"قبول قبل الصدام"

-

تبرز في أحاديث مع جهات أمريكية مختلفة، في الفترة الأخيرة، لهجة قلق من صدام بين نظام أوباما وحكومة إسرائيل. حيث أن الرئيس، من جهته، يكرر إعلانه عن نيته تحقيق اتفاق إسرائيلي – فلسطيني، يؤسس على قيام دولتين مستقلتين، في حين أن الأصوات الرسمية لحكومة إسرائيل تشير، من جهتها، إلى أن هنالك محاولة للإلتفاف، ولإفشال هذه الخطوة أو إرجائها على الأقل.

إن "ليّ الذراع" الذي تقوم به أمريكا لن يفيد. ففي آخر المطاف إسرائيل هي دولة ديمقراطية وتحسم أمورها في الكنيست. وفي الإتفاق الذي يتحدث عنه رئيس الولايات المتحدة مركبات لا يمكن التخلص منها: إنسحاب من نحو 96% من الضفة الغربية، تحويل الأحياء العربية في القدس إلى سيادة فلسطينية، وتسوية خاصة للأماكن المقدسة، ما يعني أن هنالك شكا كبيرا في وجود الأغلبية اللازمة في الكنيست الحالية لتمرير هذا الإتفاق. في حين إن ضغطا خارجيا فظا من شأنه أن يؤدي إلى انتخابات جديدة، علما أنه لا يوجد في الظروف الراهنة يقين بتغيير ميزان القوى في الكنيست. كما أن المسألة الإيرانية تحلّق فوق كل شيء، وهنالك ضرورة لتنسيق وتفاهم تامين بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وليس توترات ومواجهة.

هنالك إمكانية لحل التعقيد بواسطة " رزمة تفاهمات" بين إسرائيل والولايات المتحدة، تضمن تقدما ملموسا نحو إقامة دولة فلسطينية، وتخدم المصالح المشتركة للدولتين إزاء إيران المتنوننة، بحيث تلتزم إسرائيل في إطار "رزمة التفاهمات" بخمسة أمور:
تجميد تام ومراقب للمستوطنات وللشوارع بينها، إتاحة توسيع عمليات بناء قوى الأمن الفلسطينية وانتشارها في مدن الضفة الغربية، إزالة العقبات لتطور اقتصادي في الضفة الغربية، إنشاء مناطق صناعية وتصدير بضائع، والإمتناع عن زيادة وضع ترتيبات التنقل للفلسطينيين في الضفة سوءا (أي رفض ضغوطات المستوطنين لإعادة الحواجز التي أزيلت في فترة الحكومة السابقة)، وإتاحة إعادة سيادة السلطة الفلسطينية في قطاع غزة وعلى المعابر، وذلك إذ تسقط سيطرة حماس في غزة.

على الولايات المتحدة، من جهتها، الإلتزام بأن يتم تحديد حوارها مع إيران في وقت معقول، بحيث يتم رفض الطلب الإيراني بأن يتم الإعتراف بها كجهة مؤثرة في الشرق الأوسط. وإذا لم يؤدّ هذا الحوار إلى وقف انتاج السلاح الذري ودعم الإرهاب، فعلى الولايات المتحدة أن تبادر إلى إجراءات من العقوبات الإقتصادية القاسية: حظر بيع (إيران) مواد التخصيب، مقاطعة مجمل الجهاز الإقتصادي الإيراني، ومعاقبة الشركات التي تستثمر في صناعة الطاقة الإيرانية وتلك التي تزودها بقطع الغيار.

كما أن على الولايات المتحدة أن تشارك في تطوير البرنامج الإسرائيلي للدفاع ضد الصواريخ، منفصلا عن المساعدة العسكرية السنوية، وذلك بالشكل والحجم المطلوبين لتسريع إنجازه – وأن تتيح لإسرائيل زيادة تكنولوجية وتسليح من انتاجها في طائرة إف – 35.

من شأن "رزمة التفاهمات" أن تفرغ خطر الصدام بين إسرائيل والولايات المتحدة. حيث تضمن أنه في فترة حكومة نتنياهو لا يتم فرض حقائق جديدة على أرض الضفة الغربية، كما تضمن تعزيز البنية الأمنية والإقتصادية للدولة الفلسطينية. من جهة أخرى، فإن من شأن عقوبات اقتصادية حقيقية أن تزعزع نظام "الآيتالله" ، فلا تجد إسرائيل نفسها وحيدة إزاء التهديد الإيراني ولا تضطر أن تتصرف لوحدها. على أية حال، فإن قدرتها لحماية المدنيين من تهديدات الصواريخ الثقيلة والصواريخ البالستية ستتعزز ، علما أن الدفاع الناجع هو أيضا شرط ضروري للعملية الهجومية.

التعليقات