الغزيون يواجهون الشتاء القارس بعد الحرب

بعد ثلاثة أشهر على نهاية الحرب، ما زال نحو مئة ألف من سكان غزة بلا مأوى، فيما لم تبدأ عمليات إعادة الإعمار المرتقبة حتى الآن.

الغزيون يواجهون الشتاء القارس بعد الحرب

تحاول سعاد الظاظا (62 عاما) وابنتها الحصول على بعض الدفء في منزلهما المدمر في حي الشجاعية شرق مدينة غزة بعد مرور ثلاثة أشهر على نهاية حرب دموية شنتها إسرائيل على القطاع لخمسين يوما.

وتقول السيدة التي تجلس على سريرها الخشبي بينما تتسرب  الأمطار من السقف في ما تبقى من منزلها: 'استيقظ وأنا اشعر بالبرد. أنام على السرير خائفة من أن يتحطم وأحاول أن أغطي نفسي ببطانتين قاموا بإعطائنا إياها”. وتابعت: 'قبل الحرب، كنت سعيدة وأشعر بالأمان ومرتاحة في حياتي والآن نحن نقيم وسط هذا الدمار'.

وبعد ثلاثة أشهر على نهاية الحرب، ما زال نحو مئة ألف من سكان غزة بلا مأوى، فيما لم تبدأ عمليات إعادة الإعمار المرتقبة حتى الآن.

وفي الشجاعية أحد الأحياء الأكثر تضررا في غزة لا توجد أي علامات للبناء.

وضربت عاصفة شتوية جديدة المنطقة منذ الاثنين مما جلب المزيد من البؤس لعشرات آلاف العائلات الفلسطينية التي تقيم في مأوى مؤقتة أو في ركام منازلها المدمرة.

وتجلس ابتسام العجلة (46 عاما) على أريكة قذرة مدمرة في ما تبقى من أنقاض منزلها مع زوجها بالقرب من النار التي أصبحت المصدر الوحيد للتدفئة.

وتغطي صفائح حديدية الثقوب في الجدران فيما علقت بطانيات قذرة على أسلاك لمنح العائلة بعض الخصوصية.

وقالت ابتسام لوكالة فرانس برس: “أنا قلقة للغاية من الطقس ولكن لا يمكن أن أفعل شيئا'.

وكانت السيدة وزوجها اضطرا للهرب من المنزل في ذروة القصف الإسرائيلي وهما حافيي الأقدام، ثم اضطرا للعودة بعد انتهاء الحرب بسبب عدم امتلاكهما للمال أو لأي خيار آخر. ولا يوجد باب أمامي للمنزل ولا كهرباء ولا مياه.

وتوضح: 'وجودي هنا يذكرني بحياتي القديمة وبجيراني الذين كانوا يعيشون هنا. في السابق، كنا نجلس معا مع العائلة والاصدقاء'. وأضافت 'الآن أنا وحدي تقريبا'.

ودمر أو تضرر نحو 30 في المئة من المنازل في القطاع الفقير حيث يقيم 1,8 مليون فلسطيني.

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس الخميس في بيان حالة الطوارىء في مدينة غزة بسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة.

وقال البيان إن مئات من السكات اضطروا لترك بيوتهم مشيرة إلى وقوع اصابات.

وتوصلت الأمم المتحدة إلى اتفاق وافقت فيه إسرائيل على تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ثمانية سنوات والسماح بإدخال بعض مواد البناء الممنوعة ولكن القليل من هذه المواد دخل غزة بالفعل.

ودخلت 28 شاحنة من الأسمنت إلى قطاع غزة الثلاثاء الماضي في ثاني شحنة فقط منذ نهاية الحرب.

وأعلن مصدر دبلوماسي غربي أن آلية الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الأمم المتحدة لإيصال مواد البناء 'تأخذ وقتا أكثر من المتوقع'.

وأكد وزير الإسكان والأشغال العامة الفلسطينية في حكومة التوافق الوطني الفلسطيني مفيد الحساينة لوكالة فرانس برس أنه 'يوجد بطء في إدخال مواد البناء'، مؤكدا أن “إسرائيل تتحمل مسؤولية ذلك فلديهم المعابر والمواد الخام التي نحتاجها لإعادة الإعمار لكنها تدخل بكميات صغيرة بما يعادل 5 في المئة فقط من احتياجاتنا'.

وبحسب الحساينة فإن قطاع غزة 'يحتاج إلى سبعة آلاف طن يوميا على الأقل وإذا دخلت هذه الكمية باستمرار نتوقع أن نتمكن من إعادة إعمار قطاع خلال ثلاث سنوات'.

وفي خزاعة، قرب مدينة خانيونس جنوب القطاع التي عانت أيضا من ويلات القصف، تعيش 48 عائلة في  بيوت متنقلة تبرعت بها دولة الإمارات العربية المتحدة كمساكن طارئة.

وتوضح سوسن النجار (34 عاما): 'حصلنا على أفضل بكثير مما حصل الآخرون عليه'. ولكن الوضع ليس جيدا. ويقول زوجها فرج (43 عاما): 'هذه البيوت المتنقلة تمتص الحرارة والبرد فيصبح الجو باردا جدا في الشتاء وحارا جدا في الصيف ويغرق المنزل في كل مرة تمطر فيها'.

ويتابع: 'حسب ما نسمع في الأخبار، يبدو أننا سنبقى هنا لفترة طويلة جدا'.

وغمرت  السيول الناتجة عن الأمطار المنطقة التي وضعت فيها المساكن المؤقتة. وأغرقت السيول فتحات الصرف الصحي مما أدى إلى فيضان المياه العادمة.

وقامت الأمم المتحدة بتقديم أكياس من الرمل لمنع المزيد من الفيضانات. ويقوم محمد الحلو (62 عاما) باستخدام آلة الخياطة الصناعية التي يملكها لصنع خيام لمساعدة النازحين في تحمل فصل الشتاء. ويقول الرجل ساخرا: 'سينتهي الاحتلال قبل أن نرى إعادة الإعمار هنا'.

وأضاف أن 'اليهود أغبياء بالضغط علينا لأن ذلك سيدفعنا فقط نحو المقاومة. سيقومون بمحاولة جرنا إلى مساحة ضيقة ولكن الضغط سيولد الانفجار'.

التعليقات