هل يُفتح ملف شهيد هبة الكرامة موسى حسونة من اللد؟

ملف قتل الشهيد موسى حسونة (31 عاما) من مدينة اللد، والذي استُشهد يوم 10 أيار/ مايو 2021، تحول من النيابة العامة إلى مكتب المستشارة القضائية التي ستصدر قرارها حتّى موعد أقصاه 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

هل يُفتح ملف شهيد هبة الكرامة موسى حسونة من اللد؟

والد الشهيد يرفع صورة ابنه بوقفة احتجاجية باللد، الأحد الماضي (عرب 48)

تنتظر عائلة الشهيد موسى حسونة (31 عاما) من مدينة اللد، والذي استُشهد يوم 10 أيار/ مايو 2021، بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل مستوطن في مدينة اللد خلال أحداث هبة الكرامة التي انطلقت شرارتها تزامنا مع العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والقدس والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح ودس عصابات الإرهاب الاستيطانية لضرب المواطنين العرب في أراضي 48، صدور قرار المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، في طلب الاستئناف الذي قدمه مركز "عدالة" لفتح ملف قتلة الشّهيد موسى حسّونة من اللد.

وقبل نحو شهر، وعقب تأجيلات متتالية امتدت لعامٍ ونصف على طلب الاستئناف، وبعد رفع شكوى للمستشارة القضائية للحكومة، تلقى مركز عدالة ردًّا من قسم الاستئنافات في مكتب النيابة العامة مفاده أنه تم إحالة قرار الاستئناف للمستشارة القضائية للحكومة للبت فيه.

وجاء في الردّ أنه سيُنظر في طلب الاستئناف بمكتب المستشارة القضائية للحكومة وإبلاغ مركز عدالة بالقرار حتّى موعد أقصاه 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ومما يذكر أن طلب الاستئناف لإعادة فتح ملفّ قتل الشهيد حسّونة قُدّم، يوم 30 نيسان/ أبريل 2022، ومنذ ذلك الحين تمّ تأجيل الردّ عدّة مرّات بحجّة تراكم العمل؛ إلى أن أبرق مركز عدالة، يوم 17 تموز/ يوليو 2023، رسالة شكوى للمستشارة القضائية للحكومة على المماطلة والتأجيل في بتّ القرار من قبل قسم الاستئنافات في مكتب النيابة العامة، تبعها رسالة تذكير يوم 1 آب/ أغسطس 2023.

ومن أبرز الإخفاقات التي جاءت في الملف وتم الكشف عنها في التماس عدالة هو أنه بشكل كلي، ذريعة الدفاع عن النفس التي أغلق الملف على غرارها ضد المشتبه بهم، تم تفنيدها، إذ قال عدالة في بيانه آنذاك إنه "تواجد المستوطنون (بينهم القاتل) في ساحة الجريمة بعد دعوات تمت عبر مجموعات (واتس آب)، وذلك بهدف إقامة مسيرة أعلام إسرائيلية احتفالا بما يسمى (يوم القدس)، واتفقوا في ما بينهم على رفع الأعلام الإسرائيلية بهدف استفزاز العرب بمحاذاة دوار الزهور، وهو منطقة احتكاك تفصل بين السكان العرب والمستوطنين الذين كان قسم منهم مسلحا، ومترقبين إمكانية الاحتكاك مع المواطنين العرب".

مشاركون في الوقفة الاحتجاجية باللد، أول من أمس ("عرب 48")

وقالت المحامية ناريمان شحادة زعبي من "عدالة" في حديث لـ"عرب 48" إنه "في حال قررت المستشارة القضائية عدم فتح الملف مرة أخرى، سيتم دراسة إمكانية التوجه إلى المحكمة العليا، لكي تتدخل في القرار".

ضغط وتصعيد

وقال مالك حسونة، والد الشهيد موسى حسونة، في حديث لـ"عرب 48" إنه "نريد أن يفتح الملف وأن يصدر قرار لمحاسبة المجرم. نحن سنستمر بالضغط الجماهيري حتى نرى ماذا ستقرر المستشارة القضائية، وندرس إمكانات التصعيد".

وأضاف حسونة أن "ابني موسى هو شهيد الأقصى، ولذلك مطلوب من أهالي اللد خصوصا وأبناء المجتمع العربي عموما أن يقفوا معنا في هذا الملف. موسى قُتل بدم بارد على أيدي هؤلاء القتلة الذين قتلوه لأنه عربي، اليوم موسى، غدا سيكون أي شخص آخر منا".

وأشار والد الشهيد إلى أن "البلدية كانت شريكة بتشويش إجراءات التحقيق، لماذا أخفت كاميرات المراقبة من المكان الذي وقعت فيه الجريمة؟ إضافة إلى أن رئيس البلدية هو من جاء بهذه الميليشيا المسلحة إلى اللد كي تعيث الفساد فيها، والأجهزة الحكومية كانت متواطئة مع هذه الميليشيا".

بين برقة واللد

يربط السياسيون والحقوقيون في المجتمع العربي بين تصاعد "الإرهاب اليهودي" وبين "صعود اليمين إلى سدة الحكم"، فقد رُصد منذ العام 2021 بعد أحداث هبة الكرامة ارتفاع في اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وكان من أبرزها استشهاد الشاب قصي جمال معطان برصاص مستوطن، وجرى في نهاية المطاف تسريح المشتبه بالقتل يحيئيل إيندور، حيث قالت القاضية تمار بار آشر في المحكمة المركزية إن "الأدلة التي تم جمعها حتى الآن لا تؤسس لاشتباه معقول بضلوعه في القتل".

المطالبة بمقاضاة قاتل الشهيد موسى حسونة

وقال المحامي خالد زبارقة لـ"عرب 48" إن "تدخل جهات سياسية في مجريات القانون منح المستوطنين الجرأة لاستمرار جرائمهم".

وأضاف أن "أي دولة تحترم سلطة القانون لا تسمح للسياسيين بالتدخل في مجريات القانون، ولكن ما حصل في ملف حسونة، هو أن المستوى السياسي أصبح فوق القانون حين تدخل، وبطبيعة الحال هذا ينشر ويشجع على الإرهاب اليهودي ضد العرب، وممارسة القتل، وهذا ما رأيناه في عدة ملفات ومناسبات كان آخرها في حوارة وبرقة بعد تسريح المشتبهين بالقتل".

وأوضح زبارقة، وهو رئيس اللجنة الشعبية في اللد، أن "خلفية التحقيق في الملف واضحة، هناك مسلح يهودي قام بقتل عربي وأصاب آخرين، لذلك لم يكن أية تحقيق بهذا الملف، هذه جريمة مكتملة الأركان، وتم إيقاف التحقيق بسبب تدخل مباشر من قبل جهات سياسية لتبرئة المجرمين".

رئيس اللجنة الشعبية باللد، المحامي خالد زبارقة (عرب 48)

وختم الحقوقي زبارقة بالقول إنه "لا يعقل التعامل بمكيالين من قبل المحكمة، مكيال متساهل مع اليهود، وملاحقة على كل صغيرة مع المواطنين العرب. على الجانب القانوني أُجزم أن هذا الملف يجب أن يفتح، ولكن الشكوك لدي هو من التدخلات السياسية، وهي اعتبارات فصل عنصري وليست مهنية".

غياب التفاؤل

وأوضحت المحامية ناريمان شحادة زعبي من مركز عدالة لـ"عرب 48" إن "تدخل عدالة جاء بعد توجه عائلة الشهيد بأن الشرطة لا تتجاوب معها في الملف، وأنها كعائلة تشعر بوجود أمور مريبة. الملف بشكل رسمي لم يغلق، ولكن أُغلق ضد المشتبهين الخمسة بالقتل الذين اعتقلوا على خلفية الجريمة، أي بطريقة التفافية تم إغلاق الملف".

وأوضحت شحادة زعبي أنه "قدمنا استئنافنا على إغلاق الملفات ضد المشتبه بهم، ومنذ ذلك الحين الملف مجمّد ولا نعلم عن أي تطورات جديدة. التطور الوحيد طرأ في الفترة الأخيرة، بعد توجهنا للمستشارة القضائية بشكوى على مماطلة النيابة العامة، كي تعطي القرار بفتح الملف مرة أخرى للتداول، الملف تحول من النيابة العامة إلى مكتب المستشارة القضائية التي ستصدر قرارها حتّى موعد أقصاه 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2023".

المحامية ناريمان شحادة زعبي من مركز عدالة

وأشارت محامية عدالة إلى أنه "هناك شكوك في جدية التعامل بالملف، هذا الملف ملطخ باعتبارات سياسية خارجية، توقعنا أن هذه الاعتبارات ستستمر وأكبر دليل على ذلك الوقت الطويل الذي مكثف فيه الملف دون اتخاذ قرار، إضافة إلى المماطلة التي تبين عدم جدية في التحقيق".

ورات زعبي أنه "بحسب مواد التحقيق الموجودة كان بالإمكان تقديم لوائح اتهام ضد المشتبه بهم وتقديمهم إلى القضاء، إذ أنه بعد دراسة وقراءة مواد التحقيق في الملف، رأينا أن هناك أدلة كافية لتقديم لوائح اتهام ومحاكمة القاتل ومن ساعده، لأنه خلال التحقيق في الشرطة استند على جزئية الدفاع عن النفس، عند دراسة الملف تبين أن كل الأدلة لا تثبت ادعاء القاتل بأنه أطلق النار من منطلق الدفاع عن النفس، لا توجد أدلة تثبت هذا الادعاء، الأدلة المتوفرة تؤكد عكس ذلك، وحتى لو كان بالفعل عمل من منطلق الدفاع عن النفس، كان من الواجب أن يقدم روايته في المحكمة وهي من تقرر تصديق الرواية أو لا، وليس الشرطة والنيابة العامة".

التعليقات