التغيّر المناخي يهدّد الشعاب المرجانية

يتهدد ارتفاع درجة الحرارة الناتج عن تغيّر المناخ الشعاب المرجانية، ووفق الصندوق العالمي للطبيعة، الذي شدّد أن "حوالي ربع الشعاب المرجانية (في العالم) يعاني بالفعل من أضرار لا يمكن تعويضها، والثلثين مهدد بشكل خطير".

التغيّر المناخي يهدّد الشعاب المرجانية

شعاب مرجانية في البحر قرب منتجع شرم الشيخ في 29 أيلول/سبتمبر 2021 (أ ف ب)

يتهدّد ارتفاع درجة الحرارة الناتج عن تغيّر المناخ الشعاب المرجانية، وفق الصندوق العالمي للطبيعة، الذي شدّد على أن "حوالي ربع الشعاب المرجانية (في العالم) يعاني بالفعل من أضرار لا يمكن تعويضها، والثلثين مهدد بشكل خطير".

ويشير الصندوق إلى أن 8% من الشعاب المرجانية في العالم اختفت في 1998، بينما ابيضّت نسبة 14% منها في العشرين سنة التالية.

وتشرح خبيرة التغير المناخي، كاثرين جونز، أنه "عندما ترتفع درجة الحرارة، يمتصّ المحيط المزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج حمض الكربونيك، لذلك لا ترتفع درجة الحرارة فحسب، بل تتغير نسبة الحموضة أيضاً".

وتضيف "عندما تصبح المياه أكثر حموضة، يصبح الأمر صعبا جدًا على الحيوانات القشرية"، وتؤكد أن هذه الظاهرة بدأت منذ "سنوات عدة في البحر الأحمر".

وتستعدّ مصر لاستضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف حول المناخ (COP27) العام المقبل في شرم الشيخ، بعدما استقبلت المدينة في 2018 مؤتمرًا لتحالف من منظمات الأمم المتحدة لبحث سبل حماية الشعاب المرجانية من الانقراض.

وحذّر تقرير صدر مؤخرًا عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أنه "حتى إذا نجح العالم في تثبيت الارتفاع في درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية أعلى مما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، فإن 70% إلى 90% من الشعاب المرجانية قد يزول بحلول منتصف القرن".

وتوضّح جونز، أن تضرّر الشعاب المرجانية، "سنفقد الكثير من الحياة البرية، وسوف يتغير النظام البيئي بطريقة تؤثر علينا كبشر من حيث الموارد".

وتضيف "الشعاب المرجانية هي حضانات للأسماك الصغيرة ومكان لتغذية الأسماك الكبيرة... إنها جزء أساسي من النظام البيئي".

وتفيد الأمم المتحدة أن قرابة مليار شخص من سكان العالم يعيشون من الشعاب المرجانية، وأن 6.7 مليار سيتضررون من موت المرجان في البحر الأحمر وفي أمكنة أخرى. علما أن الحواجز التي يشكلها المرجان تحمي السواحل من الكوارث الطبيعية. كما قد يؤدي ابيضاض المرجان أو موته إلى ظهور أوبئة تصيب الإنسان.

ويقول مدرب الغوص المصري، إسلام محسن: "أنا كغطاس يظهر أمامي بشكل واضح تأثير التغير المناخي على الشعاب المرجانية"، مضيفا "ما يحدث هو عملية ابيضاض للمرجان... يعني يتحول لونه إلى الأبيض".

يعمل مدرّب الغوص، محمد عبد العزيز في منتجع شرم الشيخ في مصر، ويشير عبد العزيز إلى تأثير التغير المناخي على الشعب المرجانية إلى جانب بعض الممارسات البشرية الخاطئة وما يمكن أن يسبباه من أضرار.

ويضيف عبد العزيز، إلى أهمية الشعاب المرجانيّة وإلى السائحين الذين يأتون لمشاهدتها، قائلا "إذا حدث لها شيء، سوف يطالنا الضرر جميعا". ويستطرد: "طالما الشعاب المرجانية معافاة، تجد الأسماك والغوص والنشاط".

وبحسب وزارة البيئة، توجد في مصر 209 أنواع من الشعاب المرجانية التي تشكّل ملجأ للحياة البحرية، وتجذب الغواصين من كل أنحاء العالم.

ولأهمية سياحة الغوص لشرم الشيخ، نظمت غرفة سياحة الغوص المصرية دورات لتزويد الغواصين المعلومات وأساليب التعامل مع المرجان والكائنات البحرية الحية. وتشرف الغرفة على 269 مركزا للغوص وأكثر من 2900 غواص محترف.

ويقول مدرب الغوص، محسن إن الغرفة نشرت "الشمندورة" في مواقع الغوص الشهيرة، وهو جسم عائم يثبت في أرضية البحر تستخدمه المراكب في الرسو وسط المياه بعيدا عن الشعاب المرجانية.

واتخذت قرارا بوقف نشاط الغوص للمبتدئين في الفترة الأخيرة بشكل مؤقت للسماح للشعاب المرجانية بالتعافي.

ويرى الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، ناصر كامل، أنه قد لا يكون هناك الكثير من الوقت لذلك، لأن بعض مناطق العالم معرّضة للخطر أكثر من غيرها.

ويوضّح أنّ الدراسات تشير إلى أنّ مشكلة تغير المناخ تعد "أكثر إلحاحا" في منطقة حوض المتوسط من غيرها من المناطق.

ويشير إلى أنّ ذلك ناتج عن موقع المنطقة بين نظامين مناخيين مختلفين، وعن الانبعاثات الحرارية الصادرة عن عدد من بلدانها. ويقول "نسبة الزيادة في درجات الحرارة في منطقة حوض المتوسط أكثر بـ 20% عن المتوسط العالمي".

وبحلول الأعوام 2030-2035، إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة في مجال الحدّ من الاحترار المناخي "سنصل في ارتفاع درجات الحرارة إلى 2.4 درجة مئوية"، وفق كامل.

وتسعى دول العالم إلى الوقوف عند حدّ الدرجتين المئويتين، ثم النزول إلى درجة ونصف.

تقول جونز "حتى لو اختفى الإنسان تماماً من الأرض غداً أو توقفنا عن إنتاج أي نوع من الانبعاثات، ستستمر درجة الحرارة في الارتفاع من تلقاء نفسها وفقا لآلية رد الفعل لتغير المناخ".

وترى أن "الوضع مضى إلى ما هو أبعد من نقطة اللاعودة الآن، وكل ما يمكننا فعله هو محاولة تأخير ارتفاع درجة الحرارة لكي نستطيع التكيف".

التعليقات