31/10/2010 - 11:02

لا تعتذر عما فعلت يا توفيق../ شوقيه عروق منصور

لا تعتذر عما فعلت يا توفيق../ شوقيه عروق منصور
لم يبقَ أمام المواطنين العرب في مدينة عكا إلا أن يحملوا السائق (الشرارة) توفيق الجمل ويرمونه في بحر عكا المتسامح الذي نسيه التاريخ ودخل قفص التدجين وأوقف موجاته على موجة الحزن والغربة.

يجب أن يرموا توفيق الجمل لخطيئته الكبرى التي ارتكبها بحق ليلة الغفران، تلك الليلة التي يمحو فيها الله سبحانه وتعالى الخطايا، لكن خطيئة توفيق لا تغتفر فهو حرق عشب التعايش الأخضر الذي كان عنواناً لحضن دافئ يموج بالود والمحبة والجيرة الحسنة.
لقد شوه " توفيق " الوجه الحضاري لحكاية شعبين أشبه بقصة إبريق الزيت.

توفيق جمل رميك في البحر لن يشفي الغليل، حتى صلبك أيضا لن يشفي الغليل ولو قطعناك إربا إربا ووزعنا قطعك في كل أنحاء البلاد، وبالطبع لن تجد من يحاول جمعك مثلما حاولت الفرعونية ايزيس جمع أشلاء حبيبها أوزوريس الذي قام الأعداء بتقطيع جسده ورميها في كل أنحاء مصر حتى لا يعود إلى الحياة...

قد تقترح على الذين وضعوك على رأس قائمة المارقين الذين يسيئون للعلاقات العربية اليهودية أن يخففوا الحكم بأن يلبسونك قميص المجانين ويزجوا بك في مستشفى للأمراض العقلية، لأنك تجرأت وغزوت ليلة الغفران، كسرت دائرة القدسية، الله يرحمك يا " يوسف وهبه " الفنان المصري الذي كان ينطق عبارة ( يا للهول ) بطريقة تطوي اللغة في غبار اللعنة وكأنه يقف على مسرح إغريقي..

ونحن نقول ( يا للهول ) يا توفيق هكذا تسحب اليمين المتطرف، الأهوج من الجحور إلى الشوارع والطرقات... لا.. الجحور كانت مفتوحة على الملأ والتعايش كذبه وحاضر بحاجه إلى فرز.. الأيام والليالي وهواجس الخوف
وحرق البيوت والتكسير والضرب وحالات الهلع ونداءات الاستغاثة التي يعيشها سكان عكا العرب هذه الأيام ليست إلا صورة واقعية، بانورامية لوضع أصبح مثل موس الحلاقة فوق العنق العربي...

توفيق جمل اعتذر واعتذر وأكد أنه مستعد أن يضحي بحياته من أجل "التعايش" لكن اعتذاره لم يجد الصدى، بل بقي متهماً واعتقل، مع أنه لا يوجد قانون يمنع قيادة السيارة في ليلة الغفران.. كنا نود يا توفيق أن لا تعتذر عما فعلت، لأنك لم تعمل شيئاً بل عليهم هم الاعتذار لنا..

ألا يكفي أنهم أوصلونا إلى درجة الغرباء في وطننا.. هناك مثل عربي يقول ( مش عرمانة على قلوب مليانة ) المسألة ليست مسألة اختراق ليلة الغفران المقدسة.. المسألة هي الوجود العربي الذي يشكل صخره على صدر المجتمع اليهودي..

ورغم ذلك نمد أجسادنا جسوراً للتعايش ونقبل أن نكون المخطئين ونعتذر ونبوس اللحى!!
فقط الأقدار تعرف أين سيكون البوغروم القادم..

التعليقات