31/10/2010 - 11:02

الدروز في فلسطين: بين سهام المتخلفين في المتاريس وسهام الأعداء./ سعيد نفاع

سهام المتخلفين في المتاريس لا بدّ إلا أن تلتقي مع سهام الأعداء !

الدروز في فلسطين: بين سهام المتخلفين في المتاريس وسهام الأعداء./ سعيد نفاع
عندما تسلق أعضاء الحركة الوطنية العروبية بين دروز الداخل ممثلة بميثاق المعروفيين الأحرار، قبل عقد من الزمان، جدار العزلة بعد أن عيل صبرنا من الاكتفاء بالدقّ عليه من الداخل، وبعد أن صم آذاننا ضجيج معاولنا التي دأب من دأب أن يبقيها مثلومة، عندما تسلقناه وبدعم الحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل،عاملين على دقّ رأس الجدار قبل أسسه فاتحين فيه الثغرات الواحدة تلو الأخرى ، لم تسلم ظهور المتسلّقين من سهام أقواس من تخلفوا في المتاريس الخلفيّة، والأشدّ مضاضة.
لكن قررنا أن لا نلتفت منطلقين رغم دمائنا السائلة من ظهورنا مؤمنين أننا سنتخطى مدى السهام فقط إن أبقينا صدورنا منطلقة نحو الأمام، وهكذا فعلنا وفعلا لم تعد تطالنا السهام الخلفيّة حتى وإن حاول أصحابها بين الفينة والأخرى التقدم والالتفاف، فخطانا كانت أوسع من أن تمكنهم ذلك، ولم يكن في أجسادنا متسع من كثرة سهام الأعداء فتكسرت النبال على النبال كقول المتنبي.

تجدنا هذه المرة مضطرين، مترددين، الالتفات إلى الوراء لأن هذه السهام ما زالت تطال المترددين في تسلق أطلال ثغرات الجدار في بداية خطواتهم وبداية تقحمهم مستمدين الشجاعة من الخارقين مواجهين سهام الأعداء التي انطلقت بغزارة على الوفد وقيادته ومرافقيه وما زالت، وإذ بسهام من كنانات لم نتوقعها تنطلق تخويفا للمتحفزين من حيث يدري أو لا يدري المطلق ومظلته الخوف (!)على الوفد والإنجاز الوطني الذي اجترحه!.

انطلقت هذه السهام ومنصة مطلقيها جاءت المرّة من على صفحات صحيفة الحياة يوم 2\10\07 بمقالة بقلم السيّد مرزوق حلبي (الدرزي)، ذيّلتها الصحيفة بأن القلم لكاتب فلسطيني (لاحقا نشرها في مواقع الكترونية أخرى في الداخل). يتعرض فيها "الكاتب الفلسطيني" لوفد التواصل العربي الدرزي الذي زار سورية مؤخرا متحديا القوانين الإسرائيلية خارقا جدار العزلة الصهيوني المفروض على عرب ال-48 منذ عقود لمنع التواصل (مع كل من كان خارجا ومن هو خارج عن المشروع الأميركو-صهيوني في محيط الجدار س. ن.)، ويخلص الكاتب إلى أن السوريين وضعوا الوفد الخارق للهيمنة، بين فكّي كماشة !!!
تجيء هذه السهام على ظهور الوفد ورئاسته، ومرافقيه تورية، تماما في اللحظة التي يتصدى أعضاء الوفد ورئيسه بصدورهم لسهام المؤسسة الإسرائيلية، حكومة ومخابرات وقوى يمين وقوى متصهينة من بين ظهرانيهم، هال كل هؤلاء ليس فقط النجاح الذي تحقق للوفد في ترسيخ أواصر التواصل، إنما هالهم ذلك التأييد الجارف بين الدروز أنفسهم ولأن القائمين على المشروع هم بالذات القائمون، القوى الوطنية العروبية بينهم الملتحمة بطبيعة الحال بالقوى الوطنية العروبية في الداخل الفلسطيني. أولم يكن الأولى بالمتخلفين في المتاريس أن يندفعوا للانضمام للمنطلقين ودعمهم في صدّ سهام الأعداء، بدل إطلاق السهام ومن الخلف وإن اختلفت المنطلقات؟ .

لقد جيّر الكاتب منصة لإطلاق سهامه، تماما في اليوم الذي تصدى حتى رؤساء المجالس الدرزية لزجهم على يد المجلس الصهيوني ضد الوفد، ببيان صحفي جريء أحرج المؤسسة الإسرائيلية، جيّر الكاتب منصة له "وقائع" من بنات خياله دعما لاجتهاداته، فمقالته مليئة بالمغالطات "الوقائعيّة" المقصودة. فلو أبقى موقفه في مجال الاجتهاد الشخصي لقلنا ذلك حقّه، لكن أن يحوّر وقائع ليجعلها رديفا لاجتهاداته فهذه قضيّة فيها نظر.
السهامّ التي أطلقها الكاتب الفلسطيني مرزوق حلبي مغموسة رؤوسها بالسمّ عن سبق إصرار، ولن تفيده لاحقا صعوبة "تعريبها" من أكوام السهام الأخرى، حتى وإن حاول جعل رؤوس المطلقة منها نحو الوفد وقيادته والقائمين على المشروع تحمل جرعة أقل للوهلة الأولى.
عندما بلغت هذا الشأو من الكتابة، كدت أعدل عن الاستمرار ولو من منطلق عدم تلبية رغبة الكاتب المستورة، فأشك أن مقالته يحسّ بها أحد عندنا على ضوء الوهج الذي نشرته زيارة الوفد، والتطرق لها لا بدّ سيلفت لها الأنظار. ولكن الذي حسم هو حق لنا على صحيفة الحياة وحق علينا لقرائها، نتوخى أن يدفع هذا الحق الحياة لنشر هذا الرّد، ليعرف قراؤها حقيقة ما وراء الأكمة.
ومن التعميم إلى التخصيص:
يسوق الكاتب الفلسطيني الدرزي مرزوق حلبي مقدمة لمقاله يعتبرها خلاصة وضع الدروز القائم في خانتي العلاقة مع الدولة وخانة العلاقة مع البقيّة الباقية من الشعب الفلسطيني في الداخل والعرب عامة، لا نريد أن نناقشه في هذا المدخل كونه يعبّر عن اجتهاد، والاجتهاد في نهاية الأمر يبقى اجتهادا مهما اعتقد المجتهد من نبوغ وعبقرية يميزان اجتهاده.
ويقول الكاتب الفلسطيني مرزوق حلبي:
أن المعركة على "الهيمنة" الصهيونية على الدروز بدأت قبل عقد من الزمن... هكذا لوحدها بدأت ! ولم يقل لنا أين كان هو من هذه المعركة ميدانيا حتى يتيح لنفسه اليوم تقييمها؟
ويتابع :
الزيارة خروجا على الهيمنة من خلال توكيد الهويّة الدينيّة كحق ينسجم بشكل عام مع القانون الإسرائيلي... (هكذا) أيوجد دسم مدسوس سمّا أكثر من ذلك؟
ويتحفنا:
والزيارة نتيجة لا بأس بها (!) لنضالات وطنية يخوضها دروز عروبيين في إسرائيل جنبا إلى جنب مع سائر العرب للإفلات من قبضة السلطة الإسرائيلية ومشاريعها... لو وقف الكاتب الفلسطيني مرزوق حلبي عند هذا الحد لغفرنا له تقييمه الذي لا بأس به (!) لإنسان نعرفه كثير الوعظ، ولحاولنا الاستفادة من وعظه رغم كثرة الواعظين.
ولكن، وعندما لاح في لا- وعيه خيال الشخصيات الوطنية القائمة على هذا المشروع ، وجد نفسه "يبق الحصوة" رغم اختلاف السياق، فنراه يقول:
لا نتوقع من الإسرائيليين سوى سياستهم القهريّة، علما بأنهم لا يمانعون صراحة أو خفية أي زيارة لمواطنين عرب في إسرائيل إلى سورية أو غيرها من دول الجوار باعتبار ذلك تطبيعا زاحفا وإن لم يكن عبر بوابتها هي أو بإشرافها المباشر... هكذا (!)
هل نحن بحاجة لأكثر من ذلك لنعرف الهدف الحقيقي المصوبة نحوه هذه السهام؟ ولنعرف أن رؤوسها مغموسة بالسم الزعاف تماما كما سهام الإسرائيليين"غير الممانعين" لا صراحة ولا خفية (!)، وإن اختلفت متاريس الإطلاق؟
فكيف يصح أن تكون الزيارة في آن من وجهة نظر الكاتب، نتيجة لا بأس بها لنضالات وطنيّة في نطاق المعركة على كسر الهيمنة الصهيونية على الدروز، وتطبيعا زاحفا لا تمانعه الصهيونية صراحة أو خفية ؟
لولا هذا الخلط ولولا اكتفى الكاتب ببقية ما ساق، لكنّا فعلا لم نخرج عن نهجنا ووفرنا على أنفسنا طاقات في الردّ نحن بأمس الحاجة لاستثمارها تماما في مثل هذه اللحظات التاريخية في معركة خاض فيها المناضلون الميدانيون كل واقعة بصبر وأناة ولكن بإصرار دافعين فيها ثمنا غاليا، رغم وعظ الواعظين والسهام الآتية من المتاريس الخلفيّة، معركة هي بأمس الحاجة اليوم لكل طاقاتنا.
ويستطرد:
فما أن خطونا هذه الخطوة من التحرر من الهيمنة الإسرائيلية حتى انقضّ النظام السوري يكرسها في مشاريعه ضد الوطنيين اللبنانيين...وليد جنبلاط...
خمس ملاحظات حول هذه:
الأولى: تقول فما أن خطونا... لم تخط يا مرزوق ولا خطوة لا أولى ولا ثانية ولن تخطو !
الثانية: كيف تصير الخطوة تحررا من الهيمنة الإسرائيلية، إن كانت إسرائيل، كقولك، لا تمانع صراحة أو خفية أي زيارة لأنها تطبيع زاحف؟ فهل علمت مثلا كم عدد الملفات الجنائية المفتوحة ضد "المطبعين" هؤلاء؟ أو هل تعلم أن رئيس الوفد الشيخ علي معدّي "المطبع" أحيل على التقاعد القسري من مهنته الدراسيّة؟
الثالثة: لسنا في سياق الدفاع عن "النظام السوري" ولا هو بحاجة للدفاع منّا، ويشرف أي نظام أن يكون معزولا عن المشاريع الأميركية الإسرائيلية، تماما مثلما يشرفنا هنا في الداخل أن نكون معزولين عن كل المشاريع الصهيونية تجاهنا.
ومع هذا، النظام السوري لم يفرض أية أجندة على الوفد لا شعبيّة ولا سياسيّة (كقولك)، الوفد وضع أجندته بنفسه واقترحها فرحّب بها المضيف دون أدنى تدخّل، ووئام وهاب لم يرافق وفدنا يوما كاملا كما تقول، فأنا شخصيا كمرافق للوفد لم أره. المناسبة التي ظهر فيها وئام وهاب خطيبا هي مناسبة وداعيّة لوفد الجولان تقام سنويا تشارك فيها وفود كذلك من لبنان جاء وئام وهّاب مرافقا لها.
وحتى إن جيء به ليخطب كقولك فما الضّير الذي لحق بوفدنا؟
أويصير كل الإنجاز الذي تحقق في كسر الهيمنة الإسرائيلية قزما، كما تقول، بسبب هذا؟ أويمّحي ويقزّم الإنجاز بكسر جدار العزلة فقط لأن وئام وهاب خطب أمام الوفد ليس في الوفد كصياغتك؟!.
طبعا لا نقول هذا دفاعا ولا تبريرا، ولا لتصدقنا أنت أو غيرك من أي متراس كان، فعندنا الأمر سيّان.
الرابعة: عندما انطلقت مسيرة التواصل، لم يكن الوضع بين سورية ووليد جنبلاط كما هو اليوم، ومن لقائنا الأول في الأردن يوم 19\5\01 انطلق وليد جنبلاط إلى لقاء الرئيس السوري مباشرة، ولم نسمع منك يومها اعتراضا وإن لم تكن شريكا كذلك في انطلاقة المسيرة.
الخامسة: ليس سرّا أن بيننا وبين وليد جنبلاط اختلافا في وجهات النظر حول بعض الأمور، وقد ضمّناها بيانا مكتوبا حينها نشر في الكثير من وسائل الإعلام، وتبودلت بيننا وبينه الخلافات في وجهات النظر وجاهيا وبصراحة تامة، لكننا لم نبن موقفنا ولن نبنيه على منطلقات "درزيّة" مثلما يبني الكاتب مواقفه، فمواقفنا منطلقة من انتمائنا الوطني والقوميّ أولا وقبل كل شيء ورؤية لا غضاضة عليها في معرفة الصديق ومعرفة العدو، ولا أحسبنّ وليد جنبلاط ومهما كان الظرف، قابلا لمثل هذه "الفزعة" التي يأتيه بها الكاتب ولا أظنّنه مشاركا الكاتب التقييم للوفد.
عودة على بدء:
ما زالت الأصداء التي خلفتها هذه الزيارة أو على الأصح هذا اللقاء مع الأهل في سورية بكل انتماءاتهم، فإن ننس لا يمكن أن ننسى الاستقبال الذي تم للوفد في كنيسة بلدة صحنايا فما زالت أصوات الأجراس المرحبّة ترن في الأبدان. ما زالت الأصداء تشغل بال المؤسسة الإسرائيلية على اختلاف هيئاتها، فتماما وعند كتابة الكاتب مقاله كان المجلس الصهيوني القطري بمديره العام موشي بن عطار يكتب وينشر ما كتب في صحيفة "معاريف"، مطالبا رئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلي ووزير الداخلية، ملاحقة الوفد ورئيسه الشيخ علي معدي ومرافقه النائب سعيد نفاع، مطلقا سهاما مسمومة بكل العنصرية التي يتفتق عنها ذهن مريض، لكن هذه السهام ورغم حملها السم الزعاف تبقى أقل خطورة من السهام الأخرى المنطلقة على الظهر من متاريس تخلفّ مفترشوها أو التفّ أو يحاول أن يلتفّ مفترشوها، حري على مفترشيها الانطلاق ودون التفاف ليوجهوا سهامهم على الأقل في الاتجاه الصحيح وفي الوقت الصحيح وعلى الهدف الصحيح.

النائب سعيد نفاع

التعليقات