25/08/2015 - 23:54

الأتراك يعقمون أيديهم والكمليك بطاقة تعريف اللاجئين وكلهم شام

حاولت أن أشرح للموظف التركي أني فلسطيني سوري، ولست سورياً، لكنه كان يردد كلمة واحدة، شام شام، في النهاية يئست، وكتب على بطاقتي أني من مواليد دمشق، من دون أي إشارة لكوني فلسطينيا

الأتراك يعقمون أيديهم والكمليك بطاقة تعريف اللاجئين وكلهم شام

يعقم الموظف التركي في مركز استقبال الضيوف يديه جيداً من عبوة كبيرة وضعت بالقرب من جهاز الكمبيوتر والكاميرا، ثم يرتدي قفازات مطاطية، ويجلس خلف المكتب في الصالة الكبيرة، قبل أن يشير إلى أحد المنتظرين الذين نجحوا في دخول القاعة بعد ساعات من الانتظار، كي يأتي إليه ويبصم إلكترونياً ثم يصوره، ليُمنح ما يعرف باللغة التركية بـ'الكمليك'، وهي بطاقة تعريف اللاجئ الجديدة، سورياً كان أم فلسطينياً في الأراضي التركية.

القانون جديد

مددت الحكومة التركية الفترة التي كانت قد أعلنت عنها سابقاً لاستصدار بطاقة الكمليك لما بعد الخامس والعشرين من هذا الشهر، بعد ما وصفته بالإقبال الكبير من 'الضيوف السوريين' على الحصول عليها. وبحسب الداخلية التركية فإن أكثر من 30 ألف بطاقة صدرت في الأيام العشرة الأولى من فتح باب التقديم في جميع الولايات التركية.

تحمل البطاقة الجديدة رقما شخصياً يبدأ بـالرقمين 98 أو 99، الرقم الجديد يعني أن من حق حامل البطاقة تلقي العناية الصحية والتعليم والمساعدات، كما يحق لحاملها حسب تعليمات وزارة العمل، تسجيل المواليد وتثبيت الزواج والطلاق والوفاة، وحق البقاء في تركيا، وفتح حساب بنكي، وتنظيم عقود الإيجار وعقود الكهرباء والماء والغاز والتلفونات، كما تعفي البطاقة من الغرامات المترتبة على من يريد مغادرة تركيا بعد الحصول على إذن السفر من الأمن التركي.

كما أتاحت إدارة المرور لأصحاب البطاقات والذين يملكون سيارات تحويل لوحاتهم السورية واستبدالها بلوحات تركية، وهي تصدر بشكل مباشر من منظمة إدارة الطوارئ والحروب التركية وتمسى'أفاد' (AFAD) رسمياً.

تسمي السطات التركية اللاجئين السوريين ضيوفا. وهذه الكلمة رددها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة، وهو أمر يراه حقوقيون، بمثابة محاولة للتهرب من حقوق اللاجئ المعترف بها دولياً، إلى مصطلح غير قانوني لا يقدم الحماية بل مجرد القيمة العاطفية للكلمة، في ذات الوقت تقول مديرية الهجرة في وزارة الداخلية إن البطاقة التعريفية الجديدة تعني أن الحكومة التركية تقدم الحماية لحامليها، ولا يحق للسطات أن تعيد أحد إلى بلاده إلا إذا وقع وثيقة خطية بذلك.

أمام المركز

منذ اليوم الأول من آب، ازدحمت المراكز التي تجازوت المئتين بسوررين يرغبون بالحصول على البطاقة. وظهر حاجز اللغة جلياً بين الموظفين الأتراك وبين اللاجئين السوريين، الذي لم يلتزموا بالتعليمات التي قالها الأتراك بلغتهم، حالات من الفوضى والتدافع والاشتباك بالأيدي أحياناً وقعت في أكثر من مركز، بالذات في غازي عنتاب بجنوب البلاد التي يسكنها أكثر من 800 ألف سوري. ووفق صحيفة الصباح التركية، فإن ستة من كل عشرة سكان في المدينة هم سوريون.

أُعطي محمد. ف، السوري الذي يبلغ 35 عاماً، موعداً للحصول على البطاقة في شباط/فبراير من عام 2016، بعد أن أتم تسليم الأوراق الرسمية المطلوبة والتي من ضمنها عقد إيجار منزل مصدق من مختار الحي الذي يسكنه. يقول محمد 'انتظرت لساعات تحت الشمس، المشكلة ليست في الأتراك بل في السوريين المنتظرين، هم يتدافعون علماً أن الدخول والخروج منظم بالأرقام، الجميع يتدافع على الباب، والموظفون يغضبهم ذلك'.

تتجمع الكثير من العلب البلاستيكية وبقايا الطعام أمام المركز، يترك المنتظرون كل ما كانوا يحملونه أو ما استهلكوه أثناء ساعات الأنتظار على الأرض. وهذا أمر آخر يزيد من غضب الموظفين الأتراك، فعدا عن الفوضى التي تربكهم، يضطرون للتعامل مع الكثير من النفايات بعد انتهاء يوم العمل في المراكز عند منتصف الليل.

التعقيم

تضاربت آراء من التقاهم عرب48 حول ارتداء الموظفين الأتراك لقفازات مطاطية، وتعقيم أيديهم أثناء التعامل مع اللاجئين في مراكز بطاقات التعريف، فمنهم من رأى الأمر مهيناً، ومنهم من وجده طبيعياً.

يقول غزوان محمود 'من الطبيعي أن يرتدوا القفازات، هم يمسكون يدك أثناء رفع بصماتك، يقلبونها كثيراً ويمسكون عشرات الأيادي في اليوم، الأمر صحي وللسلامة العامة'.

فيما اعتبرت جيهان بكرو الأمر مستفزاً لها 'استفزني القفاز كثيراً، الموظف مسك يدي، ومررها على جهاز البصمة، شعرت بإهانة كبيرة، كان من الممكن أن يخفوا سائل التعقيم عنا على الأقل'.

الجميع 'شام'

بالنسبة للفلسطينين، الذي لا يتجاوز عددهم الألف في غازي عنتاب، لم يكن من الممكن إثبات جنسيتهم على البطاقات التعريفية، فالكل سوري بالنسبة للداخلية التركية، يقول طارق. ع: حاولت أن أشرح للموظف التركي أني فلسطيني سوري، ولست سورياً، لكنه كان يردد كلمة واحدة، شام شام، في النهاية يئست، وكتب على بطاقتي أني من مواليد دمشق، من دون أي إشارة لكوني فلسطينيا'.

ذات الأمر تكرر مع رجاء. س، التي أبرزت جواز سفرها في المركز، إلا أن النتيجة كانت أن بطاقتتها لم تميز جنسيتها أبداً 'شرحت لهم أني فلسطينية، لكن ولكوني من مواليد دمشق، كان أمراً مربكاً بالنسبة لهم، كيف أكون فلسطينية وجواز سفري صادر من الحكومة السورية، وهو بذات تصميم الجواز السوري'.

العمل مقنن أيضاَ

بالتزامن مع إصدار البطاقات التعريفية، قررت وزارة العمل والتضامن الاجتماعي التركية، ألا تتعدى العمالة السورية داخل المؤسسات التركية وغيرها نسبة 10%، بغض النظر عن الأعمال الموسمية، وألا يقل الأجر عن الحد الأدنى الممنوح للمواطنين الأتراك، والذي يبلغ 864 ليرة تركية (351.6 دولاراً). وهو ما أثار مخاوف جديدة لدى السوريين من أن يفقدوا علمهم في البلاد، التي استضافتهم منذ قرابة الخمس سنوات.

التعليقات