31/10/2010 - 11:02

سياسة "الشاباك"../ حجاي إلعاد*

سياسة
هل يحق للفرد في دولة إسرائيل بأن يحلم بمستقبل بديل مُغاير للمبنى الحالي للدولة "اليهودية والديمقراطية"؟ هل يحق له أنّ يتبنى عقيدة ومنظومة سياسية أو جماهيرية تدفع قدما نموذج "الديمقراطية التوافقية" أو "دولة كل مواطنيها" أو أيّ نموذج ديمقراطي آخر؟ وباختصار- هل تجيز له الديمقراطية بأن يحلم بالديمقراطية؟

يُفترض بأنّ الإجابة على هذا السؤال من البديهيات: الديمقراطية تضمن لمواطنيها حرية العقيدة وحرية التعبير وحرية العمل السياسي، خاصة عندما يدور الحديث عن قضايا جوهرية تشغل الرأي العام. لكن في دولة إسرائيل، وبقرار من جهاز الامن العام وبدعم من المستشار القضائي للحكومة، الجواب هو بالنفي، إذا تعلق الأمر، على وجه التحديد، بمواطني الدولة من الفلسطينيين، الذين يجرؤون على الحلم بمبنى ديمقراطي مستقبلي بديل للمبنى الحالي لدولة إسرائيل.

منذ سنة تبنى "الشاباك" سياسة لا أساس قانونيًا لها، بموجبها تندرج حماية يهودية الدولة بضمن مهامه وصلاحياته، بحيث يصبح "الشاباك" مُخوّلا بملاحقة نشاطات قانونية (أو نشاطات "ليست خارجة عن القانون"- على حدّ تصريحات الشاباك المبهمة)، والتي "تحتك"، بموجب "الشاباك"، مع يهودية الدولة. لقد قرر "الشاباك" ووافقه في ذلك مزوز، أنّ هذه النشاطات -والتي هي جزء لا يتجزأ من حرية التعبير- يمكنها أن تكون نشاطات "تآمرية" ممنوعة في الوقت ذاته.

وتتمة لهذه السياسة، إستدعى "الشاباك" في الأشهر الأخيرة صحفيين ونشطاء حقوق إنسان ونشطاء سياسيين للتحقيق معهم، بعد أن قرّر أنّ نشاطهم لا يروق له. "الشاباك" يسمعهم تهديدات مبطنة وأحيانا مباشرة، يؤكد لهم بأنهم تحت رقابة دائمة، يلمح لهم حول حياتهم الشخصية ويحذرهم من مغبة متابعة نشاطهم ومن مغبة تعرضهم لمساءلة جنائية عنه وبالرغم من أنّ نشاطهم هذا هو قانوني وشرعي. هذا ما حصل مع الصحفيين، مع نشطاء حقوق إنسان ومع نشطاء آخرين. "الشاباك" يحاول دبّ الذعر. تسلسل الأحداث هذا لا يمكن أن يكون من باب الصدفة. هل تم توجيه "الشاباك" أم أنّ خطة قد انبثقت عنه لإحباط نشاطات ليست خارجة عن القانون لكنها "تحتك"، على حدّ تعبيره، مع تعريف الدولة كدولة يهودية؟

هذا الوضع يجب أن يقض مضاجعنا جميعًا، وليس مضاجع المواطنين العرب فقط. إنّ سياسة "الشاباك" التي تهدف الى المسّ بحرية التعبير وحرية العمل السياسي في سياقات تقع في صلب القانون هي غير قانونية بحدّ ذاتها وتشكل خطرًا على الديمقراطية. لهذا، على كل فرد تعزّ عليه حرية التعبير أن يقلق من نهج "الشاباك" هذا. إنّ الدفاع عن حرية جزء من الجمهور بالتعبير عن طموحاته وحمايتها هي حماية لحرية التعبير لنا جميعا الآن وفي السنوات القادمة.

الضبابية "الإبداعية" من صنع "الشاباك" هي التي تتيح هذا النهج الخطير، الذي يحاول تشويه نشاط يندرج تحت إطار حرية التعبير وصبغه بصبغة "التآمر" و"السرية" من خلال صياغة مصطلحات مبهمة كتلك التي يستند عليها "الشاباك". جمعية حقوق المواطن في إسرائيل عادت وتوجهت الى المستشار القضائي للحكومة بمقولة واضحة: دولة، تدعي بأنها ديمقراطية، لا يمكنها التعايش مع أساليب تحقيق وسيطرة وقمع، تُذكِر بالأساليب التي تنتهجها الأنظمة الشمولية. إنّ نهج "الشاباك" هو الذي "يحتكّ" مع القانون وليست النشاطات التي يحاول إحباطها.

من الأفضل لمزوز أن يكفّ عن تقديم دعمه "للشاباك" عندما يقوم الأخير بإنتهاك القانون، أو عندما يقوم بكمّ الأفواه، بدلا من حماية حرية التعبيرعن الرأي. إنّ التمسك بالحقوق والمبادئ الأساسية، كحرية التعبير وحرية العمل السياسي، هو الضمان الأقوى للحفاظ ليس فقط على مؤسسات الديمقراطية، بل للحفاظ على أمن الجمهور أيضا.

التعليقات