31/10/2010 - 11:02

كيف يكون الوفاء للحكيم جورج حبش؟ / نضال حمد

-

كيف يكون الوفاء للحكيم جورج حبش؟ / نضال حمد
سنة كاملة مرت على غياب الحكيم الكبير، الزعيم العربي ،الشخصية الثورية الأممية، المعلم الصادق والقائد الجماهيري.. الذي رحل عن عالمنا ونحن في فلسطين بأشد الحاجة لقادة مبدئيين من امثاله. لقد كان جورج حبش معلماً ثورياً بكل معنى الكلمة ، جاء ومضى نظيف الموقف والكف والسمعة والانتماء. بفقدانه خسرت القضية الفلسطينية رمزاً مميزاً من رموز عزتها وديمومة ثورتها. كان الحيكم قائداً صادقاً ، يؤمن بالشعب أشد الايمان لذا التصق طوال مسيرته الكفاحية بالفقراء والمظلومين.فترك وظيفته الانسانية كطبيب في عيادته ليمارس عملاً أكثر انسانية يخدم من خلاله أمة بكاملها. أسس حركة القوميين العرب ، ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقادها لسنوات طويلة، والجبهة الشعبية أحدى أهم فصائل العمل الوطني الفلسطيني على مر سنوات النضال والكفاح والثورة.كان الزعيم الحكيم شديد الايمان بالثورة المستمرة لأجل تحرير الأرض والانسان. عمل بكل صدق ووفاء وثقة وايمان وانتماء لأجل استعادة الحقوق المغتصبة والأرض المسلوبة. لم يرتد في أشد الأزمات السياسية والميدانية وفي أحلك أوقات الانهيار الداخلي الفلسطيني عن مبدأ الوحدة الوطنية الفلسطينية. لكنه كان مع الوحدة على أساس التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية وبنهج الثورة المستمرة وبالبنادق المشرعة بوجه الأعداء، لا على أساس الغاء الميثاق الوطني الفلسطيني، وتحويل الفدائي الى شرطي يقمع شعبه ويتقاضى نهاية كل شهر مرتبه بالفيزا كارت. ولا على اساس شطب دور منظمة التحرير الفلسطينية وتحويلها الى أداة بأيدي مجموعة من المنتفعين والمغامرين بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني. كان الحكيم ينتمي لكامل تراب فلسطين. لم يؤمن في حياته بأن التخلي عن الحقوق سيقود الى الحرية والاستقلال، بل عكس ذلك تماماً كان مؤمناً بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة. لذا عمل بدأب في تقوية الجبهة والمنظمة، لكن المرض جعله يتخلى عن مسؤولياته ويلتزم منزله، مفسحاً المجال أمام رفاقه الآخرين لقيادة التنظيم ومواصلة درب الآلام على طريق تحرير الأرض واعادة اللاجئين واستعادة الحقوق.

حلت قبل أيام الذكرى الأولى لرحيل الحكيم حيث كان الشعب الفلسطيني بمقاومته الفلسطينية المنوعة في قطاع غزة خاض للتو موقعة ملحمية مع الاحتلال الصهيوني. لم تنجح الهمجية الصهيونية في كسر شوكة المقاومة واخضاع شعب فلسطين في القطاع. بل زادته قناعة وايمان بأن المواجهة مع الأعداء حتمية مصيرية. وبأن أي طريق آخر لا نجاح له. فقد اثبتت الصهيونية من جديد انها غير مستعدة للسلام الذي غاصت في أوحاله جماعات فلسطينية للأسف لم تستفد ولم تتعلم من التجربة.

إن سلام الشجعان الميؤوس منه هو الذي شق الساحة الفلسطينية وهدم منظمة التحرير الفلسطينية ، البيت الفلسطيني الذي بناه الشعب بدماء وتضحيات عشرات آلاف الفلسطينيين. والسلام المذكور هو الذي دمر القضية الفلسطينية ، وخلق فئة مسترزقة ، مستفيدة ، مهيمنة ، سرقت القرار الفلسطيني واختطفت منظمة التحرير الفلسطينية. تلك الفئة التي كانت اعتقلت رفاق الحكيم بناء على رغبة شركاءها في السلام العتيد، ومعاقبة لهم لردهم على اغتيال أبو علي مصطفى أمين عام الجبهة في رام الله ، باغتيال الوزير الصهيوني زئيفي. اعتقلت أحمد سعدات الأمين العام الثالث للجبهة ورفاقه ، أودعتهم سجن اريحا حيث قام الصهاينة في ما بعد باعتقالهم ومحاكمتهم.

سلام الشجعان هو الذي حول الشعب الفلسطيني الى مجموعة من المتسولين لدى الدول المانحة والمؤسسات الدولية العديدة. وسلام الشجعان هو الذي أخرج فتح من معادلة الصراع ، وشطب دورها كحركة وطنية فلسطينية رائدة. وهو الذي جعل اللجنة التنفيذية للمنظمة شاهد زور وشريك في تمرير الاتفاقيات المرفوضة مع الاحتلال. وهو الذي يجعلنا نناشد رفاق الحكيم أن يقفوا وقفة عز تليق بتاريخ وتضحيات الجبهة الشعبية. وأن يكفوا أو يعلقوا أو يجمدوا مشاركتهم في اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي ، حيث لم يعد هناك من عمل للمؤسستين سوى تمرير ما يريده رئيس اللجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية.

مكان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هو المكان الذي اراده الحكيم وابو علي مصطفى وغسان كنفاني ووديع حداد وجيفارا غزة وكل شهداء الجبهة، أي في الميدان وحيث المقاومة وفي الدفاع عن حقوق وقضية الشعب الفلسطيني. وعن وحدة هذا الشعب ، الوحدة الحقيقية، لا وحدة المصلحة والقبول بشهادة الزور. ومكانة الجبهة الشعبية تتعزز برفض الانقسام والبدائل ، وتكبر بالتأكيد على ضرورة ايجاد مرجعية وطنية فلسطينية حقيقية داخل منظمة التحرير الفلسطينية. تأتي بالانتخابات الشعبية في الداخل والخارج. تطيح بنهج الاستسلام والفساد، ثم تصبح صاحبة القرار الفلسطيني.

لا يمكن القبول باستمرار اختطاف المنظمة من قبل البعض والهيمنة عليها والتصرف بها وكأنها شركة خاصة لبعض الأشخاص أو لفصيل بحد ذاته.فكيف إذا كان هذا الفصيل يعاني من مئات المشاكل والأزمات ولم يستطع لغاية اليوم توحيد صفوفه أو اتخاذ موقف واضح فيما يخص القضية الوطنية وعملية السلام المنبوذة والفاشلة التي وصلت الى طريق مسدود. الاحتلال نفسه كشف بنفسه عن عقمها وعدم امكانية استمرارها. وكيف إذا كانت بعض غالبية تلك الجماعات تهاجم كل صوت وطني شريف بداخل فتح أو المنظمة، وتتهمه بالعمالة لأنه يعارضها. ألم يشن هؤلاء الذين يختطفون القرار الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية أشد الهجمات على قيادات وشخصيات وطنية قيادية في فتح وفي المنظمة، فقط لأنها اختلفت معهم في الطروحات والرؤية سابقاً وكذلك اثناء وبعد العدوان على غزة.

أن الوفاء للقائد التاريخي حكيم فلسطين يكون بالعمل على تعزيز الموقف المقاوم والعقلاني في الساحة الفلسطينية. موقف الدعم للمقاومة والرفض للبدائل خارج اطار الوحدة على الثوابت. فلا قبول باستمرار هيمنة شرذمة من منتهيي الصلاحية وفاقدي الشرعية الشعبية على المنظمة. يجب تشكيل مرجعية وطنية فلسطينية تستعيد منظمة التحرير الفلسطينية من خاطفيها وتعيد بناء البيت الفلسطيني على أساس التمسك بالميثاق الوطني وبالثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية. هكذا يكون الوفاء للحكيم الراحل زعيم نهج الثورة المستمرة.

* مدير موقع الصفصاف www.safsaf.org


التعليقات