31/10/2010 - 11:02

حنين زعبي في أروقة الكنيست../ يونس العموري*

حنين زعبي في أروقة الكنيست../ يونس العموري*
... حنين زعبي الأسم الجديد لسيدة الصوت العربي المقتحم لأسوار الكنيست الإسرائيلي بدأت معركتها بشكل مبكر مع طغيان اليمين المتطرف في أروقة البرلمان العبري، والذي تحاول من خلاله حنين وما تمثل من أن تنطق بلغة الضاد العربية وسط عنصرية الكلام والمواقف. وبلا شك إنها معركة لها الكثير من الإرهاصات وقد تكون ساحة نضالية أخرى من ساحات إثبات الحق والعمل على تكريس الهوية العربية الفلسطينية.

فمرة أخرى تحاول المؤسسة الإسرائيلية إرهاب الصوت العربي الوطني المنطلق من أساسيات الفكر القومي العروبي والمستند على الحق بممارسة الحياة في ظل موازين طغيان عنصرية الدولة العبرية، وأحقية الفلسطيني أن يحيا بوطنه الأصلي والتاريخي، وأن يمارس نضاله ضد الفعل العنصري الإقصائي الهادف إلى إحالة الفلسطينيين داخل الخط الأخضر إلى مجرد أرقام عبثية مشتتة مبعثرة فيما يسمى بالدولة الإسرائيلية، وهو الأمر الذي بات لا يخفي على أحد حيث السياسات الرسمية لكافة دوائر دولة الاحتلال بمختلف مستوياتها وتوجهاتها والتي تنظلق من أجل تقزيم التأثير العربي الفلسطيني الوطني في المعادلة الوجودية للخارطة الديمغرافية في فلسطين التاريخية، وهو ما بات يزعج المؤسسة الإسرائيلية، بل إن الإزعاج هذا قد أضحى واضح المعالم، خصوصا بعد أن تم تأطير الفعل العربي الفلسطيني بالأطر الوطنية غير الصهوينية بمعنى ان عرب 48 اليوم قد اصبح لديهم مؤسساتهم المعبرة عن الذات الوطنية برموزها الفلسطينية العربية على أساس حماية الوجود العربي أولا، والنضال من أجل حقوق المواطنة ثانيا، وإحباط المؤامرات التي تستهدف الهوية العربية بشطبها ومحوها واسرلة الجماهير العربية، وإحالتهم إلى مجرد أقلية قومية تعيش على هوامش المجتمع الإسرائيلي كمواطنين من الدرجة العاشرة يعملون كحطابين وسقائين وحمالين.

ومما لاشك فيها أن ثمة جدلية تصل إلى حد الفعل التناقضي يفرض نفسه أمام المواطن العربي (الإسرائيلي ) يتوجب فعلا إبداعيا خلاقا للتوافق ما بين قوميته العربية وما بين مواطنيته في إطار الدولة الإسرائيلية، وهو الفعل الذي يتطلب توازنا وانسجاما والذات الجمعية الجماعية للخروج من حالة التناقض والبعثرة، إذا ما جاز التعبير، مع الاحتفاظ بهوامش الخصوصية للجماهير العربية ككل، وهو الأمر الذي حاولت العمل عليه القوى والأحزاب العربية داخل الخط الأخضر.

ومن الطبيعي أن تتعامل الفعاليات والأطر العربية بهذا الشأن ومن خلال قوانين الفعل المسمى بالديمقراطية في إسرائيل، مع العلم أن العبور إلى قواعد اللعبة الديمقراطية الاسرائيلية له استحقاقات وأثمان تفرض نفسها على المجتمع العربي الفلسطيني بالدولة العبرية كأمر واقع لا انفكاك منه، ولابد من التعاطي معه ومع هذه التناقضات، والحفاظ على خصوصية الواقع العربي كواقع مختلف تماما عن وقائع الدولة العبرية سياسيا وثقافيا، وجذور تاريخية أيضا تفرض نفسها ومعطياتها حتى على الذات الإسرائيلية. ومن هنا من الممكن فهم وتفهم معادلة العبور نحو الكنيست الإسرائيلية كواقع من خلاله من الممكن التأثير بالتفاصيل الحياتية اليومية للجماهير العربية.

لاشك أن المجتمع الإسرائيلي بقواه اليمينية وحتى اليسارية لم ينضج بشكل كاف حتى يستوعب الخطاب العربي القومي الذي يحاول حزب التجمع الوطني الديمقراطي المجاهرة فيه ضمن هوامش ضوابط العملية الديمقراطية الإسرائيلية الذي يقبل المواطنة الاسرائيلية كأمر واقع ويقبل ويتقبل العيش في إطار الدولة كواقع لا فكاك منه، بل كونه مرتبط بخيار الصمود في المدن والقرى العربية، الأمر الذي أصبح التعاكس وهذا الفهم يعني الطرد والترانسفير خارج إطار الكيان الإسرائيلي، وبالتالي فإن المواطنة شئنا ام أبينا قد ارتبطت بفعل الصمود.

إن المعادلة الخلاقة التي عمل ويعمل عليها التجمع والتي اتضحت من خلال الخطاب السياسي وحتى الفكري والمعالجات اليومية لقضايا المواطنين العرب قد أثبتت صحة هذه النظرية، وبالتالي من الطبيعي أن يغادر نواب حزب التجمع قاعة الكنيست (د.جمال زحالقة وسعيد نفاع وحنين زعبي)، قبل عزف نشيد "هتكفا" الإسرائيلي ... واعتقد ان تصريحات السيدة حنين زعبي قد جاءت منسجمة مع ذاتها ومع منهجها السياسي، وبالتالي الفكري وانتمائها العروبي حينما قالت ("كل طقوس الجلسة الافتتاحية للكنيست لا تمثلني، بل تمثل ما هو نقيض لي ونقيض لتاريخي ولشعبي ولوجودي". وبالتالي يجيء فعل مغادرة قاعة الكنيست طبيعيا وحقا من الحقوق التي يكفلها القانون ذاته. ومن الطبيعي أيضا وبذات السياق أن تقوم الدنيا ولا تقعد من قبل اليمين الإسرائيلي على هكذا خطوة، حيث طالب كاتب يميني برفع الحصانة البرلمانية للنائب الجديدة عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، السيدة حنين زعبي، وبطردها من الكنيست، وبمحاكمتها كونها أهانت رموز الدولة.

لا بد من الإدراك أن الفلسطينيين في الداخل ككل يرفضون هذه الرموز للدولة العبرية، كونها بالفعل لا تمثلها ولا تنتمي لتراثها وجذورها، بل إنها تأتي على حسابات الموروث القومي والثقافي، وبالتالي الوطني. ولا بد أن يدرك المجتمع الإسرائيلي بكافة قواه وأحزابه وتشكيلاته أن للعرب رموزا أخرى غير رموزهم وتراثا قوميا ثقافيا آخر.

اعتقد أن النائب حنين زعبي قد أصابت عين الحقيقة، ووضعت الأمور في نصابها الصحيح، ولا يمكن تأويله أو القفز عن الحقيقة الفعلية بصرف النظر عن المتناقضات ما بين الموروث الفكري القومي وما بين المواطنة الإسرائيلية حيث أن حزب التجمع بالفعل يشكل تحديا حقيقيا لأيديولوجيا ومؤسسات وسياسات الدولة اليهودية.

التعليقات