذين ميّز ضدهم في المؤسسات التعليمية الأشكنازية، هي بؤبؤ عين الرابي عوفاديا يوسيف، وهي الذريعة الأساس لقيام "شاس".

لقد نجح جهاز التربية لدى "شاس"، بواسطة ميزانيات من وزارات حكومية (ألتربية، والأديان والرفاه) في أن يتعاظم ويكبر، وأن ينشر مدارس وروضات تعرض أياما تعليمية طويلة بسعر منخفض، إضافة إلى توفير السفر والوجبات الساخنة. وشكّل الطلاب الذين جاءوا من بيوت علمانية وتقليدية اجتماعية – إقتصادية مستورة، بواسطة معلمات ومربيات متدينات، تحفيزا لعملية جماعية من العودة الموجهة إلى الدين. وهكذا استرجعت شبكة التربية استثمارها، بل عززت من القوة السياسية لحزب "شاس".

في الوقت ذاته، فإن "شاس" تصلّب في مواقفه، فتحول من حركة تقليدية وشعبية إلى حزب متزمت يميني متطرف. فبرغم أن جمهور ناخبيه يشمل اليوم أيضا، أشخاصا كثيرين من العاملين والخادمين في جيش الدفاع الإسرائيلي، لكن في صفوف شبكة "نبع التربية التوراتية" يقدس المربّون خصوصية التعليم التوراتي، ويبعدون الطلبة عن أي ذكر للثقافة، والإنفتاح ولحياة الإنتاج.

ويعطي الآن من يفتخر أنه عندما كان وزيرا للمالية ألغى مخصصات الأولاد (التي يعلن التزامه الآن بإعادتها تدريجيا) وبعث المتدينين إلى العمل، دعمه لهذا التوجه الهدام، الذي ينغلق عن الثقافة الحديثة ويدير ظهره إلى الإستقلال الإقتصادي. لا يمكن لأي وزير تربية من صفوف ليكود، وحتى نتنياهو ذاته، أن يوقف الإندفاع الذي سيعقب تعيين وزير من طرف "شاس".

سيحول التعليم الديني الغني بالميزانيات التربية الرسمية (وكذلك التعليم الرسمي الديني) إلى تجاوز زائد وضحل، إلى أن يقضي عليه تماما. وستنزل بمؤسسات التعليم للجماهير العربية، المميز ضدها أصلا، وفي غياب الميزانيات، ضربة قاضية، وستكون نتائجها كارثية. لقد وعد نتنياهو عشية الإنتخابات بإنعاش الإقتصاد، لكن أية خطة اقتصادية لن تفلح إزاء مثل هذا الدمار العميق للتربية، والثقافة والمجتمع في إسرائيل]]..

التعليقات