تقرير أمنستي: إسرائيل انتهكت قوانين الحرب في غزة

-

تقرير أمنستي: إسرائيل انتهكت قوانين الحرب في غزة
في 27 ديسمبر/كانون الأول، وبينما كان عام 2008 يوشك أن يطوي صفحته، شنت الطائرات النفاثة الإسرائيلية غارات قصفت فيها قطاع غزة حيث يعيش 1.5 مليون فلسطيني، مكدسين في بقعة من أشد بقاع الأرض كثافة سكانية. وفي الأسابيع الثلاثة التالية، قُتل 1400 فلسطيني، كان من بينهم ما لا يقل عن حوالي 300 طفل، كما جُرح حوالي 5000 .

وتكررت الحالات التي انتهكت فيها إسرائيل قوانين الحرب، كان من بينها حالات العدوان المباشر على المدنيين والمباني المدنية، والهجمات التي استهدفت المقاتلين الفلسطينيين ولكنها حصدت عدداً هائلاً من القتلى والجرحى المدنيين.

وقالت إسرائيل إنها شنت تلك الهجمات حتى تمنع حركة «حماس » وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية من إطلاق الصواريخ على البلدات والقرى في جنوب إسرائيل. وفي غضون عام 2008 سقط سبعة قتلى من المدنيين الإسرائيليين نتيجة إطلاق هذه الصواريخ دون تمييز، وهي في معظمها صواريخ تُصنع في المنازل، وكذلك في الهجمات الأخرى التي شنها فلسطينيون من غزة. كما قُتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين خلال الصراع الذي استمر ثلاثة أسابيع وبدأ في 27 ديسمبر/كانون الأول.

وكان هذا الصراع المفاجئ قد أتى في أعقاب فترة امتدت 18 شهراً فرض فيها الجيش الإسرائيلي خلالها حصاراً مستمراً على سكان غزة، ومنع بشكل شبه تام انتقال البشر والبضائع إلى داخل قطاع غزة ومنه إلى الخارج، فأذكى ضرام كارثة إنسانية متفاقمة. وأدى الحصار إلى خنق الحياة الاقتصادية، وأجبر أعداداً متزايدة من الفلسطينيين على الاعتماد على المعونة الغذائية التي يقدمها المجتمع الدولي، بل إن إسرائيل منعت المصابين بأمراض عُضَالٍ من مغادرة القطاع للحصول على الرعاية الطبية التي تعجز عن تقديمها مستشفيات غزة التي تفتقر إلى الموارد والأدوية اللازمة.

وكانت هذه الجولة الأخيرة من سفك الدماء بمثابة تأكيد لاشتداد حالة انعدام الأمن في المنطقة، وعدم مراعاة القوات العسكرية لدى الجانبين لما تقضي به مبادئ القانون الإنساني الدولي من واجبات أساسية وجوهرية مثل التمييز ومراعاة التناسب في الرد. كما أكدت هذه الجولة عجز الجانبين وعجز المجتمع الدولي عن حل الصراع المرير الذي طال أمده، وإحلال السلام والعدل والأمن في المنطقة، وتمكين جميع من فيها من العيش في ظل الكرامة التي تُعتبر من حقوقهم الإنسانية.

وقد شنت القوات الإسرائيلية، في 27 ديسمبر/كانون الأول، هجوماً عسكرياً على مستوى غير مسبوق في قطاع غزة، وذلك في عملية أُطلق عليها اسم «عملية الفولاذ المصهور»، مما أدى إلى قتل كثير من المدنيين وتدمير عدد من المنازل والممتلكات المدنية الأخرى. وفي وقت سابق من العام، كان هناك تصاعد ملحوظ في أعمال قتل المدنيين وغيرهم على أيدي القوات الإسرائيلية وجماعات فلسطينية مسلحة داخل إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة قبل الاتفاق على وقف إطلاق النار في يونيو/حزيران (انظر الباب الخاص بالسلطة الفلسطينية).

وقُتل 425 فلسطينياً، بينهم نحو 70 طفلاً، خلال النصف الأول من العام. وبالإضافة إلى تدمير المنازل والممتلكات على نطاق واسع في قطاع غزة، دمرت القوات الإسرائيلية أيضاً عشرات من منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قرى البدو في جنوب إسرائيل. وعلى مدار العام، واصل الجيش الإسرائيلي فرض قيود مشددة على تنقل الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الحصار على قطاع غزة، مما أدى إلى مستوى لم يسبق له مثيل من الأزمة الإنسانية وحوَّل جميع سكان قطاع غزة، البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، إلى سجناء تقريباً.

وقد تفاقم هذا الوضع من جراء الهجوم الذي شنته القوات الإسرائيلية في 27 ديسمبر/كانون الأول. ومُنع مئات المرضى، من ذوي الحالات الطبية الخطيرة الذين يحتاجون إلى علاج لا يتوفر في المستشفيات المحلية، من الخروج من غزة، وتُوفي عدد منهم. ولم يتمكن مئات الطلاب من التوجه إلى جامعاتهم في الخارج لمنعهم من مغادرة غزة، التي لا تتوفر فيها كثير من مجالات الدراسة. وكان معظم سكان غزة يعتمدون على المعونات الدولية، ولكن الحصار الإسرائيلي أعاق هيئات الأمم المتحدة عن تقديم المساعدات والخدمات.

وفي الضفة الغربية، خضع تنقل الفلسطينيين لقيود مشددة بسبب وجود نقاط التفتيش والحواجز الإسرائيلية، البالغ عددها نحو 600، بالإضافة إلى الجدار/السور العازل الذي يواصل الجيش الإسرائيلي بناءه بطول 700 كيلومتر ويقع معظمه داخل الضفة الغربية. واستمر توسيع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية المقامة على أراض فلسطينية مصادرة، ووصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2001. وارتكب الجنود والمستوطنون الإسرائيليون انتهاكات جسيمة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك أعمال القتل غير المشروع والهجمات والاعتداءات على الممتلكات، وظلوا في معظم الحالات ينعمون بحصانة من العقاب والمساءلة. وألقت القوات الإسرائيلية القبض على مئات الفلسطينيين، وتواترت الأنباء عن حالات التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة، ومع ذلك كانت التحقيقات بشأنها نادرة. وظل قرابة ثمانية آلاف فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية، وكثيرون منهم سُجنوا بعد محاكمات عسكرية جائرة.
خلفية
استقال رئيس الوزراء إيهود أولمرت من منصبه في سبتمبر/أيلول بسبب تحقيق للشرطة فيما زُعم عن ضلوعه في قضايا فساد وتزوير، ولكنه ظل في منصبه لحين إجراء الانتخابات التشريعية المقرر أن تتم في فبراير/شباط 2009. واستمرت محادثات السلام بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، ولكن انقضى عام 2008 دون التوصل لاتفاق السلام، الذي كان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد وعد بإبرامه قبل نهاية العام، وكذلك دون تحقيق أي تقدم آخر ملموس. وعلى النقيض من ذلك، كان قطاع غزة في نهاية العام يتعرض لمستوى لم يسبق له مثيل من القصف، من الجو والبر والبحر، على أيدي القوات الإسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك، لم تف السلطات الإسرائيلية بما كانت قد تعهدت به بشأن تخفيف القيود على تنقل الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإزالة المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية التي شُيدت خلال السنوات السابقة. وفي يونيو/حزيران، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وجماعات فلسطينية مسلحة في غزة، وظل قائماً لمدة أربعة أشهر ونصف الشهر، ولكنه انهار بعدما قتلت القوات الإسرائيلية ستة مسلحين فلسطينيين في هجمات جوية وهجمات أخرى في 4 نوفمبر/تشرين الثاني.

"كان من شأن الهجوم العسكري الذي شنه الجيش الإسرائيلي في أواخر ديسمبر/كانون الأول أن يدفع بالأوضاع الإنسانية إلى حافة الكارثة."

حصار غزة وغيره من القيود التي تفاقم 
الأزمة الإنسانية
أدى استمرار الحصار العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً وإلى مشاكل في الصحة والصرف الصحي، والفقر وسوء التغذية لميلون ونصف المليون من السكان. وكان من شأن الهجوم الذي شنه الجيش الإسرائيلي في أواخر ديسمبر/كانون الأول أن يدفع بالأوضاع الإنسانية إلى حافة الكارثة. وحتى قبل بدء الهجوم، كان الاقتصاد المحلي يعاني من الشلل بسبب نقص الواردات وحظر الصادرات. وأدى النقص في معظم المواد الأساسية إلى ارتفاع الأسعار، مما جعل نحو 80 بالمئة من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الدولية. وواجهت هيئات الأمم المتحدة وغيرها من منظمات الإغاثة والمنظمات الإنسانية قيوداً إضافية، مما أعاق قدرتها على تقديم المساعدات والخدمات لسكان غزة، كما زاد من تكاليف عملياتها. وتوقفت مشاريع البناء التي تشرف عليها الأمم المتحدة، والرامية إلى توفير مساكن للعائلات التي هُدمت منازلها على أيدي الجيش الإسرائيلي خلال السنوات السابقة، وذلك بسبب نقص مواد البناء. وكان من بين الذين علقوا في غزة بسبب الحصار عدد من المرضى المصابين بأمراض خطيرة، ممن يحتاجون إلى رعاية طبية لا تتوفر في غزة، بالإضافة إلى مئات الطلاب والعاملين الذين كانوا يرغبون في السفر للخارج من أجل الدراسة أو العمل. ولم تسمح السلطات الإسرائيلية إلا لعدد قليل نسبياً بمغادرة القطاع. وتُوفي عدد من المرضى الذين مُنعوا من الخروج من غزة.

وفي الضفة الغربية، أدت نقاط التفتيش والحواجز العسكرية الإسرائيلية، البالغ عددها نحو 600، إلى تقييد حركة الفلسطينيين، وأعاقت وصولهم إلى أماكن عملهم والمنشآت التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات الضرورية. وواصل الجيش الإسرائيلي بناء جدار/سور عازل بطول 700 كيلومتر، ويقع معظمه داخل أراضي الضفة الغربية، مما أدى إلى عزل مئات الآلاف من المزارعين الفلسطينيين عن أراضيهم، حيث يتعين عليهم الحصول على تصاريح للوصول إلى أراضيهم، وهو الأمر الذي يُرفض في كثير من الأحيان.

كما مُنع الفلسطينيون من الوصول إلى مساحات شاسعة من مناطق الضفة الغربية المتاخمة للمستوطنات الإسرائيلية، التي شُيدت ولا تزال مقامة بالمخالفة للقانون الدولي، ومُنع الفلسطينيون من المرور على طرق يبلغ طولها أكثر من 300 كيلومتر، أو فُرضت عليهم قيود في المرور عليها، وهي طرق يستخدمها المستوطنون الإسرائيليون.

أعمال القتل في صفوف المدنيين الفلسطينيين العُزل

قُتل نحو 450 فلسطينياً كما أُصيب آلاف آخرون على أيدي القوات الإسرائيلية خلال هجمات جوية وهجمات أخرى، وقع معظمها خلال النصف الأول من العام في قطاع غزة. وكان نصف القتلى تقريباً من المدنيين، وبينهم حوالي 70 طفلاً. وكان الباقون من أعضاء جماعات مسلحة وقُتلوا في مواجهات مسلحة أو استُهدفوا في غارات جوية. وقُتل وأُصيب مئات المدنيين الفلسطينيين الآخرين خلال الأيام الخمسة الأخيرة من العام خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي، وسقط بعضهم نتيجة هجمات مباشرة على المدنيين أو المباني المدنية، بينما سقط آخرون في هجمات بدون تمييز وغير متناسبة.

وكان كثير من عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين، سواء خلال النصف الأول من العام أو خلال الهجوم العسكري في ديسمبر/أيلول، رداً على هجمات بدون تمييز بالصواريخ والمدفعية شنتها جماعات فلسطينية مسلحة من قطاع غزة على قرى وبلدات إسرائيلية قريبة وعلى مواقع للجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع قطاع غزة. وقُتل ستة مدنيين إسرائيليين وعدد من الجنود الإسرائيليين خلال هذه الهجمات، كما قُتل 14 من المدنيين الإسرائيليين الآخرين، وبينهم أربعة شبان تبلغ أعمارهم 17 عاماً، في عمليات إطلاق رصاص وهجمات أخرى نفذها فلسطينيون في القدس ومناطق أخرى من البلاد.

 فخلال توغل عسكري إسرائيلي في قطاع غزة، دام أربعة أيام في أواخر فبراير/شباط، قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 100 فلسطيني، كان نصفهم تقريباً من المدنيين الذين لم يشاركوا في القتال، وبينهم نحو 25 طفلاً. وكان من بين الضحايا جاكلين أبو شبك، البالغة من العمر 16 عاماً، وشقيقها إياد، البالغ من العمر 15 عاماً. وقُتل كل منهما برصاصة واحدة في الرأس على مرأى من أمهما وإخوتهما الصغار، وذلك في منزل الأسرة في شمال مدينة غزة يوم 29 فبراير/شباط. وأُطلقت الرصاصتان من منزل مواجه لمنزل الأسرة كان جنود إسرائيليون قد استولوا عليه.
 وفي 16 إبريل/نيسان، قتلت القوات الإسرائيلية 15 مدنياً فلسطينياً، بينهم 10 أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 عاماً و17 عاماً وأحد الصحفيين، في ثلاث هجمات منفصلة، كما أصابت عشرات المدنيين الآخرين، وذلك في منطقة جحر الديك في جنوب شرق قطاع غزة. ففي بداية الأمر، أطلقت دبابة إسرائيلية النار فقتلت ستة أطفال، وهم عبد الله ماهر أبو خليل، وطارق فريد أبو طاقية، وإسلام حسام العيسوي، وطلحة هاني أبو علي، وبيان سمير الخالدي، ومحمد الأعسر. ثم أطلق جنود إسرائيليون من إحدى الدبابات قذيفة على فضل شناعة، وهو مصور في وكالة رويترز للأنباء، فأردته قتيلاً بينما كان يصور الدبابة. وبعد ذلك مباشرةً، أُطلقت قذيفة أخرى من الدبابة فقتلت طفلين آخرين، وهما أحمد عارف فرج الله، وغسان خالد أبو عطيوي، كما أصابت خمسة آخرين، وتُوفي اثنان منهم بعد ثلاثة أيام، وهما أحمد عبد المجيد النجار وبلال سعد علي الدهيني.

نظام القضاء العسكري
عمليات الاعتقال

اعتقلت القوات الإسرائيلية مئات الفلسطينيين، وبينهم عشرات الأطفال، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واحتُجز كثيرون منهم بمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة. وقد أُطلق سراح معظمهم في وقت لاحق دون توجيه تهم لهم، ولكن وُجهت إلى مئات تهم أمنية وحُوكموا أمام محاكم عسكرية، لا تفي إجراءاتها في كثير من الأحيان بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وظل في السجون بحلول نهاية العام زهاء ثمانية آلاف فلسطيني ممن قُبض عليهم خلال عام 2008 أو خلال السنوات السابقة، وبينهم نحو 300 طفل و550 شخصاً ظلوا محتجزين بدون تهمة أو محاكمة بموجب أوامر اعتقال إداري، وبعضهم محتجز منذ نحو ست سنوات.
 فقد ظل رهن الاحتجاز بحلول نهاية عام 2008 كل من سلوى صلاح وسارة سيوري، وكلاهما تبلغ من العمر 16 عاماً وقبض عليهما أثناء الليل من منزليهما، في يونيو/حزيران.
 واعتقل جنود إسرائيليون محمد خواجة، البالغ من العمر 12 عاماً، من منزله في قرية نعلين في الساعة الثالثة من فجر يوم 11 سبتمبر/أيلول، وتعرض للضرب واحتُجز مع بالغين في أحد مراكز الاحتجاز التابعة للجيش حتى يوم 15 سبتمبر/أيلول، حيث أُفرج عنه بكفالة. وقد اتُهم بإلقاء حجارة على جنود إسرائيليين وأُحيل للمحاكمة أمام محكمة عسكرية.
 وظل رهن الاحتجاز بدون محاكمة عشرات من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الذين ينتمون إلى حركة «حماس» والوزراء في الحكومة الفلسطينية السابقة التي شكلتها حركة «حماس»، وذلك بعد قرابة عامين من القبض عليهم. وتحتجز السلطات الإسرائيلية هؤلاء، على ما يبدو، من أجل الضغط على حركة «حماس» لكي تفرج عن جندي إسرائيلي يحتجزه الجناح المسلح لحركة «حماس» في قطاع غزة منذ عام 2006.
وكان جميع المعتقلين الفلسطينيين تقريباً محتجزين في سجون داخل إسرائيل، مما يشكل انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي الذي يحظر نقل المعتقلين إلى أراضي قوة الاحتلال. وكان من شأن ذلك أن يجعل من الصعب عملياً، بل من المستحيل، على هؤلاء المعتقلين تلقي زيارات من الأهل.
الحرمان من زيارات الأهل
حُرم نحو 900 سجين فلسطيني من قطاع غزة من زيارات الأهل للعام الثاني. كما مُنع كثير من أهالي المعتقلين الفلسطينيين من الضفة الغربية من الحصول على تصاريح لزيارة ذويهم استناداً إلى أسباب «أمنية» غير محددة. وظل كثير من الآباء والأزواج والزوجات والأطفال ممنوعين من زيارة ذويهم المعتقلين لما يزيد عن خمس سنوات. ويُذكر أن مثل هذه القيود لا تُفرض على أي سجين إسرائيلي.

الإفراج عن سجناء

في يوليو/تموز، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن خمسة سجناء لبنانيين، كان أحدهم محتجزاً منذ عام 1979 بينما أُسر الأربعة الآخرون خلال حرب عام 2006. كما أعادت السلطات الإسرائيلية جثث 199 من اللبنانيين والفلسطينيين الذين قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية خلال السنوات السابقة مقابل جثتي جنديين إسرائيليين قُتلا على أيدي «حزب الله» في يوليو/تموز 2006. وأطلقت السلطات الإسرائيلية سراح نحو 430 معتقلاً فلسطينياً، في أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول، فيما وُصف بأنه بادرة حسن نية تجاه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة

تزايدت الأنباء عن حالات التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة على أيدي «جهاز الأمن العام» الإسرائيلي، وخاصة خلال التحقيق مع الفلسطينيين المشتبه في ضلوعهم في هجمات مسلحة أو في التخطيط لها. وكان من بين أساليب التعذيب التي وردت أنباء بشأنها التكبيل لفترات طويلة في أوضاع مؤلمة والحرمان من النوم والتهديد بإيذاء أهالي المعتقلين. وشاع ضرب المعتقلين وغير ذلك من صنوف المعاملة السيئة أثناء القبض عليهم وفي أعقابه وخلال نقلهم من موقع إلى آخر.

تصاعد العنف على أيدي المستوطنين
تزايدت بشكل ملحوظ الهجمات العنيفة التي نفذها مستوطنون إسرائيليون على الفلسطينيين وممتلكاتهم في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وذلك في الربع الأخير من العام، وخاصة خلال موسم حصاد الزيتون وأثناء محاولة الجيش الإسرائيلي إخلاء منزل استولى عليه مستوطنون في مدنية الخليل. وكثيراً ما كان المستوطنون الذين يشنون مثل هذه الهجمات مسلحين. وفي ديسمبر/كانون الأول، أطلق أحد المستوطنين النار في مدينة الخليل فأصاب اثنين من الفلسطينيين.
الإفلات من العقاب

نادراً ما كان القضاة العسكريون الإسرائيليون يأمرون بإجراء تحقيقات في ادعاءات التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة التي أوردها متهمون فلسطينيون خلال محاكمتهم أمام محاكم عسكرية، ولم يُقدم أي من ضباط «جهاز الأمن العام» الإسرائيلي إلى المحاكمة بسبب تعذيب الفلسطينيين، على حد علم منظمة العفو الدولية. وفي أكتوبر/تشرين الأول، تقدمت اثنتان من جماعات حقوق الإنسان في إسرائيل بالتماس قضائي طلبتا فيه من وزارة العدل الإسرائيلية الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بطريقة تعاملها مع الشكاوى المتعلقة بالتعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة، والتي قدمها معتقلون فلسطينيون ضد «جهاز الأمن العام».
وظل الإفلات من العقاب هو القاعدة الشائعة بالنسبة للجنود الإسرائيليين وأفراد قوات الأمن والمستوطنين الإسرائيليين الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة ضد الفلسطينيين، بما في ذلك أعمال القتل غير المشروع والاعتداءات الجسدية والاعتداءات على الممتلكات. ولم يتم سوى عدد قليل من التحقيقات في هذه الانتهاكات، وكان معظمها يُغلق بسبب «عدم كفاية الأدلة». وكانت المحاكمات بشأن هذه الانتهاكات نادرة، وعادةً ما كانت تقتصر على الحالات التي كشفتها منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام. وفي مثل هذه الحالات، كانت تهمة القتل الخطأ، وليس القتل العمد، هي التي تُوجه إلى الجنود المتهمين بقتل فلسطينيين بوجه غير مشروع، وكان الجنود والمستوطنون المدانون بانتهاكات ضد الفلسطينيين يحصلون عموماً على أحكام مخففة نسبياً.
 فقد وُجهت تهمة «السلوك غير الملائم» إلى جندي إسرائيلي أطلق النار على متظاهر فلسطيني في قدمه، بينما كان المتظاهر معصوب العينين ومكبل اليدين ومحتجزاً لدى قائد الجندي، في يوليو/تموز. ورفض المدعي العسكري، في سبتمبر/أيلول، توصية من المحكمة العليا الإسرائيلية بإضافة تهم أشد إلى التهمة الموجهة للجندي.

عمليات الإجلاء القسري وهدم منازل الفلسطينيين وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية
دمرت القوات الإسرائيلية كثيراً من منازل الفلسطينيين ومصانعهم، فضلاً عن المباني المدنية الأخرى، في قطاع غزة خلال الأيام الأولى من العملية العسكرية التي شنتها في 27 ديسمبر/كانون الأول، مما أدى إلى إزالة أحياء بكاملها. وفي الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، هدمت القوات الإسرائيلية عشرات من منازل الفلسطينيين وأجلت قسراً مئات الأشخاص وتركتهم بلا مأوى. وكانت المنازل التي استُهدفت للهدم هي تلك التي لم يحصل أصحابها على تصاريح بناء، وهي التصاريح التي ترفض السلطات بشكل مستمر منحها للفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، زادت السلطات بشكل حاد توسيع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراض فلسطينية صُودرت دون سند قانوني، وهو الأمر الذي يمثل انتهاكاً للقانون الدولي.
 ففي فبراير/شباط ومارس/آذار، هدمت القوات الإسرائيلية عدداً من المنازل وحظائر الماشية في قرية الحديدية، وهي قرية صغيرة في منطقة غور الأردن بالضفة الغربية، مما أدى إلى تشريد نحو 65 من أبناء عائلتي بشارات وبني عودة، وبينهم 45 طفلاً.
 وفي مارس/آذار، هدم الجنود الإسرائيليون منازل عدة عائلات في قرى قواويس، وإمنيزل، والديرات وأم لصفا في تلال الخليل الجنوبية. وكان من بين الذين هُدمت منازلهم ثلاثة أشقاء، وهم ياسر وجهاد محمد وإسماعيل العدرا وزوجاتهم وأبناؤهم البالغ عددهم 14 طفلاً.
 وفي قرية أم الخير القريبة، هدمت القوات الإسرائيلية منازل 45 من أبناء عائلة الحثالين، ومعظمهم أطفال، في أكتوبر/تشرين الأول.

اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون

في أغسطس/آب، أعاد الجيش الإسرائيلي قسراً عشرات اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين إلى مصر دون إتاحة الفرصة لهم للطعن في قرار إبعادهم، وبالرغم من احتمال تعرضهم لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مصر أو في بلدانهم الأصلية، ومن بينها إريتريا والصومال والسودان.

سجناء الرأي – الإسرائيليون المعترضون على الخدمة العسكرية بدافع الضمير
شهد الجزء الأخير من العام زيادة ملحوظة في عدد الإسرائيليين المعترضين على تأدية الخدمة العسكرية بدافع الضمير ممن سُجنوا بسبب رفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي أو بسبب معارضتهم للاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وقد سُجن ما لا يقل عن سبعة شبان عدة مرات لفترات قصيرة، وكان اثنان على الأقل لا يزالان رهن الاحتجاز بحلول نهاية العام. وفي نهاية الأمر صُنف معظم الآخرين بوصفهم «غير لائقين للخدمة العسكرية» وتم إعفاؤهم منها.

التعليقات