31/10/2010 - 11:02

أولمرت والسقوط المتنكر بالفساد../ فيصل جلول

أولمرت والسقوط المتنكر بالفساد../ فيصل جلول
هل اطاح الفساد بـ”ايهود اولمرت” كما تفيد وسائل الاعلام الصهيونية والعالمية؟ نعم إذا ما اردنا التسليم بالوقائع المنشورة. ولا اذا عدنا الى ظروف سقوط القادة الذين سبقوه فضلاً عن تداعيات حرب تموز/يوليو عام 2006.

لنبدأ مع ليفي اشكول الذي قيل أنه توفي بالسكتة القلبية عام 1969، والراجح انه مات غما بسبب نهوض العمل الفدائي الفلسطيني وهزيمة قوات النخبة “الاسرائيلية” في “معركة الكرامة” في غور الاردن وهي الأولى التي تخسرها “اسرائيل” بعد انتصارها الخاطف في حرب الايام الستة عام 1967. يذكر ان “الكرامة” شكلت منعطفاً تاريخياً في سيرة المقاومة الفلسطينية المستمرة حتى اللحظة.

بعد أشكول تولت الوزارة غولدا مائيير التي هزمت في حرب اكتوبر/ تشرين الاول عام 1973 واستقالت اثر هذه الحرب العام 1974، بعد ان هبطت شعبيتها وأصيب مواطنوها باحباط هو الأول من نوعه منذ تأسيس الدولة العبرية. ليخلفها مناحيم بيغن في العام 1977 الذي سقط هو أيضا بعد انهيار نتائج غزو لبنان عام 1982 وقيل انه تخلى عن رئاسة الحكومة بعد وفاة زوجته، والصحيح انه تنحى عام 1983 بعد محاكمات مجازر صبرا وشاتيلا، وإقالة وزير دفاعه ارييل شارون وتحميله مسؤولية تلك المجازر.

واستقال اسحق شامير عام 1992 بعد ان عجز عن الرد على سقوط الصواريخ العراقية على تل ابيب خلال حرب الكويت، وكانت الصواريخ العربية الاولى التي تسقط في قلب الكيان الصهيوني. واغتيل اسحق رابين عام 1995 لأنه ما انفك يؤكد لمواطنيه ان “اسرائيل” خسرت معركة الاحتفاظ بالاراضي العربية المحتلة وان عليها الانسحاب آجلاً أم عاجلاً والتفاهم مع ياسر عرفات.

واستقال شمعون بيريز عام 1996 بعد فشل عملية “عناقيد الغضب” في جنوب لبنان هذه العملية التي افضت الى اعتراف اقليمي ودولي هو الأول من نوعه بالمقاومة اللبنانية. وقد خلفه بنيامين نتنياهو الذي استقال عام 1999 بعد ان عجز عن الرد على العمليات الاستشهادية الفلسطينية ناهيك عن الخسائر الفادحة التي تكبدتها قواته في جنوب لبنان المحتل وقد مهر استقالته بالتأكيد على اعتزاله العمل السياسي.

وفي العام 2001 استقال ايهود باراك بعيد اندلاع “انتفاضة الاقصى” والانسحاب المهين من جنوب لبنان. اما شارون فقد اصيب عام 2006 بجلطة دماغية ومازال حتى اليوم في حالة غيبوبة ولعله لم يتمكن من مواجهة آثار انسحابه من غزة عام 2005 وتدمير المستوطنات الصهيونية المبنية فيها منذ العام 1967.

تفضي سيرة الاستقالات الحكومية في “اسرائيل” بعد العام 1967 الى تلازم مؤكد بين سقوط الزعماء “الاسرائيليين” ومعاركهم الفاشلة مع الفسطينيين والعرب. ولئن كان اخراج السقوط يتم عبر انتخابات مبكرة او مآس شخصية فهو من باب ابعاد الحدث عن سببه الحقيقي أي التسليم بهزيمة او بفشل او بالعجز عن المجابهة.

لا تخرج حالة ايهود اولمرت عن هذا السياق بل لعلها الاكثر وضوحا منذ نشوء الدولة العبرية.فقد سقط بتهمة الفساد في حين يعرف هو ويعرف الجميع من حوله ان سقوطه ارتبط عضويا بهزيمته في عدوان تموز يوليو عام 2006. كان عليه ان يرحل بعيد الحرب مع مرؤوسيه العسكريين الذين رحلوا لكنه بقي أو أبقي في منصبه درءا لسمعة الدولة العبرية التي بررت هزيمتها بسوء الادارة وليس بقوة المقاومة وكان عليها ان تبرر سقوط رئيس وزرائها بالفساد وليس بالهزيمة في الحرب.

ورابعها انه الزعيم “الاسرائيلي” الاول الذي خسر حربا ضد البلد العربي الاضعف والاصغر حجما جغرافيا وديموغرافيا بين بلدان المجابهة فضلا عن أن العديد من زعمائه يناهض المقاومة ويطالب بنزع سلاحها.

وخامسها أن اولمرت هو الزعيم “الاسرائيلي” الاول الذي يهزم في ظل اختلال كاسح في ميزان القوى العالمي والاقليمي لمصلحة الدولة العبرية.

موجز القول إن سقوط اولمرت بسبب حرب لبنان كان من شأنه ان يدفع بالارقام القياسية المذكورة الى واجهة المسرح وان يزيد حجم الانتصار اللبناني اضعافا، اما الفساد الذي أطاح به فهو من النوع الذي لا يخلو منه بيت سياسي “اسرائيلي” واحد. لقد أصيب اولمرت في حرب تموز/ يوليو 2006 إصابة قاتلة ولعله رضي أن تمهر وفاته بالفساد، ومع ذلك لم يخف عن مواطنيه حقيقة موته عندما حذر في خطبة الوداع: ستندم “اسرائيل” على كل يوم يمر من دون ان توقع السلام مع جيرانها.
"الخليج"

التعليقات