"هل تستعد إسرائيل لحملة عسكرية واسعة على قطاع غزة؟"..

-

أفردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مساحة كبيرة لتصريحات رئيس جهاز الأمن العام، يوفال ديسكين، بالإضافة إلى مقالات أخرى، والتي تتحدث عن تعاظم قوة حماس العسكرية في قطاع غزة والدور الإيراني في تدريب عناصر حماس، واستمرار تهريب الوسائل القتالية، علاوة على مواصلة تطوير الصواريخ وزيادة مداها، على حد قول الصحيفة. الأمر الذي يزيد من احتمالات القيام بحملة عسكرية واسعة على القطاع.

فقد كتبت الصحيفة أن ديسكين، حذر في جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست من أن 52 ألفاً من سكان "كريات غات" سينضمون عما قريب إلى سكان "سديروت" و"أشكلون- عسقلان" اللتين تقعان في مرمى صواريخ القسام.

وقالت أن ديسكين قد استعرض أمام اللجنة ما يحدث في مناطق السلطة الفلسطينية، كما تناول "تهريب الوسائل القتالية والتطويرات التكنولوجية التي أدخلها الفلسطينيون على صواريخ القسام وصواريخ "غراد". وبحسب أقوال ديسكين فإن هذه النجاحات تنبع من جملة عوامل بينها التهدئة وغياب العمل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة".

وقال ديسكين:" كريات غات هي أحد الأهداف التي من الممكن أن تصبح في دائرة مرمى الصواريخ، مثل باقي المنشآت في جنوب البلاد". وتابع أن التنظيمات الفلسطينية تبذل جهوداً كبيرة في التسلح، وأنها تسعى إلى زيادة مدى النيران الراجمة، بالإستفادة من حالة التهدئة.

كما قالت الصحيفة أن وزير البنى التحتية، بنيامين بن إليعيزر، طلب مؤخراً إجراء دراسة للمخاطر التي تتعرض لها المنشآت الواقعة في المنطقة الصناعية جنوب عسقلان، والتي سبق وأن قصفت بعدة صواريخ في السابق، وذلك خشية وقوع مضاعفات متسلسلة جراء ضرب إحدى المنشآت التي تحتوي على مواد خطيرة.

وأضافت الصحيفة أن ديسكين قد قال في اجتماع اللجنة المذكور أن كريات غات ليست لوحدها معرضة للوقوع ضمن دائرة أهداف الصواريخ. وبحسبه فإن التنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية تعمل على إنتاج صواريخ لضرب منطقة المركز. وبحسبه فإن هناك منافسة بين التنظيمات الفلسطينية حول من سيطلق أول صاروخ.

وأضاف أن لإيران دور في بناء القوة العسكرية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي. وبرأيه فإن أكثر ما يقلق إسرائيل هو التدريبات. وقال "هناك العشرات من الناشطين وصلوا إلى إيران من أجل التدريب، بالإضافة إلى إمكانية خروج مئات آخرين لإجراء تدريبات على الوسائل القتالية".

وفي هذا السياق كتب رونين بيرغمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه في حال بدأ الجيش بحملة عسكرية واسعة على قطاع غزة، فإن السبب، برأيه، هو الخشية من أن يصبح قطاع غزة مماثلاً لجنوب لبنان. وأن هناك دوراً متعاظماً لإيران فيما يحصل في القطاع.

وكتب أنه في العام 1996 تم اعتقال حسن خواجا في المطار في طريقه إلى تركيا. وكان أول من يعتقل، وبالتأكيد ليس الأخير، في الطريق من الأراضي الفلسطينية إلى معسكرات التدريب في حرس الثورة. وفي حينه اعتقلت إسرائيل عدداً ممن تدربوا في إيران وكانوا أعضاء في الخلية التي قادها خواجا. وتبين لدى التحقيق معهم أن التدريبات اشتملت على إرشادات حول الأسلحة الخفيفة وإعداد العبوات الناسفة وتفخيخ السيارات والرصد والتشفير.

كما كتبت الصحيفة أن حزب الله يقوم بتفعيل الوحدة "1800"، والتي تتركز بتصعيد العمليات في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي المقابل تقوم إيران بتجنيد الجرحى الفلسطينيين الذين وصلوا إلى طهران لتلقي العلاج، من أجل جمع معلومات حول إسرائيل والضفة والقطاع، بالإضافة إلى تجنيد شبكة من المساعدين لتنفيذ عمليات وتهريب وسائل قتالية. كما يجري تجنيد فلسطينيين بواسطة حزب الله عند وصولهم إلى لبنان في زيارات عائلية، ويتم تدريبهم على تفعيل وسائل استخبارية وجمع المعلومات.

وبعد حرب لبنان، تتابع الصحيفة، حصل تقارب ملموس مكشوف وخفي بين حماس وإيران، وكانت زيارة رئيس الحكومة الفلسطينية، إسماعيل هنية، إلى إيران إحدى تجلياتها. وهنا تشير الصحيفة إلى أن مخاوف الأجهزة الأمنية تنبع من إمكانية تحول حماس إلى منظمة تستخدم أدوات استخبارية وعسكرية كدولة، مثل حزب الله. وأضافت أن الفلسطينيين معنيون بمسألة القتال تحت الأرض والصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ من أنواع مختلفة.

وفي سياق ذي صلة أيضاً، كتب أليكس فيشمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل تجلس على السياج منذ أربعة شهور تقضم الأظافر وتعد صواريخ القسام وتنظر بتهاون إلى تسلح واستعداد قطاع غزة للمواجهة. وبرأيه فإنه إذا لم تفعل إسرائيل شيئاً، سواء على المستوى الأمني أم السياسي، فعندها ستجد نفسها في الميدان مع آلاف الجنود والدبابات والمدرعات.

ويتابع أن كافة الاحتمالات تتحدث عن حرب في قطاع غزة، المكان الأكثر اكتظاظاً في العالم. وأن الجيش يستعد لكافة الإمكانيات.
وفي إشارته إلى أقوال ديسكين، يقول إن الأخير لم يأت ليقدم تقريراً حول التسلح، وإنما ليحذر بأنه يجب اتخاذ قرار والقيام بخطوات، رادعة أو سياسية، وإلا سيتدهور الوضع إلى مواجهات واسعة لا يمكن التحكم فيها. وهنا يشير فيشمان إلى أن ديسكين كان قد قال في لقاء مع مراسلين عسكريين، قبل شهر، بأنه يجب دراسة توقيت تنفيذ عملية عسكرية واسعة بشكل جيد، علاوة على عدم إغفال التفكير في اليوم التالي للمواجهات، حيث أنه لا يفكر أحد بانهيار السلطة، وعودة إسرائيل إلى "الإدارة المدنية" مجدداً.

وتابع نقلاً عن أحد كبار المسؤولين في جهاز الأمن أنه في كل مرة كان يطلب الجيش من رئيس الحكومة تغيير تعليمات إطلاق النار على خلايا مطلقي الصواريخ أو تنفيذ حملة عسكرية محدودة في داخل القطاع، كان الجواب بالنفي، وأنه "يجب المحافظة على التهدئة، وذلك إلى حين يأتي اليوم الذي ستنفذ فيه ضربة قوية، وعندها سنحصل على دعم دولي".

وأضاف أن الصواريخ ذات المحركات المزدوجة والتي يصل مداها إلى 16 كيلومتراً، قد سقطت في عسقلان، وأن الصناعات العسكرية الفلسطينية سوف تتوصل عما قريب إلى إنتاج سلسلة صواريخ تصل إلى مدى أبعد. وقد تم تهريب صواريخ "غراد" التي يصل مداها إلى 20 كيلومترا إلى قطاع غزة، وتشكل نموذجاً لإنتاج صواريخ مماثلة.

وبحسبه فإن توقعات جهاز الأمن العام- الشاباك- فسوف يصبح، خلال سنة، ما يقارب 200 ألف إسرائيلي تحت تهديد الصواريخ. في حين باشرت قيادة الجبهة الداخلية بإعداد الخطط، والتي تصل تكاليفها إلى مليارد ونصف المليارد شيكل، من أجل تحصين المستوطنات التي تقع في دائرة يصل قطرها إلى 20 كيلومتراً من القطاع، إلا أنه على ما يبدو لا يوجد أي جهة على استعداد لتوفير مثل هذه الميزانية.

ويواصل فيشمان أن حماس تطور قدرات عسكرية من أجل صد قوات برية إسرائيلية بنجاعة، وأنه قد تم تشكيل 4 فرق لهذا الغرض. وبحسبه فإن حماس تبنى الجيش على نموذج المقاومة اللبنانية، والذي يصل تعداده إلى 8000 مقاتل مسلح ومدرب بشكل جيد. وأن عناصر الجيش يتعلمون ويتدربون في إيران، حيث يجري تدريس النتائج التي توصل إليها حزب الله في أعقاب الحرب الأخيرة. وتشير التقديرات إلى أن قدرات حماس العسكرية مماثلة لقدرات حزب الله في العام 2001. ويضيف أن حماس تقوم بحفر الأنفاق والخنادق تحت الأرض، تحت المباني القائمة، من أجل امتصاص القصف الجوي.

إلى ذلك، يتابع أن جيش حماس الفعال والذي يطور قدراته بشكل يومي، يتم بناؤه أمام أعين الجيش الإسرائيلي. وأنه قد طرأ مؤخراً تحسن ملحوظ في القدرة على مواجهة المدرعات الإسرائيلية عن طريق تطوير العبوات الناسفة الموجودة بحوزة جيش حماس. وإلى جانب الجيش فهناك ما يقارب 5500 من عناصر الأجهزة الأمنية التابعة لحماس والذين يظهرون قدرات فائقة.

وينهي بالقول إن الحرب على قطاع غزة ليست قدراً من السماء، وأن السؤال هو "كيف نجد القيادة القادرة على اتخاذ القرارات الصائبة؟"..

التعليقات