عمليات عسكرية للجيش الإسرائيلي لترميم أوضاعه النفسية والمعنوية

-

عمليات عسكرية للجيش الإسرائيلي لترميم أوضاعه النفسية والمعنوية
العمليات العسكرية النوعية المثيرة للجدل، في كل من دير الزور في سوريا، وفي رفح جنوب قطاع غزة، وفي جنين ونابلس والضفة الغربية، لتصفية قادة أذرع المقاومة، وخاصة قادة الجهاد الإسلامي وكتائب الشهيد أبوعلي مصطفى، يجب أن تأخذ جميعها على محمل الجد نظرا لأهمية تلك العمليات من ناحية تكتيكية بالغه الخطورة.

العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال شرق سوريا في منطقة دير الزور، الهدف التكتيكي منها ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد:
1- ضرب منظومة الصواريخ السورية بعيدة المدى، أرض ارض والتي تغطي معظم الأهداف داخل فلسطين المحتلة عام 48، من شمالها إلى جنوبها، ظنا أن تلك الصواريخ بعيدة المدى هي الأهم، في منظومة الصواريخ السورية.

2- إيجاد ممر آمن للوصول إلى الأراضي الإيرانية في حال قررتا كل من أميركا وإسرائيل ضرب المشروع النووي الإيراني.

3- إعادة الاعتبار لهيبة نظرية الردع الإسرائيلية، والتي تلقّت ضربة إستراتيجية في حرب تموز من العام الماضي عندما فشلت تلك القوة من تحقيق أهدافها في ردع قوة حزب الله في جنوب لبنان، والبقاع، والضاحية الجنوبية.

4- توجيه رسالة معنوية إلى الداخل الإسرائيلي، (هناك معلومات تسربت بأنه تم عملية إبرار جوي بالمروحيات الإسرائيلية على أهداف عسكرية سورية عبر إقليم كردستان القريب من الحدود العراقية السورية) بأنه قد تم ترميم قوة الردع هذه بعد أن تآكلت، وثبت عجزها في تلك الحرب أمام قوة حزب الله

5- توجيه رسالة إلى دمشق بأن تسقط خيارها العسكري ضد إسرائيل، والكف عن تزويد حزب الله بالأسلحة الإيرانية.

أما العملية النوعية التي نفذت في رفح جنوب قطاع غزة، والتي تمكنت من اسر اثنين من قادة كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة "حماس" هما القائد مهاوش القاضي، ومساعدة صقر عبد العال، من قبل مجموعة دوريات رئاسة الأركان، والتي تعتبر من خيرة اذرع قوات النخبة، في الجيش الإسرائيلي، علما أن وزير الدفاع الحالي أيهود بارك كان جنديا فيها، ثم أصبح من قيادتها لاحقا، وهو من صادق على عملية اختطاف أبو علي مصطفى الديراني، عندما كان رئيسا لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي، وله تجارب عديدة في قيادة دوريات كوماندوز على الأراضي السورية، وهو كذلك من صادق على عملية اختطاف مهاوش ومساعده عبد العال.

العملية هذه امتازت بدقة التنفيذ، وبدون ثغرات، نظرا لوجود ثغرات أمنية، فاضحة، عند كافة قادة ومجموعات المقاومة في غزة والضفة.

ومن حق أجهزة الأمن الإسرائيلية أن تفاخر بتلك العملية، وتشبهها بعملية اختطاف أبو علي مصطفى الديراني، الذي احتفظ بالطيار الإسرائيلي رون أراد في منزله لمدة طويلة، كان الهدف من عملية خطفه معرفة مصير رون أراد، وكذلك القصد من اختطاف كل من مهاوش وعبد العال وهما كانا على ما يبدو من أطقم حراسة الجندي جلعاد شاليط، لمعرفة التفاصيل عن مكان وجوده، ومعرفة نظام الحراسة والأمن في المكان الموجود فيه، تمهيدا لشن عملية نوعية (لتحريره) من آسريه، وان تعذر ذلك سيستخدمان كلا من مهاوش، وعبد العال في المساومة في عملية تبادل الأسرى، بين إسرائيل و"حماس"، مستقبلا.

الثغرات الأمنية واضحة،جليا في أمن الطرف الفلسطيني، لأن العملية نفذت في منطقة مكتظة بالسكان في رفح جنوب قطاع غزة، وان الهدف من عملية الاختطاف من قبل وحدة النخبة الإسرائيلية إيصال رسالة إلى الطرف المحتجز لجلعاد شاليط بأن عملية استمرار احتجازه في غاية الصعوبة، وان ذلك قد يكلفهم ثمنا باهظا، في حال قررت أجهزة الأمن الإسرائيلية شن عملية عسكرية، (لتحريره) ويجب العلم أن الجنرال باراك وزير الدفاع الإسرائيلي، شخصية تمتاز بالجرأة، والمغامرة، ولا يقل رئيس أركانه الجنرال جابي اشكنازي عنه، من حيث الجرأة والمغامرة.

من هنا على كل القوى الفلسطينية المؤمنة بخيار الكفاح المسلح في فلسطين، أن تراجع حساباتها، وتعمل على تقليص الفجوة الأمنية مع الجيش الإسرائيلي، والنزول تحت الأرض والإقلاع عن عمليات الاستعراض، والمقاومة غير المجدية، لأن العنصر الأمني، إن تحقق لصالح قوى المقاومة، سيكون عامل التغيير الوحيد والمجدي لصالح استمرار وفعالية المقاومة، وهذا التحول سيقود في المستقبل إلى إفشال عمليات التوغل، القتل والاعتقال لقيادات ومجموعات المقاومة، وعمليات الاستهداف من الجو لقيادات وأفراد المقاومة، ولمنع الجيش الإسرائيلي من النزول من آلياته في حال التوغل، وإن غامر هذا الجيش وحاول النزول من آلياته سيكون في دائرة خطر حقيقي من رصاص، وقنابل، وقذائف، وعبوات المقاومة.

كذلك في جنين، ونابلس ومعظم مناطق الضفة الغربية، أحرز الجيش الإسرائيلي، نجاحا هاما نتيجة عملياته النوعية المتواصلة، ولم تتمكن مجموعات المقاومة من استيعاب الدروس المتكررة، لأخطائها وخطاياها.

وخصوصا أخطائها، وخطاياها الأمنية، وتكررت مشاهد متشابهة، لتصفية، قادة ومجموعات المقاومة.

وأخيرا وليس آخرا لا احد مهتم في الساحتين العربية والفلسطينية، عمّا يكمن وراء تلك العمليات النوعية، من أهداف مستقبلية إسرائيلية، سواء في سوريا أو فلسطين.

من المنظور العسكري والسياسي، يعتبر التكتيك وسيلة لتحقيق إستراتيجية، والإستراتيجية وسيلة لتحقيق غاية، ومن لا يستوعب دروس الإستراتيجية والتكتيك عليه أن يعتزل العمل العسكري والسياسي، وكذلك من لا يستوعب الفرق بين الواقع والمنطق، عليه أن يراجع دروس القادة، ودروس الشعوب المنتصرة، رغم ضراوة العدو، وشح الإمكانيات، وصعوبة الظروف، الموضوعية، والواقعية.

الجيش الإسرائيلي يبحث عن فرصه لترميم أوضاعة النفسية، والمعنوية لتبديد النصر الإستراتيجي لحزب الله في حرب تموز من العام الماضي..
فهل سيتمكن من ذلك؟

.

التعليقات