31/10/2010 - 11:02

الوطن يضيع منا!../ ندى الحايك خزمو*

الوطن يضيع منا!../ ندى الحايك خزمو*
حجارة شطرنج.. هكذا أصبحنا.. يلعبون بنا كما يشاءون.. يرفعوننا من هنا ليضعوننا هناك.. ينقلوننا من هذا المربع لنوضع في ذاك.. يتبارى اللاعبون علينا.. من سيفوز ومن سيخسر.. من سيحقق النجاح ومن سيفشل.. لعبة لا أكثر هكذا أصبحنا.. ومن جعلنا نصل الى هذه المرحلة ؟!! وكيف وصلنا إليها؟!! إنها نحن وللأسف.. فنحن السبب!!

انقسامات وخلافات.. أضعفت جسدنا الفلسطيني وحولته إلى كومة من الأعضاء المترهلة التعبة التي لا تستطيع القيام بوظائفها تجاه الجسد.. أنهكتنا هذه الخلافات والانقسامات إلى درجة بتنا فيها مصدر استهزاء واستهتار العالم بأجمعه، بعد أن كان أصغر طفل في فلسطين يلقى الاحترام ويقف العالم بأجمعه أمام عظمته إجلالا وإكبارا..

محاولات من هنا وهناك جرت.. من هذا الزعيم أو ذاك.. من هذه الدولة أو تلك.. لحل خلافاتنا وانقساماتنا.. وحتى لمجرد الحوار.. فحتى الحوار بات عصياً معصياً فكيف بالتالي الاتفاق على حل أو حتى على مشروع حل.. وان اتفقنا وجلسنا مع بعضنا البعض... "نكشة" صغيرة ونولعها ناراً حارقة قاتلة تأكل الأخضر واليابس.. فما دمنا وصلنا إلى مرحلة لا نستطيع بها أن نحل خلافاتنا بأنفسنا، وارتضينا أن يتدخل الآخرون بنا، بل ولجأنا لهم لإيجاد حل للمعضلة التي تواجه شعبنا، فإننا بذلك أصبحنا مثل الزوج والزوجة الذين يختلفون فيما بينهم وبدلاً من حل خلافاتهم بنفسهم يلجأون إلى هذا وذاك مما يزيد المشكلة تعقيداً وصعوبة فتتطور الأمور إلى أن تصل إلى درجة الطلاق من غير رجعة ولا عودة... وهكذا سيكون عليه حالنا لو استمرينا على هذا المنوال.. وإذا لم نسارع إلى حل خلافاتنا بنفسنا فسنصل إلى مرحلة اللاعودة فيما بيننا، وسنصبح بدل الشعب الواحد مجرد قبائل تتبع كل واحدة منها إما لفتح أو حماس أو.....!!! وبذلك ستكون نهايتنا.. نعم ستكون نهاية هذا الشعب الذي ناضل وضحى وقدم الغالي والنفيس في سبيل أن يحقق الكرامة والحرية والاستقلال، وبدلاً من ذلك فقد شطبنا جميع تضحياته بجرة قلم وبمنصب ومركز و...

الانقسامات والخلافات باتت محور حياتنا.. باتت الشيء الوحيد الذي نفكر فيه، فنسينا وتناسينا المهم وحتى الأهم.. نسينا الوطن ونسينا الأرض ونسينا الكرامة في سبيل أن نحافظ على القيادة والزعامة و... مقعد في التشريعي أو منصب معالي الوزير أو مستشار أو...

نعم نسينا كل شيء إلا خلافاتنا، وللأسف أصبح الواحد منا يتحين الفرصة لنشر الغسيل الوسخ للآخر، وامتلأت المواقع والمنابر الإعلامية بحملات التحريض كل على الآخر وباستخدام أقذر الكلمات وأفظع الصفات وأسوئها.. وأصبحت الخيانة هي الصفة للمعارض لهذا أو ذاك...

نسينا كل شيء إلا خلافاتنا، فلم نعد نبالي بالمؤامرات التي تحاك ضد شعبنا وضد أرضنا ووطننا ولم يعد هذا المهم فهناك بنظرنا الأهم.. من سيمسك بزمام الأمور.. ومن سيكون السلطة الحاكمة.. وسنظل كذلك إلى أن نصحو في أحد الأيام لنجد بأن لا وطن هناك حتى نحكمه، ولا حتى قطعة أرض تحت سيطرتنا بل سنُجرف كالوحل ونُلقى بالخارج.. فهذا ما سيكون عليه مصيرنا لو استمرينا في خلافاتنا واختلافاتنا وانقساماتنا..

وأسماء بتنا نسمعها.. وزارة الحكومة المقالة أو وزارة الحكومة الشرعية و... هذه تتخذ القرارات والأخرى تنقضها.. هذه تعين فلاناً وتلك تعزله من منصبه.. هذه تدعو إلى إضراب والأخرى تتهدد وتتوعد من يقوم بالإضراب.. والشعب في حيرة من أمره، لا يعرف ماذا يفعل أو كيف يتصرف.. كيف يُرضي هذا أو يرضي ذاك حتى يحافظ على وجوده وعلى مصدر رزقه الذي أصبح الأداة التي يُهدد بها لإجباره على تأييد هذا الفصيل أو ذاك.. وقد وصل الحال بأحدهم – والحبل على الجرار - إلى أن يطلق زوجته لأنها لم تلتزم بالإضراب خوفاً على عملها ومصدر رزقها.. وهو يريدها أن تلتزم بالإضراب أيضاً خوفاً على عملها ومصدر رزقها.. وضع صعب بل مستحيل هو ما وصلنا إليه وبخاصة في قطاع غزة التي باتت مثل الشحم على النار..

فما بين رام الله وغزة ضاعت الطاسة وسيضيع الشعب، ويضيع الوطن.. وطننا الذي هو بأمس الحاجة لنا وفي أن نكون موحدين متحدين على الحلوة والمُرّة.. الوطن الذي يريد أبناء أقوياء لا حجارة شطرنج.. ولا أوراق في مهب الريح تأخذها إلى أين شاءت من غير أن تدري ماذا سيكون عليه مصيرها ومصير شعبها..

فخسارة وألف خسارة على ما آلت إليه أوضاعنا وما أصبحنا عليه.. واأسفاه على حالنا وأحوالنا !! واحسرتاه على كل ما ضحاه هذا الشعب الذي اعتقل من اعتقل منه واستشهد من استشهد منه وشرد من شرد منه في سبيل كرامتنا التي دسنا عليها بأرجلنا قبل أن يدوس عليها الاحتلال ببساطيره..

مرة أخرى يا إخوتنا فالوطن يضيع منا، ونحن نتلهى بلعبة ألقوها لنا وضحكوا بها علينا.. لعبة سموها سلطة وطنية.. وقد راهنوا على اختلافنا ليظهروا للعالم بأننا لا نستحق دولة لأننا لسنا على مستوى المسؤولية فحققنا لهم ما راهنوا عليه.. فاقتتلنا واختلفنا عليها وما بين الشد والجذب تمزقت اللعبة وتفتت تماما كما نفعل الآن بوطننا.. فرحمة بأبناء شعبنا يا قادتنا... إن كنتم من حماس أو فتح.. ماذا تفعلون بنا والى أين ستوصلوننا بخلافاتكم.. نريد أن نخرج من المتاهة التي وضعتمونا بها، بل وضعتم أنفسكم بها.. نريد أن نخرج ونتوحد مرة أخرى ونعود إلى سابق عهدنا.. إلى أيام الانتفاضة الأولى وانتفاضة الأقصى و.. تلك الأيام التي شهدت وحدتنا واتحادنا.. الأيام التي كنا بها مرفوعي الرأس والهامات.. التي كنا بها نحافظ على كرامتنا وعلى كياننا رغم الآلام والعذابات التي مررنا بها..

عودوا إلى الصواب يا قادتنا وكفاكم إذلالا لشعبنا.. لقد انتهى وقت اللعب وجاء دور الجد.. لعبتم بما فيه الكفاية بمصير هذا الشعب وبمصير هذا الوطن.. فما نفع المنصب والمركز والسلطة إذا لم تكن على شعب وعلى أرض ووطن.. لأنكم إذا استمريتم بهذا الأسلوب وبهذه الخلافات فلن تجدوا - كما سبق وقلت - وطننا تحكمونه ولا حتى قطعة أرض تقولون أنها ملكنا.. فنهايتنا ستكون إما القبول بالاحتلال كأمر واقع أو تهجير آخر، وحينها لن تجدوا من يحترمكم في أي بلد في العالم لأنكم لم تتعلموا ولم تستفيدوا من الدروس والعبر.. لأنكم كنتم اليد التي أوصلت شعبنا إلى هذا المصير وبئس المصير سيكون..

فيا قادة حماس وفتح.. عودوا للشعب ودعوا الشعب يقول كلمته، فهو الوحيد الذي بمقدوره أن يحل خلافاتكم وليس أية دولة أخرى أو أية وساطة عربية أو أجنبية.. وإلا فالعار كل العار على كل فرد مهما كان منصبه ومهما كانت سلطته إذا سمح ببقاء الوضع على ما هو عليه الآن.. لأنه بذلك سيقود الشعب إلى الدمار والوطن إلى الفناء..

التعليقات