هآرتس: لعبة الكرامة مع تركيا قد تنفجر في وجه إسرائيل

أردوغان على حد قول بارئيل، لا يستخف بالعلاقات الإستراتيجية، خاصة عندما يكون هدف سياسته هو تحويل تركيا إلى قوة إقليمية، ولكن سياسته لا تستند فقط على المصالح والبعد الإستراتيجي، وإنما أيضا على أيديولوجية تلعب الأخلاق السياسية دورا مركزيا فيها

هآرتس: لعبة الكرامة مع تركيا قد تنفجر في وجه إسرائيل
تحت عنوان "التقرير ليس توراة مقدسة" كتب المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس" تسفي بارئيل أنه لولا تعنت وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ووزير التهديدات الإستراتيجية موشي يعالون عدم الاعتذار لتركيا، لكان تقرير الأمم المتحدة المتعلق بسفينة مرمرة المؤلف من 105 صفحات يصلح في أحسن الأحوال لأن يكون مادة تدريسية في مجال إستراتيجبة فرض الحصار وتكتيك الحؤول دون اختراقه، ولتحول إلى واحدة من آلاف الوثائق التي أصدرتها الأمم المتحدة خلال سنوات، والتي دفن غالبيتها في خزائن حديدية، وربما لم تنشأ الحاجة أصلا للجنة تحقيق أممية، وكان بإمكان الطرفين الإسرائيلي والتركي الاستمرار بعلاقاتهما الطبيعبة.
 
بارئيل، يقتبس اوزدام سانبارك عضو لجنة التحقيق، والشخصية السياسية والجماهيرية المعروفة في تركيا، الذي يقول إن الأخطاء تحدث بين الأصدقاء، ومن المسموح تقديم الاعتذار، هكذا يتصرف الأصدقاء عندما تكون العلاقات بينهما مهمة للطرفين، ولكن لدى تركيا وإسرائيل تحول الموضوع إلى موضوع "كرامة".
 
مع ذلك، يقول بارئيل، الإدارة التركية لم تغلق الباب نهائيا في وجه إسرائيل، بالرغم من تخفيض التمثيل الدبلوماسي والخطوات المرافقة له، فهي تؤكد أن العقوبات ضد الحكومة الإسرائيلية وليس ضد دولة إسرائيل، وإن شروطها ما زالت على حالها وتتمثل بالاعتذار ودفع التعويضات.
 
من الصعب أن تجد، كما يقول بارئيل، أيا من المقربين لأردوغان لا يرى أن توتير العلاقات مع إسرائيل ليس في مصلحة الطرفين، ولكن من الصعب أن تجد أيضا من لا يصر على ضرورة أن تلبي إسرائيل شروط أردوغان. فالعهد الذي قطعه أردوغان لشعبه بالحصول على اعتذار من إسرائيل أصبح جزء لا يتجزأ من مصداقيته السياسية التي تمنحه القوة الجماهيرية- السياسة الخارجية التركية كما في كل دولة ديمقراطية لا تنفصل عن السياسة الداخلية. ومثلما لم يتورع اردوغان عن إدارة الظهر للرئيس السوري بشار الأسد بالرغم من كونه رأس زاوية مهم في المحور الذي يسعى لبنائه في الشرق الأوسط، ومثلما أوضح لإيران بأنه لا يقبل إملاءاتها المتعلقة بسوريا، فإن اردوغان لا يتردد بتوتير العلاقات مع إسرائيل عندما لا تستجيب الأخيرة لشروطه.
 
أردوغان على حد قول بارئيل، لا يستخف بالعلاقات الإستراتيجية، خاصة عندما يكون هدف سياسته هو تحويل تركيا إلى قوة إقليمية، ولكن سياسته لا تستند فقط على المصالح والبعد الإستراتيجي، وإنما أيضا على أيديولوجية تلعب الأخلاق السياسية دورا مركزيا فيها.
 
ويتابع الكاتب أن الدمج بين الإستراتجية والأيديولوجة في السياسة التركية يترك منفذا للهرب أو المزيد من التدهور في علاقاتها مع إسرائيل، فالاعتذار سيرمم العلاقات، وإدارة الظهر ستجلب المزيد من الخطوات العقابية الإضافية، وكل تأخير بتقديم الاعتذار سيعمق الهوة في العلاقات الرسمية ويدمر العلاقة شبه العائلية التي كانت سائدة بين الشعبين.
 
الكرامة هي قيمة إستراتيجية، كما يقول موشي يعالون، ولكن "بشرط أن لا تنفجر هذه الكرامة في وجوهنا وتحطم مصالح إستراتيجية حيوية"، يقول بارئيل.

التعليقات