تحريض وتضييق على مسجد السكسك في يافا

تضيق مجموعات إسرائيلية وبلدية تل أبيب في الأسابيع الأخيرة الخناق على مسجد السكسك في مدينة يافا، والذي يقع في حي الدرهلي/ العتق التاريخي، في محاولة لطمس معالمه الإسلامية والعربية.

تحريض وتضييق على مسجد السكسك في يافا

مسجد السكسك في يافا (عرب 48)

تضيق مجموعات إسرائيلية وبلدية تل أبيب في الأسابيع الأخيرة الخناق على مسجد السكسك في مدينة يافا، والذي يقع في حي الدرهلي/ العتق التاريخي، في محاولة لطمس معالمه الإسلامية والعربية.

ويعاني مسجد السكسك من التضييقات من قبل السلطات الإسرائيلية منذ النكبة في العام 1948، اذ سيطرت عليه السلطات لمدة 60 عاما في وقت مَنعت فيه الصلاة ورفع الأذان ودخول الفلسطينيين إليه، إلى أن تم تحريره من قبل عائلة السكسك وأهالي المدينة في العام 2008.

في الأسابيع الأخيرة، حاولت مجموعة إسرائيلية تضم أشخاصا يعيشون بجوار المسجد منع رفع الأذان عبر مكبرات الصوت بادعاء أنه يسبب إزعاجا وضوضاء في الحي، وقدمت عشرات الشكاوى إلى بلدية تل أبيب والشرطة الإسرائيلية بصورة ممنهجة.

وقامت الشرطة وبلدية تل أبيب يافا في الأسبوع الأخير باقتحام المسجد بعد صلاة الفجر بعد شكاوى كثيرة تلقوها من الجيران الإسرائيليين، وحاولت منع رفع الأذان، لكن المصلين وإدارة المسجد تصدوا لهم.

يواجه مسجد السكسك الذي يقع في العمق اليافي ملاحقات من ثلاث جهات هي بلدية تل أبيب التي تلاحق إدارة المسجد بالتضييق عليها في المساحات، ورفضها إصدار تراخيص لازمة لمساحة المسجد، والجيران اليهود الذين يشكلون مجموعة ضغط على البلدية والشرطة لمنع الأذان، والمستثمر الذي يملك بناية ملاصقة للمسجد ويحاول اقتطاع مساحة من المسجد.

ما هي قصة مسجد السكسك؟

يقع مسجد السكسك في حي الدرهلي/ العتق التاريخي في يافا على أرض وقف تابعة لعائلة السكسك من المدينة، إذ بُني في نهاية القرن الثامن عشر. وفي العام 1948 وخلال النكبة سيطرت المجموعات الصهيونية على يافا وضمنها مسجد السكسك، وبسبب أن المسجد كان مسجلا كأرض وقف ذري وفيه أوراق تثبت ذلك، استأجرت شركة إسرائيلية خاصة المسجد بسعر بخس دُفع لشخص يدعى محمد السكسك.

محاولة لتسريب أرض الوقف

وفي العام 1968، اختفى الشخص الذي كان يتلقى الأموال مقابل تأجير المسجد، محمد السكسك، عن الأنظار. في حينه حاولت الشركة تحويل دفعات الاستئجار إلى ما يسمى "حارس أملاك الغائبين" في محاولة لتحويل الأرض والمسجد إلى "مُلك غائب".

وفي العام 2008، قررت الشركة التي كانت تستأجر المسجد آنذاك، نقل مخازنها إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية، وفور الانتهاء من تفريغ المسجد من ممتلكاتها قامت عائلة السكسك وعدد من سكان يافا بالدخول إلى المسجد وإقامة الصلاة فيه ورفع الأذان لأول مرة بعد النكبة. حاولت السلطات إبعادهم وطردهم، ولكن بعد عرض الأوراق الثبوتية التي حصلوا عليها من الجهات المسؤولة، اثبتوا أن الأرض وقف ذري لكل عائلة السكسك التي تتواجد في يافا، ولم تتزحزح منذ ذلك الحين وأهالي يافا من المسجد، وبدأت مرحلة أخرى من الملاحقات.

تُجمع عائلة السكسك وأهالي يافا أن مسجد السكسك هو من أهم المعالم الفلسطينية التاريخية التي بقيت في يافا، بل في فلسطين التاريخية كلها، وأنه من أهم المعالم التي تثبت الوجود الفلسطيني العربي التاريخي في يافا.

وفي السياق، أكد عضو إدارة المسجد وأحد أصحاب أرض الوقف، محمد السكسك، لـ"عرب 48" أن "الملاحقات التي تتم من الجيران الإسرائيليين والبلدية والمستثمر، ليست ملاحقات على قوانين مدنية أو تخطيطية، إنما ملاحقات سياسية عرقية من أجل طمس معالم المسجد الإسلامية والعربية".

وأوضح السكسك أن "المسجد يعاني من عدم امتلاكه التراخيص اللازمة، إذ لا تزال بلدية تل أبيب ترفض منحنا ترخيصا من أجل بناء سقف إسمنتي، وفي كل فصل شتاء تتدفق المياه إلى المسجد، هذا بالإضافة للملاحقات بأوامر الهدم، تارة لجدار، وتارة لسقف، وتارة للمسجد بأكمله".

عبد القادر أبو شحادة

وأضاف أنه "نحاول أحيانا أن نتدارك الأمور من أجل حماية المسجد، ولكن محاولات الجيران الإسرائيليين الذين يشكلون مجموعة ضغط على البلدية وعلى الشرطة تتواصل ولا تكل، فهم يعترضون على كل شيء في هذا المسجد، لأنه في الحقيقة وجود المسجد يغيظهم، حتى وإن سكت الأذان لن يتوقفوا حتى هدم المسجد أو محوِ معالمه".

وختم السكسك بالقول إن "هذه الملاحقات ليست جديدة، سواء من المستثمر الذي يملك بناية ملاصقة للمسجد أو البلدية والجيران، ولكن في الفترة الأخيرة تزداد الملاحقات من قبل الجيران والمستثمر الذين اتجهوا لرفع شكاوى على المسجد في المحاكم. والأمر الآخر والمتوقع بأن الشرطة والبلدية لم يقفا في صف المحايد إنما اتخذا موقفا واضحا وهو الوقوف إلى جانب السكان الإسرائيليين والمستثمر ضد المسجد".

ومن جهته، رأى عضو بلدية تل أبيب - يافا، عبد أبو شحادة، أن "القضية هي أيضا اقتصادية، فبلدية تل أبيب تعلم أن أسعار الشقق والأراضي في منطقة المسجد في ارتفاع كبير، وأن المسجد يشكل عائقا بالنسبة لهم لارتفاع الأسعار لأن السكان الإسرائيليين لا يرغبون بالعيش إلى جوار مسجد، وهذا ما يمكنه أن يخفض سعر الشقق السكنية".

وقال أبو شحادة لـ"عرب 48" إن "البلدية قامت، في الفترة الأخيرة، بترميم الكُنس والأماكن المقدسة، من أجل دعم سكان جنوبي تل أبيب بسبب تذمرهم من الأوضاع هناك، ولكن في قضية مسجد السكسك وعلى الرغم من أنه معرف كمكان مقدس يمكنك أن ترى العداء الواضح من قبل البلدية، فهم يحاسبون المسجد على كل صغيرة وكبيرة، ويرفضون كافة الحلول المقترحة".

وشدد محمد السكسك بأنهم "لا يريدون المسجد في هذا المكان. السياق التاريخي الوطني ليافا يذكرهم باحتلالهم ويحاولون طمسه، لأن هذه المنطقة تحولت لسياحية، وارتفعت الأسعار فيها، والأمر اقتصادي وسياسي معا".

وختم السكسك بالقول إن "إدارة المسجد وأهالي يافا على فوهة من نار في هذه القضية. قضية المسجد يمكن أن تشعل المنطقة إذا استمرت الأمور على ما هي عليه. مسجد السكسك سيبقى وسندافع عنه لأنه المعلم الأخير لنا في يافا".

التعليقات