في عيد الأم: أسيرات فلسطينيات أمهات يعشن ظروفا قاسية

"الاحتلال يختطف في سجونه 21 أسيرة فلسطينية، من بينهم 6 من الأمهات لديهن 30 من الأبناء في مختلف الأعمار، ومنهم من لم يتجاوز الخمس سنوات من العمر"..

في عيد الأم: أسيرات فلسطينيات أمهات يعشن ظروفا قاسية

لم يكن يعلم أطفال الأسيرة رنا أبوكويك الأربعة (لينا وملاك ولنى ويوسف) حين اقتحمت قوات الاحتلال منزلهم في رام الله بعد منتصف ليلة 25/10/2013، وقامت باختطاف والدتهم، بأن اعتقالها سيستمر حتى يوم الواحد والعشرين من مارس، وأنهم سيقضون هذا اليوم عيد الأم في حزن وآلم، وسيمضون هذا اليوم داخل المنزل، ولن يستطيعوا التوجه لشراء هدية لأمهم كما كانوا معتادين.

قال "مركز أسرى فلسطين للدراسات" في تقرير له، بمناسبة عيد الأم والذي يصادف الواحد والعشرين من آذار من كل عام، إن الأم الفلسطينية تستقبل هذا اليوم الذي خصص لتكريم الأم، بمرارة وحزن فهو في حياتها شكل آخر، يترجم لحظات الألم التي تعيشها جراء فقدان زوج أو ابن أو أخ، وبدل أن يتوجه أطفال فلسطين كباقي أطفال العالم إلى محلات الهدايا لشرائها للأم في عيدها، يتوجهون إلى السجون لزيارة أمهاتهم اللواتي غيبهن الاحتلال في ظروف قاسية لا تمت إلى الإنسانية بصلة.

الأسيرات الأمهات

وأوضح الباحث رياض الأشقر المدير الإعلامي للمركز أن الاحتلال يختطف في سجونه 21 أسيرة فلسطينية، من بينهم 6 من الأمهات لديهن 30 من الأبناء في مختلف الأعمار، ومنهم من لم يتجاوز الخمس سنوات من العمر، وهن الأسيرة نوال سعيد السعدي 53 عاما من جنين، ولديها 9 من الأبناء، وهى محكومة بالسجن لمدة 20 شهرا، والأسيرة انتصار محمد الصياد(السيد) من القدس، ولديها 4 من الأبناء وهى محكومة بالسجن لمدة 30 شهرا، والأسيرة رنا جميل أبو كويك من رام الله، ولديها 4 من الأبناء، وهى محكومة بالسجن لمدة 8 أشهر، والأسيرة المسنة الحاجة رسمية محمد بلاونة 62 عاما، وهى أم لأربعة أبناء، أحدهم أسير محرر مبعد إلى غزة، ولا تزال موقوفة، والأسيرة أحلام ربحى عيسى ولديها اثنان من الأبناء، وزوجها معتقل لدى الاحتلال، وهى موقوفة، والأسيرة ريم حمارشة وهي أم ل 6 أبناء، واعتقلت مع زوجها عدنان حمارشه، ولا تزال موقوفة.

معاناة مضاعفة

وبين الأشقر أن الأسيرات يشعرن بالمرارة والقسوة كلما مر عليهن عيد من الأعياد وهن لا يزلن في سجون الاحتلال بعيداً عن الأهل والأحبة، ولكن معاناة الأمهات منهن تكون مضاعفة لافتقادهن إلى أبنائهن خلال أيام العيد، وحرمانهن من احتضان أطفالهن في هذه المناسبة السعيدة، وحرمان أبنائهن من حنان ومودة أمهاتهن في العيد، وتتلاشى فرحة الأسيرات الأمهات بالعيد مع الحزن والألم الذي يشعرن به كلما تذكرن أولادهن، وكيف يقضون أوقاتهم بعيداً عنهم، وكيف يرافق بقية الأطفال أمهاتهم إلى الأسواق لشراء ملابس العيد، والألعاب، وهم فرحون بهذا العيد، بينما أبناؤهن محرومون من هذه السعادة لغياب أمهاتهم خلف القضبان.

وتعيش الأسيرات الأمهات حالة نفسية صعبة نتيجة القلق الشديد، والتوتر والتفكير المستمر بأحوال أبنائهن وكيفية سير حياتهم بدون أمهاتهم، وخاصة أن بعضهم لا يزال صغير السن ولم يتجاوز السنوات الخمسة الأولى من عمره، وهذا القلق يزداد فى حالة اعتقال الأب.

أمهات مرضى

وأشار الأشقر إلى نصف الأسيرات الأمهات يعانين من أمراض مختلفة، ولا تتوفر لهن الرعاية الطبية الكافية حيث تتعمد إدارة السجن ممارسه سياسة الإهمال الطبي للأسيرات، وهن الأسيرة المسنة الحاجة رسمية محمد بلاونة (62) عاماً من مخيم طولكرم، وتعاني من ارتفاع في ضغط الدم، كما تعاني من مرض السكري وحالتها النفسية صعبة، وقد أجل الاحتلال محاكمتها 5 مرات، وهى معتقلة منذ 4/2/2014، والأسيرة نوال سعيد السعدي 52 عاما، من جنين وتعاني من مرض الضغط والقرحة في المعدة، نظرا لكبر سنها، ولا زالت الإدارة تماطل في تقديم العلاج المناسب لها، وهى معتقلة منذ 5/11/2012، بينما تعاني الأسيرة المقدسية انتصار الصياد، المعتقلة منذ تاريخ 22/11/2012 من أزمة صدرية ومشاكل في التنفس، بسبب الجو السائد في غرف السجن الضيقة والتي تمتلئ بالهواء غير النقي.

أوضاع صعبة

وأفاد الأشقر أن أوضاع الأسيرات صعبة للغاية حيث تتعمد إدارة السجن التضييق عليهن وإذلالهن، وخاصة باستمرار سياسة التفتيش العاري، والعزل بجانب الجنائيات مما يشكل خطورة على حياتهن، بالإضافة إلى منع عدد منهن من زيارة ذويهم بحج واهية، وتتعرض الأسيرات لحملة قمع منظمة في الشهور الأخيرة.

وكان الاحتلال قد وضع كاميرات في قسم الأسيرات لمراقبة تحركاتهن، مما يعتبر أنتهاكا للخصوصية، ولا زالت إدارة السجون تمارس سياسة اقتحام الغرف في ساعات متأخرة من الليل حيث تعبث بأغراضهن الخاصة، وتقلب محتويات الغرف رأساً على عقب بهدف التفتيش عن أشياء ممنوعة، إضافة إلى عدم السماح لهن باقتناء مكتبة داخل السجن، وحرمان الأسيرات من التعليم، وحرمان الأهل من إدخال أي مواد تتعلق بالأشغال اليدوية التي تقوم الأسيرات بإعدادها، ولا تسمح للأسيرات بإخراج الأعمال اليدوية التي قمن بإعدادها إلى الأهل خلال الزيارات.

مناشدة

وناشد مركز أسرى فلسطين المؤسسات الإنسانية، والمنظمات التي تنادي بحقوق الإنسان، والمؤسسات التي تعنى بقضايا المرآة، التدخل العاجل لوضع حد لمعاناة الأسيرات المتفاقمة، وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على الأسرى والأسيرات الذين تزداد أوضاعهم قساوة يوماً بعد يوم.

كما دعا في الوقت ذاته وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء أكثر على معاناة الأسيرات الفلسطينيات، وخاصة الأمهات والمريضات، وفضح الانتهاكات التي يتعرضن لها في سجونالاحتلال، والتي تضاعفت خلال الشهور الأخيرة.
 

التعليقات