24/11/2023 - 11:41

علاج السمنة: عصر جديد محفوف بالمخاطر عن طريق "أدوية السكّريّ".

وساهم تناول عدد من المشاهير ونجوم شبكات التواصل الاجتماعيّ عبر صفحاتهم فوائد هذه الأدوية في إنقاص الوزن، في تعزيز الإقبال الكبير عليها، لاقتناع كثر بأنّها الطريقة الأكثر فاعليّة للتخلّص من الكيلوغرامات الزائدة...

علاج السمنة: عصر جديد محفوف بالمخاطر عن طريق

(Getty)

دخل علاج السمنة "عصرًا جديدًا" بفضل أدوية مصمّمة أساسًا ضدّ السكّريّ لكنّها تساهم أيضًا في خفض الوزن وفي مواجهة هذا المرض المزمن الّذي يشكّل آفة عالميّة في مجال الصحّة العامّة، إلّا أنّ أصواتًا كثيرة تدعو إلى الحذر في ما يتعلّق بالاستخدام المحرّف لهذه المنتجات.

وتقوم هذه الأدوية الجديدة على مكوّن شبيه بهرمون الغلوكاكون أو "جي إل بي-1" (GLP-1) الناجم من الأمعاء والّذي يعزّز إفراز البنكرياس الأنسولين ويرسل إشارة شبع إلى الدماغ بعد تناول الطعام.

وبالتّالي، توصف الأدوية القائمة على "جي إل بي-1" لعلاج السمنة أو الوزن الزائد المترافقين مع عوامل اعتلال.

وقالت أستاذة التغذية في مستشفى بيتييه-سالبيتريير ومديرة وحدة أبحاث التغذية والسمنة في المعهد الوطنيّ الفرنسيّ للصحّة والبحوث الطبّيّة كارين كليمان: "إنّنا نلمس تأثيرات على فقدان الوزن لم نشهدها سابقًا مقارنة بأدوية أخرى، وهذه النتائج قد تقارب جراحة السمنة".

ووصفت ذلك بأنّه بمثابة "تغيير حقيقيّ" في هذا المجال، لكنّها أكّدت أنّ هذه الأدوية "لا تعالج المرض" على الإطلاق، إذ أنّ وقف العلاج يؤدّي إلى معاودة اكتساب الوزن.

ورأى الخبير الاقتصاديّ في مجال الصحّة فريديريك بيزار أنّها "ثورة دوائيّة ومجتمعيّة حقيقيّة"، لكنّه شدّد على ضرورة توخّي الحذر، كما هي الحال بالنسبة إلى أيّ دواء جديد.

وساهم تناول عدد من المشاهير ونجوم شبكات التواصل الاجتماعيّ عبر صفحاتهم فوائد هذه الأدوية في إنقاص الوزن، في تعزيز الإقبال الكبير عليها، لاقتناع كثر بأنّها الطريقة الأكثر فاعليّة للتخلّص من الكيلوغرامات الزائدة.

ثمّة إذا تحوير لاستخدام بعض جزيئات "جي إل بي-1"، ومنها سيماغلوتايد المستخدم في دواء "أوزمبيك" المضادّ للسكّريّ، من إنتاج شركة "نوفو نورديسك" الدنماركيّة.

وأعلنت "نوفو نورديسك" الّتي تعدّ من أبرز الشركات الدوائيّة في مجال مرض السكّريّ الخميس عن استثمار جديد بقيمة 2,1 مليار يورو في موقع لإنتاج مضادّات السكّريّ في جنوب غرب باريس.

ونحذّر السلطات الصحّيّة الفرنسيّة باستمرار من احتمال حصول نقص في الكمّيّات المتوافرة من هذا الدواء، الضروريّ لمرضى السكّريّ.

ووصل التهافت على "أوزمبيك" إلى درجة انتشار حقن مزيّفة لهذا الدواء، وفق ما حذّرت منه السلطات الصحّيّة الأوروبّيّة والفرنسيّة في الآونة الأخيرة.

ويمكن أن تكون لهذا النوع من الأدوية المسمّاة نظائر "جي إل بي-1"، آثار جانبيّة كالغثيان والقيء واضطرابات الجهاز الهضميّ.

وشدّدت البروفسورة كارين كليمان على أنّ هذه الأدوية "يجب أن توصف بحكمة وبطريقة منظّمة، لأنّه مجال حسّاس شهد إخفاقات عدّة في الماضي". وأضافت "المسألة الحقيقيّة هي المدى الطويل جدًّا". ولاحظت أنّ "ثمّة أشخاصًا يستجيبون لهذه العلاجات، والبعض الآخر لا، لسبب غير مفهوم".

ويكمن الجانب السلبيّ الآخر في طريقة أخذ هذا الدواء، إذ لا تزال تقتصر على الحقن، والأهمّ في سعره وعواقبه على موازنة الصحّة، إذ يكلّف العلاج مثلًا ألف دولار شهريًّا للمريض في الولايات المتّحدة.

وباتت المجموعات الدوائيّة الرائدة في هذا المجال أبرز المستفيدين من هذا التقدّم في علاج السمنة، إذ أصبحت "نوفو نورديسك" الّتي تنتج "ويغوفي" ضدّ السمنة و "أوزمبيك" ضدّ السكّريّ، الشركة الأوروبّيّة ذات القيمة السوقيّة الأكبر في أيلول/سبتمبر. وفي الصدارة أيضًا في هذا المجال مجموعة أخرى هي الأميركيّة إيلاي ليلي" الّتي تصنع "تيرزيباتايد" و"مونجارو".

وتتقدّم الاستثمارات بسرعة - بمليارات اليورو - لتلبية الطلب وزيادة الطاقة الإنتاجيّة.

وتوقّع الاتّحاد العالميّ للسمنة أن يعاني نحو ملياري شخص في العالم السمنة (مؤشّر كتلة الجسم أكبر من 30 كلغ/م2) بحلول عام 2035.

وتعدّ الشركات المصنّعة حلولًا أخرى. وقال البروفسور كليمان "في السنوات المقبلة، سنشهد أدوية تتكوّن من مزيج بين هرمونين أو ثلاثة هرمونات".

وفي مدينة ليون الفرنسيّة، تعمل شركة "أدوسيا" للتكنولوجيا الحيويّة على تطوير أنسولين مدمج مع الأميلين "للاستعاضة عن الأنسولين الّذي يسبّب زيادة الوزن بالأنسولين الّذي يسبّب فقدان الوزن" للأشخاص المصابين بداء السكّريّ من النوع الأوّل.

وقال رئيس هذه الشركة أوليفييه سولا "نحن في عصر جديد: عصر هرمونات الشبع، ولم نعد في عصر مثبّطات الشهيّة".

التعليقات