31/10/2010 - 11:02

كــرامــة../ د.عبد الرحيم كتاني*

كــرامــة../ د.عبد الرحيم كتاني*
ليس للكرامة علاقة بالقوة أو بالمال، فالغنى، كما نقول، غنى النفس، بل عادة ما يكون الفقراء أكثر تمسكا وحفاظا على كرامتهم من الآخرين. إن الاستفزاز والابتزاز الذي يمارس بحق الشعب الفلسطيني في كل يوم وفي كل لحظة يحرك المشاعر المتلبدة ويخرج الإنسان عن طوره، هذا إذا كان إنساناً أصلا وإذا كان لديه مشاعر.

القيادة الفلسطينية، طبعا مستثناة من هذه البديهيات، فهي تملك من الجلد والتحمل ما يجعلها تتفوق على أيوب. أما أنا، كمواطن، فلم أعد احتمل هذه الإهانات توجه لي ولأبناء شعبي دون أن اصرخ، وذلك أضعف الإيمان، حتى لو كانت صرختي في واد سحيق لا اسمع صداه إلا أنا وحدي.

لا يمر يوم دون أن تقرأ أو ترى أو تسمع عن إهانات الحواجز والسجون والاستيطان والقدس والمصادرة.. دون أن تسمع تعليقا أو استنكارا أو رفضا أو موقفا يشعرك انك تنتمي لقوم، لأمة، لعشيرة أو، حتى لقطيع غنم؟؟!!

يعلم كل مواطن على هذه الأرض الطيبة انك إن تعرضت بسيارتك لحمار أو عنزة فان صاحب القطيع يزجرك ويلاحقك حتى تعوضه عما لحق به، أما عندما يتعلق الأمر بإنسان، مواطن، فليس له إلا الله.

النساء تهان على الحواجز وتضطر للولادة في الشوارع والأمهات تضرب وتلاحق من الكلاب (المدربة )والشباب يضربون بقسوة على أعضائهم التناسلية!! والأطفال يتم إخراجهم ليلا ورميهم في الشوارع وحجزهم لعدة ساعات في العراء والبرد ويتكرر المنظر في نابلس كل يوم تقريبا، ولا من يصرخ؟؟؟

أذكر منذ خمسة عشر عاما (تقريبا) أن كان في زيارتنا (للأرض المحتلة) وزير الخارجية البريطاني السابق السيد (المرحوم )كوك، وأخذه المسؤولون الفلسطينيون في القدس ليرى بأم عينه ماذا يفعل الإسرائيليون في جبل أبو غنيم، حيث كانوا يجرفون الأراضي ويستعدون لإقامة مستوطنة جديدة هناك. الرجل أعرب عن استيائه وغضبه من المخططات الاستيطانية والتهام الأراضي الفلسطينية وتغيير الواقع في المدينة المقدسة، فما كان من نتانياهو، وكان وقتها وزيرا للخارجية، إلا أن ألغى دعوة للغداء كان قد أعلن عنها مسبقا للوزير البريطاني عقابا له على تصرفاته!! هل يوحي لنا هذا المثال بشيء؟ وهل يذكر أحد ماذا حل بجبل أبي غنيم – لقد أصبح اسمه مستوطنة "هار حوما"..

منذ أقل من أسبوعين زارنا في فلسطين وزير خارجية النرويج وعقد اجتماعا مع السيد إسماعيل هنية كرئيس لوزراء السلطة الفلسطينية، في إشارة منه إلى أن دولته لا تستوعب ولا توافق على استمرار مقاطعة حكومة الوحدة الوطنية – كما سميناها ( بعد اتفاق مكة واعترافها بإسرائيل) فكانت النتيجة أن رفض المسؤولون الإسرائيليون مقابلة الوزير النرويجي عقابا له، فهل يوحي لنا هذه المثال بشيء؟

لماذا تصر قيادتنا على إهانتنا بهذا الشكل؟ لماذا يسمح لهذه التافهة المسماة انجيلا ميركل أن تغازل أولمرت وشاليط وعائلته والـ"ياد فشيم" ولا يطلب منها أن تذكر 12 ألف أسير فلسطيني بكلمة أو موقف؟ أأسراهم في الجنة وأسرانا في النار؟ لماذا لا نصر على أن تزور الجدار العازل ليذكرها بجدار برلين؟ هل نحن قاصرون؟ اقسم أنني أتمنى أن انتمي لأية امة عندها كرامة وحكومتها تدافع عن أبنائها كإسرائيل أو إيران!! وبمناسبة الحديث عن إيران هل يعتبروننا بلا عقول أيضا لنصدق أن إيران أصبحت عدونا بدلا من إسرائيل؟

هل يسمع "رئيسنا" و"رئيس وزرائنا" و"وزراؤنا "عن هذه الإهانات؟ كيف يقبل، مثلا، " وزير فلسطيني" بتلبية دعوة لزيارة أي بلد تعلن مسبقا أنها تتعامل معه وترفض التعامل مع زميله الذي لا يعترف بإسرائيل!!!؟ هل كانت إسرائيل لتقبل بان يفرض عليها هذا الموقف من أي دولة كانت، حتى لو كانت الولايات المتحدة التي تعتبر الشريان الرئيسي الذي يمدها بالحياة؟

هل أصبحت يدنا هي السفلى دائما لنقبل هذه الإهانات؟ هل زرتم نابلس خلال السنوات الست الماضية لتعرفوا معنى الكرامة واللاكرامة؟ وأخيرا، وليس آخرا، هل يعرف أبو مازن وإسماعيل هنية بهذه الأوضاع؟..

التعليقات