04/04/2024 - 09:27

بروفيسور شحادة: الإصابة بالسكري في المجتمع العربي تضاعفت 6 مرات خلال 20 عاما

أكد بروفيسور شحادة أنه "إذا نظرنا إلى السّمنة والوزن الزائد لدى النساء العربيّات فوق 45 عامًا نلاحظ بأن 89% منهنّ يعانين من زيادة في الوزن بينما لا تتعدى النسبة 53% لدى النساء اليهوديات".

بروفيسور شحادة: الإصابة بالسكري في المجتمع العربي تضاعفت 6 مرات خلال 20 عاما

توضيحية (Getty Images)

يتسم مرض السكري بتركيز عالي للسكر (الجولوكوز) في الدم، ويدعى هذا المرض في اللاتينية Diabetes mellitus (البول الحلو)، ومصدر الاسم عندما يتجاوز مستوى السكر في الدم عتبة ما 180 ملغرام لكل ديسيلتر، فإنه يتغلب على قدرة الكلى على امتصاصه، ونتيجة لذلك يتم فرز السكر الزائد في البول، وهي الحالة التي تسمى "بيلة سكرية" أو "البول السكري" (جليكوزوريا). إذا لم تعالج المستويات العالية للسكر في الدم فإنها قد تؤدي إلى مضاعفات (مضاعفات السكري).

يعتبر مرض السكري من الأمراض الشائعة جدا في العالم، ومعدل المصابين به بازدياد مطرد.

وتشير التقديرات إلى أن ما بين 8% - 9% من سكان البلاد مصابون بمرض السكري وأن حوالي 20% من المصابين بالسكري لم يُشخصوا بالمرض، وهم لا يعلمون أصلًا بوجوده.

وقال رئيس الجمعية العامة للسكري في البلاد، ومدير مؤسسة "سفيرا السكري" في منطقة الجليل، وجامعة بار إيلان، بروفيسور نعيم شحادة، إن نسبة الإصابة بمرض السكّري في المجتمع العربي تضاعفت 6 مرات عما هو عليه في المجتمع الإسرائيلي عامة، خلال العقدين الماضيين.

بروفيسور نعيم شحادة

ووصف بروفيسور شحادة مرض السكري والسّمنة بأنهما "آفة العصر"، وأكد أنه "في مجتمعنا العربي نحن نعاني أكثر من غيرنا من هذه الآفات المرضية. إذا نظرنا إلى السّمنة والوزن الزائد لدى النساء العربيّات فوق 45 عامًا نلاحظ بأن 89% منهنّ يعانين من زيادة في الوزن بينما لا تتعدى النسبة 53% لدى النساء اليهوديات".

وإذا نظرنا إلى معدلات السكّري لدى العرب من أبناء 65 عامًا وما فوق، يقول بروفيسور شحادة "نلاحظ بأن 50% من المواطنين في المجتمع العربي يعانون من السكري مقارنة مع 30% من المجتمع اليهودي، كما أنه في المدّة الأخيرة هناك ارتفاع ملحوظ بعدد الأولاد الذين يعانون من السكري".

"عرب 48": هل يصنف مرض السكري من بين الأمراض الخطيرة؟

شحادة: طبعا، مرض السكري اليوم يحتل المكانة الثالثة أو الرابعة بين الأمراض التي تسبب الموت، وارتفاع أو انخفاض السكر في الدم ليس هو المشكلة بحد ذاتها، وإنما المشكلة الحقيقية تكمن في تعقيدات المرض، فالسكري هو المسبب الأول لحالات العمى للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من أبناء 20 إلى 60 عاما، وهو المسبب الأول للفشل الكلوي، ويلاحظ في أقسام غسيل الكلى أن نحو 60% ممن يجرون عملية الدياليزا عانوا من السكري وهو ما أدى للفشل الكلوي، والأمر الثالث هو بتر الأطراف نتيجة السكري، وهو ثاني مسبب لبتر الأطراف بعد الحوادث على أنواعها، وإسرائيل واحدة من أعلى النسب في بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، وما أدى إلى ارتفاع هذه النسبة هو وجود المجتمع العربي في إسرائيل ويعادل ضعفي حالات بتر الأطراف منه لدى المرضى اليهود، فالسكري خطير ويعاني منه 10% من البالغين إجمالا، وعند كبار السن (65 عاما وما فوق) فإن النسبة تصل إلى 50% لدى العرب و30% لدى اليهود.

"عرب 48": ما السبب الذي يجعل مستويات ومعدلات الإصابة لدى العرب أعلى بكثير من سواهم؟

شحادة: هناك عدة أسباب أهمها أن القيادة العربية لا تأخذ الموضوع على محمل الجد ولا تكرس جهودا وطاقات لصحة الجمهور العربي. سبب آخر مهم هو أن العرب لديهم ميول جينية وراثية لتطوير مرض السكري أكثر من سواهم من الشعوب، لذلك لو نظرنا إلى خارطة الإصابة بالسكري حول العالم نجد بأن 6 دول بين العشر الأوائل هي دول عربية. سبب ثالث هو العادات والتقاليد وكرم الضيافة تساهم في تناول مريض السكري للأطعمة والمأكولات التي تفاقم الحالة من أجل إرضاء المضيف، أضف إلى ذلك أننا في المجتمع العربي لا نهتم باختيار الغذاء الصحي، وتجد أن العرب يستهلكون الألبان عالية الدسم أضعاف المجتمع اليهودي، كما أن ممارسة الرياضة بشكل يومي ومنتظم في المجتمع العربي هي أقل من المجتمع اليهودي أو الشعوب الأوروبية، والسمنة الزائدة هي عامل الخطورة الأول لحصول السكري، وهذا يبدأ بالأولاد، فلو نظرنا إلى شريحة الأولاد من أبناء 10 - 19 عاما، نجد أن العرب هم الشريحة الأعلى التي يعاني فيها الأولاد من وزن زائد، وهنا يجب أن نميز بين "الوزن الزائد" و"السمنة" فالوزن الزائد هو مرحلة قبل السمنة، وفي الحالتين النسب الأعلى نجدها لدى العرب. أما بالنسبة لكبار السن فإن الشريحة الأعلى التي تعاني من الوزن الزائد هي شريحة النساء العربيات وتصل إلى 89% لدى النساء فوق سن 50 عاما.

"عرب 48": في الماضي كان يعرف السكري بـ"مرض الأغنياء"، هل يمكن أن يكون انتقال العربي من نمط حياة زراعي - فلاحي، إلى نمط حياة مدني يعتمد على الثروة الحيوانية والأكل السريع ساهم في تفاقم المرض أو في تحفيز البعد الوراثي والجيني؟

شحادة: بالتأكيد، الميل الوراثي كان موجودا لدينا نحن العرب كل الوقت، لكنه كان محميا بنمط حياة صحي، الجهد الجسماني في العمل، ولعب الأولاد في خارج البيت، وبالتالي هي فعاليات جسمانية، كنا نأكل ما تعطيه الأرض من خضار وخبيزة وزعتر وسبانخ، كانت صحتنا أفضل، وحين تحولنا لمجتمع أكثر خمولا يجلس فيه الأولاد في البيت طوال الوقت ولا يحركون سوى أصابعهم بالضغط على الشاشات، وانتقالنا إلى نمط غذاء كثير، وافر، وسريع، وصارت الأبدان النحيفة تنتفخ وتحولت لسمنة وأمراض، فيخطئ من يظن بأن السمنة والبدانة للطفل هي صحة بل هي مرض مزمن!

"عرب 48": ما العمل إزاء هذا الواقع الخطير وإزاء هذه المعطيات التي تنذر بما هو أكثر تعقيدا في المستقبل؟

شحادة: هناك عمل ومجهود لجسر الهوة بين المجتمعين العربي واليهودي تقوم به صناديق المرضى ووزارة الصحة من خلال برامج ومشاريع، أهمها مشروع "سفيرا السكري" للجليل، وهو مخصص لعلاج ومنع وايصال خدمات السكري إلى كل فرد بميزانية تقدر بنحو 75 مليون دولار لمدة 10 سنوات، والهدف الوحيد من هذا المشروع هو جسر الفجوات بين المجتمعات الضعيفة (المجتمع العربية) والمجتمعات المقتدرة (الغنية) عن طريق التدخل في القرى والمدن بمشاركة صناديق المرضى والمستشفيات والجامعات، والمشروع يتبع لجامعة بار إيلان وكلية الطب في صفد.

"عرب 48": هل يمكن لمريض السكري أن يعيش حياة طبيعية إذا ما كان حريصا على توازن مستوى السكر من خلال الأدوية والإنسولين؟

شحادة: درهم وقاية خير من قنطار علاج، ممكن لمريض السكري أن يعيش حياة طبيعية جدا إذا كان متوازنا ومحافظا على نسب سكر منخفضة، أما إذا كانت لديه إصابة في العينين، فإنه لا يرى، وإذا كان مصابا بالفشل الكلوي فيحتاج لإجراء دياليزا، وإذا كانت لديه إصابة في الأعصاب أو الأداء الجنسي فكيف له أن يعيش حياة طبيعية؟! لذلك فإن الوقاية في حالة الإصابة بالسكري هي جانب مهم جدا.

"عرب 48": هناك سلة متنوعة ومجموعة واسعة من العلاجات لمرض السكري سواء بالإنسولين أو غيره أحيانا تتم ملاءمتها لكل حالة على حدة.. أين نحن من توفير علاج للسكري؟

شحادة: لدينا في البلاد أفضل سلة أدوية في العالم لمرضى السكري، وأنا قمت بفحص ذلك بنفسي، بالمقارنة مع ألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة والدول الإسكندنافية، وهناك اليوم ثورة وانقلاب في عالم الأدوية للسكري ومنها ليس فقط ما يوازن السكر وإنما تساهم في منع إصابة القلب وتلف الشرايين، وتمنع إصابة الكلى أيضا والأوعية الدموية الدقيقة، وهناك شروط ومعايير معينة لتناول كل نوع من هذه العلاجات وبأسعار رخيصة جدا نسبيا. ولكن بالمقابل هناك قلة وعي بخصوص ملاءمة العلاج المناسب للمريض حسب حالته، وأحيانا نجد بأن نصف المرضى في منطقة الشمال، على سبيل المثال، والذين يستوفون شروط الحصول على أدوية ملائمة لهم لا يحصلون عليها رغم أنهم يستحقونها!

"عرب 48": هل هناك نصائح عامة للجمهور من أجل تحمل مسؤولياته في الحد من هذه النسب المتصاعدة والمقلقة أو تراجعها؟

شحادة: هناك ثلاثة أمور هامة لو اتبعناها فإنها ستساهم في الحد من تفاقم المرض، وهي أولًا التغذية. نحن موجودون في منطقة حوض الأبيض المتوسط الغنية بالأطعمة والتي تعتبر التغذية فيها الأفضل في العالم، لذلك علينا استغلال ذلك عن طريق تناول الأسماك، واستهلاك الخضار، واللحوم غير المصنّعة، والفاكهة، والبقوليات. النقطة الثانية هي شرب المياه بكثرة، لأننا من المجتمعات التي تستهلك كميات كبيرة من المشروبات المُحلّاة، وهذه المشروبات تحتوي على مواد كيماوية وأصباغ مشبعة بالسكر تضفي عليها الطعم والرائحة، ويجب علينا الابتعاد عنها. السائل الذي ننصح به دائمًا هو الماء، ثم الماء ثم الماء. والأمر الأخير هو الرياضة التي تحافظ على لياقة بدنية وتساعد على موازنة السكر، ومنع السّمنة.

التعليقات