ناشطات: تمييز الشرطة بالتحقيق بجرائم قتل النساء العربيات واليهوديات جريمة

ناشطات وناشطون في المجتمع العربي: "المعطيات نعم مقلقة، لكنها ليست مفاجئة، فالتقصير في جهاز الشرطة هو أمر ممنهج ضد المجتمع العربي عامة، وتجاه النساء العربيات خاصة".

ناشطات: تمييز الشرطة بالتحقيق بجرائم قتل النساء العربيات واليهوديات جريمة

من الوقفة الاحتجاجية في وادي عارة، الخميس (عرب 48)

أثارت نتائج التقرير الصادر عن مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست عن تعامل الشرطة الإسرائيلية مع جرائم قتل النساء اليهوديات والعربيات، والذي تم إعداده الأسبوع الماضي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد النساء غضب ناشطين وناشطات من المجتمع العربي، إذ برز تمييز كبير في تعامل الشرطة الإسرائيلية مع جرائم قتل النساء اليهوديات والعربيات.

وقُتلت 13 امرأة عربية منذ مطلع العام الجاري 2022 ولغاية اليوم، وهن: رباب أبو صيام من اللد، وسمر كلاسنة من حيفا، وجوهرة خنيفس من شفاعمرو، وريما خديجة من قلنسوة، ورزان عبّاس من كفر كنّا، ورسميّة بربور من الناصرة، وسهيلة جاروشي من الرملة، ومنار الهوّاري وابنتها خضرة من اللد، وسناء نصرة من أبو سنان، وزينب الصانع من اللقية، وابتسام أبو عوّاد من عين الأسد، وفاطمة قطاوي من زيمر.

والتقى "عرب 48" بعدد من الناشطات والناشطين في المجتمع العربي، والذين أجمعوا على أن "المعطيات نعم مقلقة، لكنها ليست مفاجئة، فالتقصير في جهاز الشرطة هو أمر ممنهج ضد المجتمع العربي عامة، وتجاه النساء العربيات خاصة".

وقالت مُركّزة مركز مساعدة ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية في جمعية "نساء ضد العنف"، ليندا خوالد، لـ"عرب 48" إن "نتائج التقرير غير مفاجئة ولم تأت بجديد، ونحن في مركز مساعدة ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية في جمعية نساء ضد العنف شاهدات على تخاذل واستهتار جهازي الشرطة والقضاء في التعامل مع الجريمة التي تطال المرأة العربية والتمييز بينها وبين المرأة اليهودية حتى في الإجراءات الجنائية وإغلاق ملفات قتل النساء العربيات، ومن الملاحظ أن النساء العربيات اللواتي فقدن أرواحهن أكثر من النساء اليهوديات مقارنة مع نسبة التعداد السكاني، والنساء العربيات لا يثقن بالشرطة لأن الشرطة لا تعاملهن بشكل جدي".

ليندا خوالد

وأضافت أنه "في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2021 وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، أجرينا بالتعاون مع مركز الطفولة (لوبي النساء) بحثا أشرفت عليه المحامية شيرين بطشون، تناول جرائم قتل النساء ما بين عامي 2008 و2018 ونتائج البحث متقاربة مع تقرير مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست الإسرائيلي الذي بحث موضوع الجرائم ضد النساء بين عامي 2020 و2021، وكانت المعطيات وفق التقرير الجديد:

أولا: استكمال الخطوات القانونية اللازمة من مرحلة الاتهام إلى مرحلة الإدانة كانت 34% فيما يخص الجرائم التي راحت ضحيتها امرأة فلسطينية، بينما كانت 74% في الجرائم التي طالت نساء يهوديات.

ثانيا: قدمت لوائح اتهام بنسبة 94.30% فيما يخص جرائم العنف ضد اليهوديات، في مقابل ما نسبته 56% لدى نظيراتهن العربيات.

ثالثا: الحد الأدنى من العقوبات المفروضة على الجناة الضالعين بقتل أو التسبب بقتل النساء العربيات فقط خمس سنوات ونصف، بينما ترتفع العقوبة عندما تكون الضحية يهودية إلى 14 - 18 سنة، ولذلك فالعقوبة التي تطال قاتل المرأة العربية غير رادعة وغير كافية وسيخرج الجاني من السجن ليكمل حياته بشكل طبيعي.

رابعا: نسبة الجرائم في المجتمع العربي بشكل عام، والتي لم تقدم فيها لائحة اتهام كانت 84%، في مقابل 73% في المجتمع اليهودي، وهذه الجرائم تشمل جرائم العنف ضد المرأة".

وأكدت أن "هذه المعطيات مقلقة للغاية وتشير بشكل واضح إلى استهتار الشرطة في التعامل مع العنف ضد المرأة، وأود الإشارة إلى أنه منذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، فقط ما نسبته 22% من مجموع النساء العربيات اللواتي تعرضن للعنف قررن تقديم شكوى للشرطة، بينما آثرت ما نسبته 78% منهن، إهمال ذلك، لعدم ثقتهن بجهاز الشرطة. أيضا تشير الأبحاث لدينا إلى أن 56% من النساء اللواتي قتلن، قتلن بسلاح ناري، وهذا مرده إلى انتشار السلاح والتغاضي عنه، كما أنه وقعت منذ مطلع العام الجاري وحتى اللحظة 102 جريمة قتل في المجتمع العربي، منها 13 ضحية من النساء".

وختمت مُركّزة مركز مساعدة ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية بالقول إنه "نعمل على مدار العام وليس فقط في 25 تشرين الثاني من أجل المطالبة بحقنا في حياة كريمة، ومن المفترض أن تتكاتف جميع المؤسسات والأطر والجمعيات والأجهزة لمحاربة ومناهضة العنف ضد النساء، وعلى الرغم من أننا كمؤسسات مجتمع مدني نضطلع بمسؤولية تربية وتثقيف المجتمع لنبذ العنف، وتعليم ثقافة احترام الآخر، إلا أنه ليس من مسؤوليتنا محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وإنما يلقى العبء على أجهزة الدولة، والتي هي المسؤولة عن معاقبة مرتكبي الجريمة ومحاسبتهم ولسنا نحن".

وفي السياق، قالت رئيسة مجلس "نعمت" في الجليل المركزي، ختام واكد، لـ"عرب 48" إنه "نشهد تقاعسا وإهمالا ممنهجا من جهاز الشرطة تجاه المجتمع العربي عامة، وتجاه النساء العربيات خاصة بما في ذلك قضية العنف والجريمة المستشرية في المجتمع العربي وفي معالجة هذه الظاهرة، ونعلم تماما أن طريقة معالجة قضايا وملفات قتل النساء العربيات تختلف اختلافا كليا عن طريقة معالجتها في المجتمع اليهودي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سياسة تمييز عنصري من قبل الدولة تجاهنا كعرب، وهي في ازدياد مستمر".

ختام واكد

وطالبت واكد جهاز الشرطة والمؤسسات الحكومية بأن "تقوم بعملها بشكل كامل تجاه هذه المأساة في المجتمع العربي، وأن تتبنى برنامج عمل لتوفير حلول جذرية لدائرة العنف لا لإخماد الحرائق المشتعلة، فإن لم يلق الجناة عقابا صارما على جرائمهم فسيتمادون فيها، ويستمرون في اقتراف المزيد من الجرائم، وكمثال أطرحه قضية المغدورة وفاء عباهرة من عرابة، والتي قتلت على يد زوجها الذي لم يقتصر عنفه على زوجته وأطفاله وعائلته، بل طال الكثيرين من أبناء مجتمعه، ويبقى المسؤول الأول والأخير هو جهاز الشرطة الذي سمح بهدر دم وفاء بهذه الصورة".

ومن جانبها، قالت الناشطة النسوية، إيناس منصور، من مجد الكروم لـ"عرب 48" إن "المعطيات التي نراها تبعث فينا القلق، فمعظم ملفات جرائم قتل النساء العربيات تغلق ضد مجهول، ولا يعاقب المجرم، والقانون لا يأخذ مجراه، أما إذا ارتكبت جرائم ضد نساء يهوديات فيعرف القاتل خلال ساعات، وتعقد المحكمة خلال شهر على أبعد تقدير، والقانون يأخذ مجراه".

إيناس منصور

وشددت منصور على أنه "نعاني من سياسة تمييز عنصري كأقلية عربية في البلاد في كل مجالات الحياة، وخاصة فيما يخص جرائم القتل ضد النساء، واللواتي يمثلن الشريحة الأضعف في المجتمع العربي".

وقال المستشارة لرفع مكانة المرأة في مجلس مجد الكروم المحلي، رندة سرحان، لـ"عرب 48" إن "التقصير الذي نلاحظه متعمد وهدفه هدم ركائز المجتمع العربي، والسماح للجريمة بالانتشار خصوصا الجريمة ضد المرأة، فالمجتمعات تقوم على حضارة وتقدم ورقي النساء".

وأضافت أنه "نشهد في مجتمعنا تغييبا لقضايا المرأة وخاصة الواقعة في دائرة الخطر، جراء تقاعس وتجاهل الشرطة وتسترها على الفاعلين، وحتى عدم حماية المرأة التي تعيش تحت وطأة التهديد والخطر المحدق بها، ومع أنه بالإمكان إنقاذها قبل أن تقتل إلا أن الشرطة ومن خلال البيروقراطية والتجاهل تساهم في قتلها، وهذا مرده أيضا إلى تعامل الدولة مع المجتمع العربي كأقلية مستضعفة، وتعاملها مع المرأة المقتولة على أنها رقم ينضاف إلى عدد الضحايا مع أن قتل المرأة بحد ذاته هو قتل للمجتمع والأسرة، وهذا هو هدف الشرطة من خلال الإهمال المتعمد".

من الوقفة الاحتجاجية في وادي عارة، الخميس (عرب 48)

وقال الناشط السياسي والمحامي حسين مناع من مجد الكروم لـ"عرب 48" إن "تقرير التقصير بجهاز الشرطة متوقع ولم يأت بجديد، فحملة افتتاح مراكز الشرطة في المجتمع العربي زادت من وتيرة العنف".

وأعرب عن اعتقاده بأن "التقصير متعمد وممنهج لإخفاء الجريمة وعدم كشفها عند حدوثها في المجتمع العربي الذي يراد تركه غارقا في دمائه. وفي المقابل نجد أن أي جريمة تحدث في المجتمع اليهودي تكشف دوافعها وحيثياتها وفاعلها خلال 24 - 72 ساعة على أبعد تقدير، وتبدأ محاكمة الجاني".

حسين مناع

وختم مناع بالقول إن "الشرطة تقوم على الرغم من تقصيرها الواضح والمتعمد بإلقاء اللوم على المجتمع العربي وتتهمه بعدم التعاون معها، بل تطلب منا إدارة التحقيقات وكشف اسم الجاني، مع أن هذا الأمر من اختصاص الشرطة التي تملك جميع الأدوات اللازمة ولديها الكوادر المؤهلة والدراية والمعرفة المطلوبة والقدرة على كشف الجريمة لو أرادت ذلك، ولكن هنا يكمن السر في أنها لا تريد فعلا الوصول إلى الحقيقة".

التعليقات