من غزة لـ عــ48ـرب: نحاول لملمة ما تبقى من حياة لدينا في التهدئة

ما هو قائم الآن في غزة على أنه تعايش مع التهدئة المؤقتة التي تم الاتفاق عليها في القاهرة لمدة خمسة أيام، يحاول الناس فيها لملمة ما تبقى من حياة لديهم، وعيونهم إلى وقف إطلاق النار النهائي، وهم يتطلعون إلى البدء من جديد بعد كل هذا القتل والعدد الكبير من الشهداء والجرحى والمعاقين والدمار والخراب وآلاف المنازل التي دمرها الاحتلال

من غزة لـ عــ48ـرب: نحاول لملمة ما تبقى من حياة لدينا في التهدئة

قال الناشط والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم إنه لا توجد شراكة حقيقية بين فصائل المقاومة ومنظمة التحرير بالمعنى الحقيقي على أرض غزة، مع أن عددا من فصائل المقاومة مثل الجبهة الشعبية والديمقراطية أعضاء في منظمة التحرير، والشراكة القائمة بينهم هي ربما شراكة ميدانية في حدها الأدنى، وحماس تعمل في الميدان وحدها بصفتها الأكبر عددا وقوة وتسليحا، وتمتلك قدرات أكبر من كل الفصائل، حتى الشراكة بين حماس والجهاد ميدانيا هي ليست بالمستوى المطلوب أو كما يروج له، كل فصيل يعمل وحده ومن دون تنسيق حقيقي، حتى بعد أن تم تشكيل الوفد المفاوض في القاهرة، وكان هذا خطوة حقيقية على طريق الشراكة، ويجب تثمينها من أجل الاتفاق على مجمل قضايا الخلاف على المستوى الوطني والقضية الفلسطينية.

وأضاف إبراهيم، وهو ناشط فلسطيني على صعيد الحريات أيضا في حديثه لموقع "عرب 48" أن الشراكة السياسية بين فصائل منظمة التحرير وحماس والجهاد الإسلامي مرتبطة بما سيتم الاتفاق عليه في المستقبل والترتيبات المتعلقة بحكومة الوحدة، وما تم الاتفاق عليه في اتفاق الشاطئ لإنهاء الانقسام، والذي لم نشهد تقدما حقيقيا وجديا فيه، حتى ما أعلن عنه أثناء العدوان من قبل المنظمة بضرورة عقد اجتماع الإطار المؤقت لمنظمة التحرير، ولكن لا يوجد أي تقدم على هذا الصعيد.

وتابع أن العدوان أحدث وحدة ميدانية بين فئات الشعب، لكن لم يكن هناك وحدة حقيقية، خاصة فيما يتعلق بدور حكومة الوفاق وقصورها وعدم اعترافها حتى اللحظة بموظفي حكومة غزة السابقة والتي تدير الوضع في القطاع، سواء الأجهزة الأمنية والشرطية ومتابعة حال الناس، وهذا أيضا في قصور كبير وواضح من خلال ما نراه في عدم الاهتمام بالنازحين في مراكز الإيواء، وغيرها من القضايا باستثناء الوضع الأمني التي تم ضبطه من قبل حماس وحكومتها السابقة.

واعتبر ما هو قائم الآن في غزة  على أنه تعايش مع التهدئة المؤقتة التي تم الاتفاق عليها في القاهرة لمدة خمسة أيام، يحاول الناس فيها لملمة ما تبقى من حياة لديهم، وعيونهم إلى وقف إطلاق النار النهائي، وهم يتطلعون إلى البدء من جديد بعد كل هذا القتل والعدد الكبير من الشهداء والجرحى والمعاقين والدمار والخراب وآلاف المنازل التي دمرها الاحتلال.

وقال إن غزة بعد التهدئة الدائمة ستبدأ الحرب من جديد، حرب الإعمار ومحاولة العودة إلى الحياة الطبيعية، وبناء ما دمره الاحتلال وقسوة ما عانوه خلال أيام العدوان والقتل. وبحسبه فمن الصعب حتى الآن التنبؤ التنبؤ بما سيكون عليه الحال، لكن الأمل موجود في استعادة غزة لحيويتها وحياتها شبه الطبيعية، من أجل إعادة الإعمار الذي يتعلق بمدى التزام المجتمع الدولي والتزام إسرائيل بما سيتم التوصل إليه من اتفاق لرفع الحصار وما يترتب عليه من فتح المعابر ودخول مواد البناء للبدء في إعادة الإعمار.

وفيما يتعلق بأوجه التفاؤل والتشاؤم بشأن المستقبل في غزة بعد العدوان، قال الإعلامي الفلسطيني إنه على الرغم من الوحدة بين مكونات الشعب الفلسطيني، والاصطفاف خلف المقاومة، وأدائها المميز في العدوان، وقيادتها للمعركة البرية وصلابتها وصمودها، إلا أن الأوضاع لا تدعو للتفاؤل، وهناك كثير من الأخطاء التي ارتكبت، ولا تدعو للتفاؤل على مستوى العلاقات الوطنية بين الناس، وخاصة بين فتح وحماس، والسلوك الخاطئ في عدد من القضايا التي تهم الناس والخوف من استمرارها.

وأكد أن هذا يتطلب مواقف أكثر جدية في التعامل الوطني ووحدة الموقف الوطني والسياسي، وهذا مرتبط بأن يكون هناك توافق وطني، في شراكة وطنية حقيقية، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق الشاطئ لإنهاء الانقسام. وبحسبه فإنه يجب العمل على تغيير حكومة الوفاق الوطني واستبدالها بحكومة من الفصائل الفلسطينية باعتبارها الأكثر قدرة على تفهم احتياجات الناس وما تحتاجه غزة من إعادة الإعمار، وكي تمثل الكل الفلسطيني، وهذا سيكون خطوة في مواجهة المخططات الإسرائيلية التي راهنت على تهشيم حكومة الوفاق التي يجب أن تكون حكومة مكونة من الفصائل، لأنها ستكون حلا من الحلول لمشكلات غزة أفضل مما يسمى حكومة تكنوقراط وبعض الوزراء فيها لا علاقة لهم بالوطن والناس. على حد قوله.

وأضاف أنه من المبكر الحديث عن حل نهائي للصراع في ظل المعطيات الجديدة، وفي ظل الحديث عن تهدئة دائمة ووقف إطلاق نار دائم، مشيرا إلى أن ما جرى في غزة حرك كثيرا من القضايا، وأكد على ضرورة وضع القضية الفلسطينية وغزة والحصار المفروض عليها في صدارة المشهد، وهذا ما أحرج السلطة الفلسطينية العاجزة عن أي فعل سوى القيام بالمفاوضات الفاشلة، وهذا ما شجع الولايات المتحدة على التحرك مجددا، وهناك حديث عن طلب أميركي من السلطة بمعاودة المفاوضات، ويجب الحذر من هذا الموضوع والعودة للمفاوضات لإنقاذ إسرائيل من عزلتها التي تتعمق بعد العدوان وجرائمها على قطاع غزة، هناك الكثير الذي نستطيع فعله من دون العودة للمفاوضات وإحراج اسرائيل والمجتمع الدولي.

ورأى أن مطالب الفلسطينيين كانت واضحة وهي وقف العدوان ورفع الحصار، ورفع الفلسطينيين سقف توقعاتهم في غياب أي دعم سياسي عربي وانحياز دولي لإسرائيل، من جهة وعدم قناعة المجتمع الدولي برفع الحصار نهائيا، وساهم ذلك في عدم منح الفلسطينيين والمقاومة أي إنجاز سياسي بعد ما حققته المقاومة من إنجازات جيدة في المعركة. وبحسبه فإن الوفد الفلسطيني تعرض للابتزاز والمماطلة الإسرائيلية وفرض الشروط، وكان واضحا وحدة الموقف، لكن غيّب عن الفلسطينيين المعلومات الحقيقية عما يدور في المفاوضات، وكان هناك تناقض في التصريحات حول الإنجازات وما تم تحقيقه، وبعض أعضاء الوفد قالوا إنهم لم يتفقوا على أي شيء، وبعد إعلان التهدئة قالوا إنهم أنجزوا عددا من الملفات، كما تبين مدى وقوف أعضاء الوفد على حجم وكارثة الحصار، عندما قال زياد النخالة لم نكن نعلم أن موضوع حل الحصار معقد بهذا الشكل وأن جهات أخرى مشتركة بالحصار.

وقال إبراهيم إن الوفد يتعرض للابتزاز الإسرائيلي بتجزئة القضايا وترحيلها وتأجيلها، لذا تذمر أعضاء الوفد، وطالب بعضهم بضمانات دولية، بالإضافة للضمانة المصرية. وأضاف "سننتظر ما ينتج عنه الاتفاق لنحكم على قدرة الوفد الفلسطيني في إنجاز اتفاق يلبي مطالب الناس في القطاع من وقف العدوان ورفع الحصار، ومع ذلك تبقى المعركة مستمرة في النضال من أجل دحر الاحتلال ورفع الحصار كليا عن القطاع، وهذا بحاجة إلى جهد وإسناد سياسي من القيادة الفلسطينية الغائبة عن المشهد السياسي، ولم نسمع منها أي تصريحات أو حتى فعل. مطلوب من القيادة الفلسطينية القيام بجهد سياسي ودبلوماسي أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة لإسناد الوفد الفلسطيني في القاهرة، خاصة فيما يتعلق برفع الحصار الذي تفرضه إسرائيل بشراكة دولية بما فيها الأمم المتحدة العضو في الرباعية الدولية".
 

التعليقات