في ظل الحرب: التعليم عن بُعد لا يُعوّض عن التواصل الإنساني المباشر

قال المستشار التربوي، إيهاب قدح من كفر مندا، إن "التطور الرقمي لا يمكن أن يحل مكان التواصل الإنساني المباشر، هذا علاوة عن أن معظم الطلاب لا يفتحون كاميرات أصلا".

في ظل الحرب: التعليم عن بُعد لا يُعوّض عن التواصل الإنساني المباشر

التعليم عن بعد للطلاب العرب بالمرحلة الابتدائية (أرشيف "عرب 48")

يواصل معظم الطلاب العرب التعلم عن بُعد في ظل الحرب على قطاع غزة، والتوتر السائد على الحدود الشمالية.

هذه الأجواء لا تتيح سير حياة طبيعية، إذ يضطر الطلاب للابتعاد عن مدارسهم والتعلم عن بعد في ظروف صعبة تذكرهم بجائحة كورونا قبل أعوام عدة.

المستشار التربوي إيهاب قدح

يقول المستشار التربوي، إيهاب قدح من كفر مندا، في حديثه لـ"عرب 48" حول التعليم عن بعد، إنه "قبل أن نتحدث عن جدوى نظام التعليم عن بعد والمعيقات التي يواجهها التعليم عن بعد، أولا نوصي الأهل بعدم الإكثار من متابعة الأخبار أمام الأطفال، فالمشاهد مؤذية جدا لنا نحن الكبار فما بالك الأطفال الصغار. من الواضح أن وزارة التربية والتعليم لم تجهز بعد للتحول للتعليم عن بعد، حتى التحول من تطبيق (زوم) إلى تطبيق (ميت) التابع لجوجل محفوف بصعوبات لأنه مبني أصلا كي يخدم طلاب جامعيين أكثر من قدرته على الملاءمة لطلاب المدارس، وخلافا لأزمة كورونا التي تواجد فيها الأهل أيضا في البيوت، فإن الأهل ليس بالضرورة أن يبقوا في البيت خلال هذه الحرب، عدا عن أنها حرب تحمل معها أزمة نفسية، وهذه الأزمة تتطلب بأن يتحدث الأطفال والأهل مع المستشارين ومع المعلمين وغيرهم، وهذا ليس ممكنا عبر التطبيقات الرقمية، فهناك فجوة كبيرة بين ما تأمل وزارة التربية والتعليم بأن يكون الطلاب فيه وبين أين هم فعليا اليوم. النقطة الثانية، هناك صعوبات في تواجد الطلاب بالحصص في التعليم عن بعد وهؤلاء من الصعب حصرهم، في التعليم الوجاهي يمكن معرفة الطلاب المتسربين من المدرسة، ولكن الطلاب في التطبيقات لا يمكن معرفة مكان تواجدهم، والتقديرات تشير إلى أن 30% من الطلاب لا يحضرون الحصص عن بعد، وهي عقبة جديدة وإضافية.

"عرب 48": كيف قيمت تجربة التعليم عن بعد في فترة كورونا؟

قدح: التقييم سيئ للغاية، المدارس واجهت فجوات كبيرة جدا بين ما اعتادت المدارس على مواجهته وما بعد فترة كورونا، وهذا انعكس في مختلف المستويات بدءا من مهارة القراءة والكتابة وحتى المستويات الأعلى في المواضيع الأدبية خاصة، أو ما تسمى المواضيع التي تعتمد على الكتابة والدراسة، ظهرت أيضا فجوات في قدرات العضلات الدقيقة، ولدى العودة إلى التعليم الوجاهي كانت الفجوات واضحة بين الطلاب أنفسهم وبين طلاب فترة كورونا ومن سبقوهم، مثلا في الانتقال من صف إلى آخر، أو من مرحلة ابتدائي إلى مرحلة إعدادي وغيرها.

"عرب 48": هل الكوادر المهنية جاهزة لهذا التغيير؟

قدح: بالتأكيد لا، خاصة في الوزارة ذاتها. نحن نتحدث عن موظفين كبار بالعادة فوق سن الخمسين عاما، وهؤلاء من الطبيعي أن يواجهوا صعوبات رقمية لمتابعة التفاصيل الدقيقة في هذا العالم، ولا أعرف كيف سيتمكن هؤلاء من تمرير التوجيهات من خلال العالم الرقمي، وبدورهم سيمرر المعلمون توصيات التفتيش المهني. هناك صعوبات لا شك في ذلك، بل إن عدم جهوزية الكوادر سبب رئيسي لعدم جهوزية الطلاب وقدرتهم على استيعاب ذلك.

"عرب 48": ماذا عن الإطار العاطفي والنفسي الضروري جدا للطلاب في فترة الحرب، هل هناك قدرة للتغلب على هذه التحديات؟

قدح: شخصيا حاولت ذلك من خلال ورشات مع الطلاب، من الصعب على الإنسان المهني اكتشاف الضائقة التي يعاني منها طالب من خلال العالم الرقمي، أصلا من الصعب فتح حوار عام، والإمكانية بأن تستعين بالدردشة الكتابية وهذا لا يساعد المهنيين على اكتشاف أزمة نفسية أو مخاوف لدى طلاب ومواجهتها. تكنولوجيا الغرف الدراسية الرقمية ليست مهيئة لعمل ورشة يعبّر فيها كل طالب عن شعوره، والتقنية تتيح تمرير مواد أكثر منها قدرة تفاعلية وهذا لا ينساب مع طلاب بهذه الأجيال. التطور الرقمي لا يمكن أن يحل مكان التواصل الإنساني المباشر، هذا علاوة عن أن معظم الطلاب لا يفتحون كاميرات أصلا.

"عرب 48": هل هناك ما يمكن أن توصي الطلاب والأهل به؟

قدح: هذه البلاد كُتبت عليها ظروف غير اعتيادية، لذا رسالتي للأهل، والكوادر، بأن ينتبهوا جيدا لأن الدور الأكبر ملقى على عاتق الأهل، بل إن دوركم مفصلي وهام، يجب أن يكون حوار مع الأبناء، وتقديم الدعم العاطفي للأبناء، وإشعار الأبناء بأنكم إلى جانبهم ولن تتركوهم أبدا، وهذا هو العامل الأساسي والأول لمواجهة الضائقة النفسية ومخاوف الأبناء، لأن عمل الطواقم التعليمية محدود للغاية، في ظل التعليم عن بعد.

التعليقات